لا أعلم ما الذى تنتظره رئاسة الجمهورية أو ما الذى تنتظره وزارة الخارجية لكى تتخذا موقفا حاسما وواضحا من الوضع فى سوريا. ولم يعد ممكنا احتمال التصريحات الهزيلة للمسئولين الحكوميين، والسوريون يذبحون كل يوم ونظام الأسد يرتكب بحقهم جرائم ضد الإنسانية ودوائر العنف والعنف المضاد تتصاعد وتدفع سوريا باتجاه حرب أهلية. وأصبح تأكيد الرئيس ووزير الخارجية وقوف مصر مع حقوق السوريين المشروعة ورفضها التدخل الخارجى دون الربط بينه وبين إجراءات فعلية على المستويين الإقليمى والدولى مدعاة للتثبت من غياب موقف مصرى حقيقى إزاء سوريا وربما انتفاء الإرادة السياسية اللازمة لصياغته. منذ اللحظة الأولى لتسلم الدكتور مرسى مهام منصبه طالبته، من بين أمور أخرى بعضها لم يظهر فى الأفق كالابتعاد عن جماعة الإخوان ودفعها لتقنين أوضاعها وبعضها بدأ بتكليف مسئولين عنه بملف العدالة الانتقالية، بالاهتمام بملفات السياسة الخارجية وبتطوير موقف من سوريا ينتصر لمبادئ الديمقراطية وحق السوريين فى وطن حر وفى محاسبة المستبد ولا يترك شأنها للدول الغربية أو لبعض الدول الخليجية أو لتركيا وإيران. للأسف، وبالرغم من استمرار مذابح نظام الأسد وتصاعد العنف خلال الأيام الماضية، لم يخرج لا عن الرئيس ولا عن مصر الرسمية ما يستحق الذكر. بل ما زال سفير نظام الأسد فى القاهرة والعلاقات الدبلوماسية بين عاصمة حاكم مستبد ونظام متورط فى جرائم ضد الإنسانية ينشق سفراؤه الواحد تلو الآخر وعاصمة دولة رئيسها انتخب بصورة ديمقراطية قائمة ولم يعلن لا عن قطعها ولا تجميدها. لا يمكن قبول هذا التخاذل الرسمى أكثر من هذا ولن يغفر لنا الشعب السورى الاحتماء وراء تصريحات هزيلة والابتعاد عن مساحات التأثير الفعلية التى تشغلها اليوم دول بعضها إمكاناتها أضعف بكثير من إمكانات مصر إن وظفت. على مصر الرسمية طرد سفير الأسد من القاهرة وقطع العلاقات إلى أن يرحل المستبد. على مصر الرسمية الضغط دوليا وإقليميا لحماية المدنيين الذين يذبحون يوميا على يد قوات الأسد التى تستخدم جميع الأسلحة المتاحة لها ولن تتورع عن استخدام السلاح الكيماوى. على مصر الرسمية أن تتحرك مع الدول الغربية باتجاه روسيا والصين لإجبار الأسد على الرحيل، فبقاؤه منذ أن بدأ فى قتل السوريين لم يعد ممكنا ولا توجد حلول وسط هنا. على مصر الرسمية أن تتبنى خطابا واضحا فى التزامه بالديمقراطية وبمواطنة حقوق متساوية لكل السوريين دون تمييز على أساس الدين أو المذهب أو العرق وتبتعد عن طائفية سياسة بعض الدول الخليجية تجاه سوريا. السيد الرئيس والسيد وزير الخارجية.. تحركا؛ فلم تعد تصريحاتكما مقبولة ولا بطؤكما مبررا. تحركا وساهما فى إنقاذ السوريين من الديكتاتور. تحركا ولا تجعلا مصر الثورة تقف فى المكان التاريخى الخطأ من الثورة السورية.