الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    موعد مباراة ليفربول وبرايتون في الدوري الإنجليزي.. القنوات الناقلة والمعلق    سعر الدولار أمام الجنيه الإثنين 19-5-2025 في البنوك    بعد فرز الأصوات.. رئيس بلدية بوخارست دان يفوز بانتخابات الرئاسة    المجلس الرئاسي في ليبيا يشكل لجنة هدنة بدعم أممي    تفاصيل حرائق مروعة اندلعت فى إسرائيل وسر توقف حركة القطارات    الأغنام والماعز.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية (فيديو)    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 19-5-2025 مع بداية التعاملات    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    اليوم.. الرئيس السيسي يلتقي نظيره اللبناني    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أعلى كوبري الفنجري    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    تقرير التنمية في مصر: توصيات بالاستثمار في التعليم والصحة وإعداد خارطة طريق لإصلاح الحوكمة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يموت الرجال !!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 23 - 09 - 2013

عندما ودع اللواء نبيل فراج أسرته كان يعلم أنه قد لا يعود لكنه كان يقول إن مصر أغلي من الجميع
أدي الصلاة ورحل طاهرًا لكن القتلة أرادوا إفساد فرحة تحرير 'كرداسة'
قناة الجزيرة 'الملعونة' حتي في لحظات الموت 'تبثّ الأكاذيب وتردد الشائعات'!!
جنازة الشهيد كانت تأكيدا علي أن الشعب والجيش والشرطة يد قوية ستدحر المؤامرة وتحقق الانتصار
كانت التعليمات قد صدرت منذ الأمس، أدرك اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة، أن اللحظة قد حانت، كان سعيدًا لأنه ينتظر لحظة المواجهة وتحرير 'كرداسة' من يد الإرهاب.
طيلة خمسة وثلاثين يوما مضت، كان ينتظر علي أحرّ من الجمر، هنا في هذه المنطقة سقط زملاؤه شهداء، لقد رأي جثثهم بأم عينيه، أرواحهم تصرخ في السماء، يسترجع شريط الذكريات مع البعض منهم، أحد عشر شهيدًا، سقطوا في الرابع عشر من أغسطس بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة!!
كانت سعادته غامرة، أخيرا سوف يحرر قطعة غالية من الوطن، ظلت رهينة هي وأهلها في يد هؤلاء القتلة الذين أزهقوا الأرواح، ومثّلوا بالجثث، وانتهكوا المحرمات، وأذلوا المواطنين الأبرياء.. !!
مساء الأربعاء 18 سبتمبر.. كان اللواء نبيل يلقي النظرة الأخيرة علي الزوجة والأولاد، طلب من أكبر الأبناء عمر أن يأتي بأخويه زياد وأحمد ليصلوا ركعتين لله جماعة، كان الأب يؤم الأولاد والزوجة من خلفه، كان يقرأ القرآن وكأنه يوصي أبناءه وزوجته، كان صوته ملائكيا، كأنه يعرف قدره..
احتضن الزوجة والأبناء، كان حضنه غريبا هذه المرة، لقد ضمهم إلي صدره لفترة طويلة، شدوا حيلكم يا ولاد، أنا فخور بكم، خلفت رجاله وحوش، ياكلوا الزلط.. خلوا بالكم من أمكم.. !!
كانت كلماته بدلالاتها كأنها قصيدة 'الوداع الأخير' الأولاد تعودوا من والدهم علي هذه الكلمات، أدركوا أنه في مهمة لا يريد أن يفصح عنها، لكنه حتما سيعود، لم تكن تلك هي المهمة الأولي ولن تكون الأخيرة..
كانوا يعرفون أن والدهم ليس ملكا لهم، لقد وهب نفسه وروحه للوطن، كان الرجل يزرع فيهم دوما روح الحب والانتماء، نظرت الزوجة إلي وجهه كان يتحاشي أن ينظر إلي عينيها، إنه لا يريد أن يفصح عن حجم المخاطر التي تحيق بمهمته هذه المرة.
قبيل أن يغلق باب شقته من خلفه مودعا، نظر إلي الأولاد نظرة أخيرة، كانوا يودعونه كعادتهم، أمسك برؤوسهم الواحد تلو الآخر، ضمهم إلي صدره، وقبلهم قبلة الوداع.
مضي مسرعًا كأنه في لهفة إلي الشهادة، كانت سيارة الشرطة تنتظره أمام باب منزله، توجه إلي حيث يحتشد الرجال..
كانت صور أبنائه الثلاثة عمر '17 عاما' وزياد '9 سنوات' وأحمد '5 سنوات' لا تريد أن تفارقه، ثقته في الزوجة كبيرة، لقد ظلت طيلة تسعة عشر عاما ترعي البيت، تتدبر الأحوال، ثم تتولي تربية الأبناء وتسهر علي أحوالهم، قطعا أنا أتركهم في يد أمينة.. !!
كان شعوره بالموت طاغيًا، لقد أسرّ بكلمات قصيرة إلي الزوجة، قال لها: سوف نذهب لتحرير كرداسة اليوم، ولكن أرجوك ألا تخبري الأولاد، كل شيء سيمضي طبيعيا وسأعود إليكم سالمًا غانمًا إن شاء الله..
في هذا المساء، كانت الوصية لأكبر الأبناء 'عمر' خلي بالك من دراستك ومن اخواتك ياعمر، لا تنسي أنت الكبير، وأنا باعتبرك راجل البيت في غيابي.
في الطريق إلي كرداسة، عاد اللواء نبيل بالذاكرة إلي سوهاج، حيث الأسرة والأهل، حيث الشجاعة والمروءة، حيث الأصالة والانتماء، هنا وفي هذه الأرض الطيبة نشأ نبيل فراج، حقق حلم الأسرة وأصبح ضابطًا، كانت عائلته تفخر به، وكان أهل بلدته يرون فيه فارسًا شجاعًا نبيلا..
تاريخ طويل، قضاه في الشرطة، هنا في مدرسة الانتماء والوطنية، كان يزرع دوما في عقل أبنائه قيمة 'الوطن' ومعني الانتماء.. وكان يعدهم جميعا ليكونوا ضباطا يحملون الأمانة من بعده.
كان شريط الذكريات لا يريد أن يتوقف، كأنه يستعيد الماضي، يأخذ منه العبرة، يندفع مسرعًا ضمن التشكيلات التي مضت وسط الحقول والمزارع إلي 'كرداسة'.
إنه يعرف جيدا ماذا سيفعل، يدرك مهمته، ويعرف أن اللحظة قد جاءت إليه، لم يكن يهدف إلي الانتقام، لم يكن يسعي إلي القتل، كانت التعليمات حرروا المنطقة، أنقذوا الناس الطيبين، واقبضوا علي القتلة والمجرمين، لا تطلقوا الرصاص عليهم، القانون هو السيد.
.. تحركت جحافل الجيش والشرطة تم توزيع المهمات، ومع بدء العملية، كان اللواء نبيل أول من قفز إلي الأرض، قال لرجاله وكأنه علي موعد مع القدر 'ياللا يارجاله.. انووا الشهادة.. تقدم الجنود، كان ممسكا بسلاح في يده وجهاز لاسلكي في اليد الأخري..
كان بإمكانه أن يجلس في الخلف، أو يبقي في المدرعة، يصدر الأوامر والتعليمات، لكنه أبي إلا أن يكون في مقدمة الصفوف، فجأة انهمرت طلقات نارية من مكان قريب، يبدو أنها من مبني مرتفع قليلاً عن الأرض وبمسافة لا تقل من 10 20 مترا، فقد كانت المباني تحيط بمنطقة وجود القوات..
انهمرت الرصاصات الواحدة تلو الأخري، سقط اللواء مضرجًا في دمائه، تقدم إليه سائقه والزميل تامر مجدي الإعلامي بقناة المحور والذي أظهر موقفا شجاعا نبيلا، مضي نحوه بعض الضباط والجنود سريعًا، حملوه إلي مدرعة كانت تقف بالقرب منه، ثم إلي مستشفي الهرم حيث فاضت روحه..
كانت آخر كلمات رددها: 'أولادي حيوحشوني، نفسي أشوفهم قبل ما أموت'، لكن القدر لم يمهله الانتظار ففاضت روحه وهو يردد أسماء أبنائه الواحد تلو الآخر..
كانت الزوجة والأبناء يتابعون ما يجري في كرداسة علي الهواء، كان قلب الزوجة منقبضًا، كانت قلقة وهي تتابع الأحداث، وفجأة فوجئت بسقوط الزوج شهيدا، صرخت، أطلق عمر صرخة هستيرية 'أبويا، إنه أبويا'، أمسكت الزوجة بالهاتف، هاتفه النقال لا يرد، تحاول الاستفسار من زملائه، تنهمر الدموع، ينطق الدعاء 'استرها يارب' يهيمون علي وجوههم إلي خارج المنزل، إلي حيث يرقد الجثمان الطاهر في مستشفي الهرم.
انتشر الخبر في أرجاء الوطن، انهمرت دموع المصريين، حزنوا كثيرا علي استشهاد هذا البطل الشجاع، اغتال الارهابيون فرحة المواطنين ببسط الأمن والجيش لسيادته علي المنطقة بأسرها بعد ساعات محدودة من الاقتحام، غير أن ذلك لم ينل من عزيمة زملائه الذين مضوا نحو تحرير المنطقة بأسرها..
كان الإرهابيون الذين فرضوا سطوتهم علي أهالي 'كرداسة' قد تمكنوا من الهرب، تم القبض علي العشرات الذين أشارت إليهم التحريات والمعلومات من بينهم بعض الذين شاركوا في مذبحة كرداسة وإحراق قسم الشرطة وبعض المنشآت..
راحت قناة الجزيرة 'الملعونة' تردد الأكاذيب، وتقول: إنه قتل بيد زملائه من مسافة قريبة، اجتزأت كلمات لمسئول بالطب الشرعي عن سياقها وراحت تتحدث بشماتة حتي في الموت، قاتل الله 'الجزيرة' وأسيادها في قطر وواشنطن وتل أبيب!!
بعد تشريع الجثمان جاء تقرير الطب الشرعي ليفضح هؤلاء الكذابين، جاءت الكلمات حاسمة قاطعة علي لسان د.هشام عبد الحميد المتحدث الرسمي لمصلحة الطب الشرعي 'أن تشريح جثمان الشهيد أفاد أنه قتل بطلق ناري من سلاح طبنجة عيار 9 مللي من مسافة اطلاق تجاوزت الحد الأدني للإطلاق وهي مسافة متوسطة تقدر ب 10 20 مترًا ومن مستوي أفقي، وأن الطلق الناري أصاب العضد الأيمن من الخارج للداخل، واخترق جدار الصدر وأحدث تهتكا بالرئة اليمني والبطين الأيمن والبطين الأيسر للقلب، ثم أحدث تهتكا بالرئة اليسري ونزيفا بالتجويف الصدري، ثم خرج من التجويف الصدري ليستقر بيسار الصدر داخل العضلات.
ونفي الدكتور هشام عبد الحميد ما رددته جماعة الإخوان من أكاذيب وقال إن ما رددوه من أن استشهاد اللواء نبيل فراج قد جاء برصاص الشرطة عار تماما من الصحة، وإن ما صرح به عبرا لفضائيات هو أن مسافة الإطلاق تجاوزت الحد الأدني للإطلاق، والحد الأدني المعروف لدي الأطباء الشرعيين والنيابة العامة هو من 10 20 مترا وأن الإخوان أغفلوا كلمة تجاوزت وأخذوا بقية التصريح وهو الحد الأدني للإطلاق..
نعم لقد تعودوا الكذب، أرادوا تصوير الأمر علي غير صحيحه، ولكن أكاذيبهم وأكاذيب 'الجزيرة' ليست شيئًا جديدًا، إنهم يحقدون علي مصر ويتمنون لها الخراب والضياع، ولكن الله أكبر من كل هؤلاء القتلة..
عادت كرداسة إلي حضن الوطن أرادوها معزولة وتحت سيطرتهم، ظنوا أن أسلحتهم ومتاريسهم ستمثل تهديدا للأمن، فيتراجع عن الاقتحام، لكنهم كما في رابعة والنهنضة ودلجا، كانوا أهون من عش العنكبوت، هربوا، خوفا من قوة الرجال، وكانت سعادة الناس بالجيش والشرطة غامرة، هل تأملتم هذه السيدة التي راحت تدوس بحذائها علي صورة محمد مرسي وتلعن الإرهابيين الذين عذبوا ابنها وأحالوا حياة القرية إلي جحيم؟، هل سمعتم كلمات المواطنين الشرفاء من أهل القرية، كانوا يرغمونهم علي التظاهر، عاش الناس علي مدي 35 يوما لحظات الخوف والموت والدمار، كانوا ينتظرون اللحظة التي تحققت علي يد هؤلاء الأبطال وكانت دماء اللواء نبيل فراج ثمنا لهذا الانتصار..
وفي يوم الجمعة كانت مصر كلها تودع الشهيد، تقدم رئيس الوزراء والفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية والفريق صدقي صبحي رئيس الأركان والعديد من الوزراء وكبار المسئولين..
.. كان المشهد مهيبًا، أسرته، زملاؤه، أهله الذين جاءوا من سوهاج، نساء كرداسة وشبابها، وجمهور غفير من المواطنين البسطاء الذين هتفوا: الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة.. كانت أصواتهم مدوية، عالية، صادقة..
تم وضع جثمان الشهيد علي عربة إطفاء ملفوفا بعلم مصر، عزفت فرقة الموسيقي 'العسكرية' لحنها الجنائزي، تقدم آلاف المشاركين يزفون الشهيد إلي مثواه الأخير في الجنة.. كانت دموع نجله عمر وانحناءته علي جثمان والده أثناء الصلاة قد أدمت قلوب المصريين.. كان الكل يتابع الجنازة بحسرة، هكذا هم المصريون، الجسد واحد، والهمّ واحد، والمشاعر مشتركة.
وأمام قبر الجندي المجهول كانت الأسرة تتلقي العزاء، لم تكن الأسرة هي فقط الزوجة والأبناء الثلاثة، بل كانت مصر كلها حاضرة في المشهد تتلقي العزاء..
كان ضباط وأفراد الجيش والشرطة مرفوعي الرأس والهامة، لم يحزنهم كثيرا سقوط شهيد جديد من بين صفوفهم، إنهم فرحوا بالشهادة دفاعًا عن الوطن وعن الناس وعن التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل..
لقد ظلموا كثيرا في فترات سابقة، وتحديدًا منذ الثامن والعشرين من يناير 2011، كان الإخوان وراء كل المصائب، كانوا وراء حرق الأقسام وإطلاق المجرمين من السجون، أرادوها فوضي، والفوضي لن تتحقق إلا بإسقاط جهاز الشرطة ومن بعده محاولة النيل من جيش مصر العظيم..
شنوا ومعم 'الإعلام الرخيص' حملة ضد رجال الشرطة ومن بعدهم الجيش، جاء وقت كان رجل الشرطة فيه مستهدفا من المواطنين العاديين، وكانت الأسر والأبناء في موقف الدفاع دومًا، شيطنوا الشرطة ورجالها وصوروهم في صورة القتلة الذين كانت مهمتهم الوحيدة إذلال الشعب وتعذيبه، نسوا دور الشرطة وشهداءها علي مدي عقود طويلة من الزمن..
صوروا البلطجية علي أنهم شهداء يستحقون التكريم بينما رجال الشرطة الذين دافعوا وتمسكوا بمواقعهم كانوا هم الشياطين، أصبح رجال الشرطة هم الهدف، وهم وراء كل مصيبة تحدث، حتي لو كانت كل الأدلة تؤكد أنهم كانوا ضحايا وكانوا أبرياء..
نسي بعض الناس ميليشيات الإخوان ودورها وتحريضها، غيب البعض عقولهم وراحوا يستمعون إلي وقائع مبتورة يرددها إعلاميون لهم أغراضهم وأجنداتهم..
في فترة سابقة حاولوا تقسيم المجتمع، وتفجير الشرطة من الداخل، سعوا إلي تشكيل ميليشيات موازية، هدفها السيطرة والهيمنة وإذلال المواطنين، لتحل محل شرطة الدولة التي لم يكن لها ولاء سوي لمصر ولشعبها العظيم.
ابتدعوا شعار 'يسقط حكم العسكر' ورددته من ورائهم بعض القوي المشبوهة التي لا هدف لها سوي تنفيذ أجندة الأمريكان في اسقاط مصر وتقسيمها لحساب إسرائيل..
تناسي رجال الجيش والشرطة كل الاساءات والاهانات، كان لديهم هدف أكبر وهو حماية الوطن واسقاط المخطط ولو كان الثمن أرواحهم..
لم يتخلوا عن رسالتهم حتي في أحلك الظروف، اقسموا علي حماية العهد والوطن، قرروا المواجهة والتحدي وحماية الوطن من الإرهاب والبلطجة..
في شهور قليلة دفعوا مئات الشهداء وآلاف الجرحي، شباب في عمر الزهور سقطوا، سالت دماؤهم في الشوارع والميادين وهم يهتفون لمصر ويقدمون أرواحهم رخيصة علي أعتابها..
من منكم يحب مصر أكثر من هؤلاء؟ من منكم مستعد أن يضحي مثل هؤلاء، كلنا من المؤكد، فمصر غالية علي الجميع، لكن الفارق بيننا وبين هؤلاء، إنهم علي موعد دائم مع الموت، يخرجون من بيوتهم يتركون أولادهم، ثم يعودون إليهم جثثا ملفوفة بعلم مصر تحمل علي الأعناق إلي مثواها الأخير.
هذا شعب عظيم، يحب الوطن، يضحي من أجله بكل غالٍ ورخيص، انظر إلي عشرات الألوف الذين يزحفون إلي كلية الشرطة والكليات العسكرية الأخري رغم كل المخاطر وكل المحاذير، إنه الواجب، إنه الفداء العظيم، إنه الشرف الذي تفخر به الأسرة ويعتز به الأبناء.
رحل اللواء نبيل فرج لينضم إلي سلسلة شهداء الشرطة الأبرار، رحل في وقت نواجه فيه المؤامرة بكل أبعادها من الداخل والخارج، حيث الإرهاب الذي يستهدف الشعب والدولة علي السواء، وحيث المؤامرة التي تريد تحقيق الحلم الصهيوني علي الأرض المصرية..
لقد كان حضور الفريق أول السيسي للعزاء جنبا إلي جنب مع اللواء محمد إبراهيم أمرا لا يخلو من دلالة، كلنا علي قلب رجل واحد، سندافع عن مصر بدمائنا، لن نتركها فريسة للإرهاب وللمتآمرين..
لقد نجح السيسي في إسقاط مخطط أمريكا وأدواته في الداخل وحتما ستنجح الشرطة في دحر فلول الإرهاب التي تستهدف تخريب الوطن وقتل الأبرياء لاعادة مصر إلي حظيرة الطاعة الأمريكية الصهيونية..
إنها معركة مصر كلها.. إقرءوا التاريخ، وساعتها ستدركون أن مصر ستنتصر، حتما ستنتصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.