5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    وزير التعليم العالي: مليون طالب يدرسون في 185 معهدا خاصا بمصر    بالصور- رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات كلية الآداب    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    مصر للتأمين الراعي الماسي لمنتدى «أفريقيا تنمو خضراء» للتمويل المناخي    حملات مكبرة لغلق مغاسل السيارات المخالفة في الغردقة    افتتاح المتحف المصري الكبير.. أحدث صور لأعمال التطوير    توريد 544 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع محافظة الشرقية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    الأمم المتحدة: امرأة تستشهد كل ساعة في غزة    عبدالرحيم علي ينعى الكاتب الصحفي محمود التهامي    اتهام فلسطيني لإسرائيل بمحاولة تصفية قادة الحركة الأسيرة بالسجون    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    باكستان تؤكد التزامها بزيادة حجم التجارة مع الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة    عبدالمنعم عمارة: شركة سعودية تخطط للاستثمار في الإسماعيلي    فرج عامر: لابد من إعادة مباراة القمة .. وإلغاء الهبوط «قرار حكيم»    الزمالك يتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري سوبر السلة    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    باو فيكتور: لم أفكر في مستقبلي مع برشلونة.. وسأتخذ القرار المناسب    جمال العدل: عقوبة الأهلي بعد انسحابه مهزلة.. والدوري المصري أصبح أضحوكة    كلوب يفاجئ الجميع.. أوافق على تدريب هذا الفريق    الأرصاد: طقس الغد حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 31    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلاً    شوفنا الدم على هدومه.. جيران يكشفون تفاصيل ذبح أب على يد ابنه بأسوان    عامل يشرع في قتل صاحب ورشة بسبب الخلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل بسوهاج    ذكرى رحيل سمير صبرى وسمير غانم فى كاريكاتير اليوم السابع    نيللي كريم تبدأ تصوير فيلم «بروفة فرح»    دراما إف إم.. ماسبيرو يطلق أول إذاعة للمسلسلات في العالم العربي    الصور الأولى من كواليس فيلم «بنات فاتن» ل يسرا وباسم سمره    موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل    الأزهر للفتوى يوضح حجم الحجر الأسود وفضل استلامه ومسحه    إنجاز طبي بمستشفى أطفال مصر: إنقاذ رضيعة بتوسيع الصمام الأورطي بالبالون    طريقة عمل القراقيش بالملبن بخطوات بسيطة    سبق اتهامه فى عدة قضايا.. أمن الأقصر يضبط تاجر مخدرات    التعريب وثقافة الهوية.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    تجارة عين شمس تقترح إعداد لائحة دراسية لبرنامج تكنولوجيا الأعمال    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    الجيش السوداني: نقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    مستشفى أطفال مصر يجرى عملية توسيع للصمام الأورطى بالبالون عن طريق القسطرة لطفلة حديثة الولادة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    برواتب تصل ل15 ألف جنيه.. فرص عمل جديدة تطلب 5 تخصصات بشروط بسيطة    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    جامعة جنوب الوادي تدعو طلابها للمشاركة في "مسرح الحياة" لتعزيز الدمج المجتمعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما‮ ‬يموت الرجال‮!!‬
نشر في الوطن يوم 23 - 09 - 2013

عندما‮ ‬ودع اللواء نبيل فراج أسرته كان‮ ‬يعلم أنه قد لا‮ ‬يعود لكنه كان‮ ‬يقول إن مصر أغلى من الجميع..
أدى الصلاة ورحل طاهراً لكن القتلة أرادوا إفساد فرحة تحرير‮ «كرداسة».‬
قناة الجزيرة‮ «‬الملعونة» ‬حتى فى لحظات الموت‮ «‬تبثّ‮ ‬الأكاذيب وتردد الشائعات»!!‬
جنازة الشهيد كانت تأكيدا على أن الشعب والجيش والشرطة‮ ‬يد قوية ستدحر المؤامرة وتحقق الانتصار‮. ‬
كانت التعليمات قد صدرت.. ‬أدرك اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة، ‬أن اللحظة قد حانت، ‬كان سعيداً لأنه‮ ‬ينتظر لحظة المواجهة وتحرير‮ «‬كرداسة‮» ‬من‮ ‬يد الإرهاب‮.‬
طيلة خمسة وثلاثين‮ ‬يوما مضت، ‬كان‮ ‬ينتظر على أحرّ‮ ‬من الجمر، ‬هنا فى هذه المنطقة سقط زملاؤه شهداء، ‬لقد رأى جثثهم بأم عينيه، ‬أرواحهم تصرخ فى السماء، ‬يسترجع شريط الذكريات مع البعض منهم، ‬أحد عشر شهيداً، ‬سقطوا فى الرابع عشر من أغسطس بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة‮!!‬
كانت سعادته‮ ‬غامرة، ‬أخيراً سوف‮ ‬يحرر قطعة‮ ‬غالية من الوطن، ‬ظلت رهينة هى وأهلها فى‮ ‬يد هؤلاء القتلة الذين أزهقوا الأرواح، ‬ومثّلوا بالجثث، ‬وانتهكوا المحرمات، ‬وأذلوا المواطنين الأبرياء‮!!‬
مساء الأربعاء‮ ‬18‮ ‬سبتمبر‮.. ‬كان اللواء نبيل‮ ‬يلقى النظرة الأخيرة على الزوجة والأولاد، ‬طلب من أكبر الأبناء عمر أن‮ ‬يأتى بأخويه زياد وأحمد ليصلوا ركعتين لله جماعة، ‬كان الأب‮ ‬يؤم الأولاد والزوجة من خلفه، ‬كان‮ ‬يقرأ القرآن وكأنه‮ ‬يوصى أبناءه وزوجته، ‬كان صوته ملائكيا، ‬كأنه‮ ‬يعرف قدره‮. ‬
احتضن الزوجة والأبناء، ‬كان حضنه‮ ‬غريبا هذه المرة، ‬لقد ضمهم إلى صدره لفترة طويلة: «‬شدوا حيلكم‮ ‬يا ولاد، ‬أنا فخور بكم، ‬خلفت رجاله وحوش، ‬ياكلوا الزلط‮.. ‬خلوا بالكم من أمكم‮»!!‬
كانت كلماته بدلالاتها كأنها قصيدة‮ «‬الوداع الأخير».. ‬الأولاد تعودوا من والدهم على هذه الكلمات، ‬أدركوا أنه فى مهمة لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يفصح عنها، ‬لكنه حتما سيعود، ‬لم تكن تلك هى المهمة الأولى ولن تكون الأخيرة‮.. ‬
كانوا‮ ‬يعرفون أن والدهم ليس مِلكا لهم، ‬لقد وهب نفسه وروحه للوطن، ‬كان الرجل‮ ‬يزرع فيهم دوما روح الحب والانتماء، ‬نظرت الزوجة إلى وجهه، كان‮ ‬يتحاشى أن‮ ‬ينظر إلى عينيها، ‬إنه لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يفصح عن حجم المخاطر التى تحيق بمهمته هذه المرة‮.‬
قبيل أن‮ ‬يغلق باب شقته من خلفه مودعا، ‬نظر إلى الأولاد نظرة أخيرة، ‬كانوا‮ ‬يودعونه كعادتهم، ‬أمسك برؤوسهم الواحد تلو الآخر، ‬ضمهم إلى صدره، ‬وقبلهم قبلة الوداع‮.‬
مضى مسرعاً كأنه فى ‬لهفة إلى الشهادة، ‬كانت سيارة الشرطة تنتظره أمام باب منزله، ‬توجه إلى حيث‮ ‬يحتشد الرجال‮.. ‬
كانت صور أبنائه الثلاثة: عمر (17‬عاما) ‬وزياد (9‮ ‬سنوات) ‬وأحمد (‮ ‬5‮‬سنوات) ‬لا تريد أن تفارقه، ‬ثقته فى الزوجة كبيرة، ‬لقد ظلت طيلة تسعة عشر عاما ترعى البيت، ‬تتدبر الأحوال، ‬ثم تتولى تربية الأبناء وتسهر على أحوالهم، ‬قطعا أنا أتركهم فى‮ ‬يد أمينة‮!!‬
كان شعوره بالموت طاغياً، ‬لقد أسرّ‮ ‬بكلمات قصيرة إلى الزوجة، ‬قال لها‮: ‬سوف نذهب لتحرير كرداسة اليوم، ‬ولكن أرجوك ألا تخبرى الأولاد، ‬كل شىء سيمضى طبيعيا وسأعود إليكم سالماً‮ ‬غانماً إن شاء الله‮.
‬فى هذا المساء، ‬كانت الوصية لأكبر الأبناء‮ (‬عمر): «‬خلى بالك من دراستك ومن اخواتك‮ ‬يا عمر، ‬لا تنسَ أنت الكبير، ‬وأنا باعتبرك راجل البيت فى‮ ‬غيابى‮».‬
‮***
فى الطريق إلى كرداسة، ‬عاد اللواء نبيل بالذاكرة إلى سوهاج، ‬حيث الأسرة والأهل، ‬حيث الشجاعة والمروءة، ‬حيث الأصالة والانتماء، ‬هنا وفى هذه الأرض الطيبة نشأ نبيل فراج، ‬حقق حلم الأسرة وأصبح ضابطاً، ‬كانت عائلته تفخر به، ‬وكان أهل بلدته‮ ‬يرون فيه فارساً شجاعاً نبيلاً‮.. ‬
تاريخ طويل، ‬قضاه فى الشرطة، ‬هنا فى مدرسة الانتماء والوطنية، ‬كان‮ ‬يزرع دوما فى عقل أبنائه قيمة‮ ‬الوطن ‬ومعنى الانتماء‮.. ‬وكان‮ ‬يعدهم جميعا ليكونوا ضباطا‮ ‬يحملون الأمانة من بعده‮.‬
كان شريط الذكريات لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يتوقف، ‬كأنه‮ ‬يستعيد الماضى، ‬يأخذ منه العبرة، ‬يندفع مسرعاً ضمن التشكيلات التى مضت وسط الحقول والمزارع إلى‮ «‬كرداسة‮».‬
إنه‮ ‬يعرف جيدا ماذا سيفعل، ‬يدرك مهمته، ‬ويعرف أن اللحظة قد جاءت إليه، ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يهدف إلى الانتقام، ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يسعى إلى القتل، ‬كانت التعليمات حرروا المنطقة، ‬أنقذوا الناس الطيبين، ‬واقبضوا على القتلة والمجرمين، ‬لا تطلقوا الرصاص عليهم، ‬القانون هو السيد‮.‬
‮.. ‬تحركت جحافل الجيش والشرطة، تم توزيع المهمات، ‬ومع بدء العملية، ‬كان اللواء نبيل أول من قفز إلى الأرض، ‬قال لرجاله وكأنه على موعد مع القدر‮ «‬يللا‮ ‬يا رجاله‮.. ‬انووا الشهادة‮».. ‬تقدم الجنود، ‬كان ممسكا بسلاح فى‮ ‬يده وجهاز لاسلكى فى ‬اليد الأخرى‮.. ‬
كان بإمكانه أن‮ ‬يجلس فى الخلف، ‬أو‮ ‬يبقى فى المدرعة، ‬يصدر الأوامر والتعليمات، ‬لكنه أبى إلا أن‮ ‬يكون فى مقدمة الصفوف، ‬فجأة انهمرت طلقات نارية من مكان قريب، ‬يبدو أنها من مبنى مرتفع قليلاً‮ ‬عن الأرض وبمسافة لا تقل عن‮ ‬10‮ ‬ إلى ‬20‬ مترا، ‬فقد كانت المبانى تحيط بمنطقة وجود القوات‮.. ‬
انهمرت الرصاصات الواحدة تلو الأخرى، ‬سقط اللواء مضرجاً فى دمائه، ‬تقدم إليه سائقه والزميل تامر مجدى الإعلامى بقناة المحور والذى أظهر موقفا شجاعا نبيلا، ‬مضى نحوه بعض الضباط والجنود سريعاً، ‬حملوه إلى مدرعة كانت تقف بالقرب منه، ‬ثم إلى مستشفى الهرم حيث فاضت روحه‮.. ‬
كانت آخر كلمات رددها‮: «‬أولادى حيوحشونى، ‬نفسى أشوفهم قبل ما أموت‮»، ‬لكن القدر لم‮ ‬يمهله الانتظار ففاضت روحه وهو‮ ‬يردد أسماء أبنائه الواحد تلو الآخر‮.. ‬
كانت الزوجة والأبناء‮ ‬يتابعون ما‮ ‬يجرى فى كرداسة على الهواء، ‬كان قلب الزوجة منقبضاً، ‬كانت قلقة وهى تتابع الأحداث، ‬وفجأة فوجئت بسقوط الزوج شهيدا، ‬صرخت، ‬أطلق عمر صرخة هستيرية‮ «‬أبويا، ‬إنه أبويا‮»، ‬أمسكت الزوجة بالهاتف، ‬هاتفه النقال لا‮ ‬يرد، ‬تحاول الاستفسار من زملائه، ‬تنهمر الدموع، ‬ينطلق الدعاء‮ «‬استرها‮ ‬يارب»، ‬يهيمون على وجوههم إلى خارج المنزل، ‬إلى حيث‮ ‬يرقد الجثمان الطاهر فى مستشفى الهرم‮.‬
انتشر الخبر فى أرجاء الوطن، ‬انهمرت دموع المصريين، ‬حزنوا كثيرا على استشهاد هذا البطل الشجاع، ‬اغتال الإرهابيون فرحة المواطنين ببسط الأمن والجيش لسيادته على المنطقة بأسرها بعد ساعات محدودة من الاقتحام، ‬غير أن ذلك لم‮ ‬ينل من عزيمة زملائه الذين مضوا نحو تحرير المنطقة بأسرها‮.. ‬
كان الإرهابيون الذين فرضوا سطوتهم على أهالى‮ «‬كرداسة‮» ‬قد تمكنوا من الهرب، ‬تم القبض على العشرات الذين أشارت إليهم التحريات والمعلومات من بينهم بعض الذين شاركوا فى مذبحة كرداسة وإحراق قسم الشرطة وبعض المنشآت‮.. ‬
راحت قناة الجزيرة‮ «‬الملعونة» ‬تردد الأكاذيب، ‬وتقول‮: ‬إنه قتل بيد زملائه من مسافة قريبة، ‬اجتزأت كلمات لمسئول بالطب الشرعى عن سياقها وراحت تتحدث بشماتة حتى فى الموت، ‬قاتل الله‮ «‬الجزيرة‮» ‬وأسيادها فى قطر وواشنطن وتل أبيب‮!!‬
بعد تشريح الجثمان جاء تقرير الطب الشرعى ليفضح هؤلاء الكذابين، ‬جاءت الكلمات حاسمة قاطعة على لسان د.هشام عبدالحميد المتحدث الرسمى لمصلحة الطب الشرعى‮ «إن تشريح جثمان الشهيد أفاد أنه قتل بطلق نارى من سلاح طبنجة عيار‮ ‬9‮ ‬مللى من مسافة إطلاق تجاوزت الحد الأدنى للإطلاق وهى مسافة متوسطة تقدر بعشرة إلى‮ عشرين مترا ومن مستوى أفقى، ‬وأن الطلق النارى أصاب العضد الأيمن من الخارج للداخل، ‬واخترق جدار الصدر وأحدث تهتكا بالرئة اليمنى والبطين الأيمن والبطين الأيسر للقلب، ‬ثم أحدث تهتكا بالرئة اليسرى ونزيفا بالتجويف الصدرى، ‬ثم خرج من التجويف الصدرى ليستقر بيسار الصدر داخل العضلات‮.‬
ونفى الدكتور هشام عبدالحميد ما رددته جماعة الإخوان من أكاذيب وقال إن ما رددوه من أن استشهاد اللواء نبيل فراج قد جاء برصاص الشرطة عار تماما من الصحة، ‬وإن ما صرح به عبر الفضائيات هو أن مسافة الإطلاق تجاوزت الحد الأدنى للإطلاق، ‬والحد الأدنى المعروف لدى الأطباء الشرعيين والنيابة العامة هو من 10‮ ‬ إلى‮ ‬20‮ ‬مترا وأن الإخوان أغفلوا كلمة تجاوزت وأخذوا بقية التصريح وهو الحد الأدنى للإطلاق‮.. ‬
نعم لقد تعودوا الكذب، ‬أرادوا تصوير الأمر على‮ ‬غير صحيحه، ‬ولكن أكاذيبهم وأكاذيب‮ «‬الجزيرة‮» ‬ليست شيئاً جديداً، ‬إنهم‮ ‬يحقدون على مصر ويتمنون لها الخراب والضياع، ‬ولكن الله أكبر من كل هؤلاء القتلة‮.. ‬
‮***
عادت كرداسة إلى حضن الوطن.. أرادوها معزولة وتحت سيطرتهم، ‬ظنوا أن أسلحتهم ومتاريسهم ستمثل تهديدا للأمن، ‬فيتراجع عن الاقتحام، ‬لكنهم كما فى رابعة والنهضة ودلجا، ‬كانوا أهون من عش العنكبوت، ‬هربوا، ‬خوفا من قوة الرجال، ‬وكانت سعادة الناس بالجيش والشرطة‮ ‬غامرة، ‬هل تأملتم هذه السيدة التى راحت تدوس بحذائها على صورة محمد مرسى وتلعن الإرهابيين الذين عذبوا ابنها وأحالوا حياة القرية إلى جحيم؟ ‬هل سمعتم كلمات المواطنين الشرفاء من أهل القرية، ‬كانوا‮ ‬يرغمونهم على التظاهر، ‬عاش الناس على مدى‮ ‬35‮ ‬يوما لحظات الخوف والموت والدمار، ‬كانوا‮ ‬ينتظرون اللحظة التى تحققت على‮ ‬يد هؤلاء الأبطال وكانت دماء اللواء نبيل فراج ثمنا لهذا الانتصار‮.. ‬
وفى‮ ‬يوم الجمعة كانت مصر كلها تودع الشهيد، ‬تقدم رئيس الوزراء والفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان والعديد من الوزراء وكبار المسئولين‮.. ‬
‮.. ‬كان المشهد مهيباً، ‬أسرته، ‬زملاؤه، ‬أهله الذين جاءوا من سوهاج، ‬نساء كرداسة وشبابها، ‬وجمهور‮ ‬غفير من المواطنين البسطاء الذين هتفوا‮: ‬الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة‮.. ‬كانت أصواتهم مدوية، ‬عالية، ‬صادقة‮.. ‬
تم وضع جثمان الشهيد على عربة إطفاء ملفوفا بعلم مصر، ‬عزفت فرقة الموسيقى‮ «‬العسكرية» ‬لحنها الجنائزى، ‬تقدم آلاف المشاركين‮ ‬يزفون الشهيد إلى مثواه الأخير فى الجنة‮.. ‬كانت دموع نجله عمر وانحناءته على جثمان والده أثناء الصلاة قد أدمت قلوب المصريين‮.. ‬كان الكل‮ ‬يتابع الجنازة بحسرة، ‬هكذا هم المصريون، ‬الجسد واحد، ‬والهمّ‮ ‬واحد، ‬والمشاعر مشتركة‮.‬
وأمام قبر الجندى المجهول كانت الأسرة تتلقى العزاء، ‬لم تكن الأسرة هى فقط الزوجة والأبناء الثلاثة، ‬بل كانت مصر كلها حاضرة فى المشهد تتلقى العزاء‮.. ‬
كان ضباط وأفراد الجيش والشرطة مرفوعى الرأس والهامة، ‬لم‮ ‬يحزنهم كثيرا سقوط شهيد جديد من بين صفوفهم، ‬إنهم فرحوا بالشهادة دفاعاً عن الوطن وعن الناس وعن التاريخ الماضى والحاضر والمستقبل‮.. ‬
لقد ظلموا كثيرا فى فترات سابقة، ‬وتحديداً منذ الثامن والعشرين من‮ ‬يناير ‬2011، ‬كان الإخوان وراء كل المصائب، ‬كانوا وراء حرق الأقسام وإطلاق المجرمين من السجون، ‬أرادوها فوضى، ‬والفوضى لن تتحقق إلا بإسقاط جهاز الشرطة ومن بعده محاولة النيل من جيش مصر العظيم‮.. ‬
شنوا ومعهم‮ «‬الإعلام الرخيص‮» ‬حملة ضد رجال الشرطة ومن بعدهم الجيش، جاء وقت كان رجل الشرطة فيه مستهدفا من المواطنين العاديين، ‬وكانت الأسر والأبناء فى موقف الدفاع دوماً، ‬شيطنوا الشرطة ورجالها وصوروهم فى صورة القتلة الذين كانت مهمتهم الوحيدة إذلال الشعب وتعذيبه، ‬نسوا دور الشرطة وشهداءها على مدى عقود طويلة من الزمن‮.. ‬
صوروا البلطجية على أنهم شهداء‮ ‬يستحقون التكريم بينما رجال الشرطة الذين دافعوا وتمسكوا بمواقعهم كانوا هم الشياطين، ‬أصبح رجال الشرطة هم الهدف، ‬وهم وراء كل مصيبة تحدث، ‬حتى ‬لو كانت كل الأدلة تؤكد أنهم كانوا ضحايا وكانوا أبرياء‮.. ‬
نسى بعض الناس ميليشيات الإخوان ودورها وتحريضها، ‬غيب البعض عقولهم وراحوا‮ ‬يستمعون إلى وقائع مبتورة‮ ‬يرددها إعلاميون لهم أغراضهم وأجنداتهم‮.. ‬
فى فترة سابقة حاولوا تقسيم المجتمع، ‬وتفجير الشرطة من الداخل، ‬سعوا إلى تشكيل ميليشيات موازية، ‬هدفها السيطرة والهيمنة وإذلال المواطنين، ‬لتحل محل شرطة الدولة التى لم‮ ‬يكن لها ولاء سوى لمصر ولشعبها العظيم‮.‬
ابتدعوا شعار‮ «‬يسقط حكم العسكر» ‬ورددته من ورائهم بعض القوى المشبوهة التى لا هدف لها سوى تنفيذ أجندة الأمريكان فى إسقاط مصر وتقسيمها لحساب إسرائيل‮.. ‬
تناسى رجال الجيش والشرطة كل الإساءات والإهانات، ‬كان لديهم هدف أكبر وهو حماية الوطن وإسقاط المخطط ولو كان الثمن أرواحهم‮.. ‬
لم‮ ‬يتخلوا عن رسالتهم حتى فى أحلك الظروف، أقسموا على حماية العهد والوطن، ‬قرروا المواجهة والتحدى وحماية الوطن من الإرهاب والبلطجة‮.. ‬
فى شهور قليلة دفعوا مئات الشهداء وآلاف الجرحى، ‬شباب فى عمر الزهور سقطوا، ‬سالت دماؤهم فى الشوارع والميادين وهم‮ ‬يهتفون لمصر ويقدمون أرواحهم رخيصة على أعتابها‮.. ‬
من منكم‮ ‬يحب مصر أكثر من هؤلاء؟ من منكم مستعد أن‮ ‬يضحى مثل هؤلاء، ‬كلنا من المؤكد، ‬فمصر‮ ‬غالية على الجميع، ‬لكن الفارق بيننا وبين هؤلاء، ‬أنهم على موعد دائم مع الموت، ‬يخرجون من بيوتهم‮ ‬يتركون أولادهم، ‬ثم‮ ‬يعودون إليهم جثثا ملفوفة بعلم مصر تحمل على الأعناق إلى مثواها الأخير‮.‬
هذا شعب عظيم، ‬يحب الوطن، ‬يضحى من أجله بكل‮ ‬غالٍ‮ ‬ورخيص، ‬انظر إلى عشرات الألوف الذين‮ ‬يزحفون إلى كلية الشرطة والكليات العسكرية الأخرى رغم كل المخاطر وكل المحاذير، ‬إنه الواجب، ‬إنه الفداء العظيم، ‬إنه الشرف الذى تفخر به الأسرة ويعتز به الأبناء‮.‬
رحل اللواء نبيل فرج لينضم إلى سلسلة شهداء الشرطة الأبرار، ‬رحل فى وقت نواجه فيه المؤامرة بكل أبعادها من الداخل والخارج، ‬حيث الإرهاب الذى‮ ‬يستهدف الشعب والدولة على السواء، ‬وحيث المؤامرة التى تريد تحقيق الحلم الصهيونى على الأرض المصرية‮.. ‬
لقد كان حضور الفريق أول السيسى للعزاء جنبا إلى جنب مع اللواء محمد إبراهيم أمرا لا‮ ‬يخلو من دلالة، ‬كلنا على قلب رجل واحد، ‬سندافع عن مصر بدمائنا، ‬لن نتركها فريسة للإرهاب وللمتآمرين‮.. ‬
لقد نجح السيسى فى إسقاط مخطط أمريكا وأدواته فى الداخل وحتما ستنجح الشرطة فى دحر فلول الإرهاب التى تستهدف تخريب الوطن وقتل الأبرياء لإعادة مصر إلى حظيرة الطاعة الأمريكية الصهيونية‮.. ‬
إنها معركة مصر كلها‮.. ‬اقرأوا التاريخ، ‬وساعتها ستدركون أن مصر ستنتصر، ‬حتما ستنتصر‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.