تحاول جماعة الإخوان قلب الحقائق وتزوير التاريخ، فها هى تواجه الرفض الشعبى بالجهاد فى سبيل الله، وصناعة المظلومية، وهذا يجعلنا نعيد النظر فى تاريخ الجماعة كاملا، ونرفع الإيمان والتصديق عن كل ما كانوا يصورونه من مسلَّمات تاريخية سابقة، خاصة أننا رأينا حلقة من حلقات تزويرهم للتاريخ، وبعد سنوات ستقول الجماعة للأجيال القادمة إنها كانت تريد تطبيق الشرع وتحرير القدس، لكن الجيش «الكافر»، ومن ورائه «العلمانيون» انقلبوا عليهم كرها فى الإسلام ومعاداة له. والحقيقة المراد طمسها أن المشروع الإسلامى تآكل تماما على أيدى الجماعة، بدءاً من تعزيز التعاون الأمنى مع إسرائيل، وخطاب الصديق الوفى للصهاينة، وقبول القروض الربوية التى كانوا يحرمونها، مروراً برفض تنفيذ أحكام القضاء لصالح الضباط الملتحين، ثم تمديد الكازينوهات الليلية، ثم بيع الدم السورى مقابل براميل النفط العراقى، حتى شراء وزير الإعلام الإخوانى عددا من المسلسلات الرمضانية المليئة بالتجاوزات الأخلاقية، ولست أدرى ما القرار الذى اتخذه مرسى لصالح الإسلام لا يتخذه رئيس الدولة لو كان ليبراليا؟ ثم التهم التى تلصقها الجماعة بخصومها، فالفساد والفلولية ومعاداة الإسلام، لم تعد تهمة فى حد ذاتها، وإنما تكون تهمة عندما تكون خصما، وما إن تحولتَ إلى صديق فستتحول هذه التهم إلى وصلات من الثناء، وسيكتب الإخوان فى تاريخهم أن المسلمانى، وجمال سلطان، ومصطفى حجازى، وفاروق جويدة، وغيرهم خانوا الوطن وباعوا الثورة وقتلوا الشباب. وتنكر الجماعة أنها دخلت فى مواجهة اعتباطية مع كل قوى الوطن للهيمنة المستعجلة على المغانم، وأنها عجزت عن مواجهة إغراءات السلطة، ودفعت بدماء شبابها ثمنا للتخبط والتضليل فى تفسير المواقف، ثم التدليس لصناعة المظلومية، واستعادة الشعور بالاضطهاد حفاظا على تماسك التنظيم، ولو على حساب الدماء، لإخفاء حقيقة أن ملايين البشر أسقطتهم. فاليوم نشهد تزويرا بدماء الشهداء، فقادة الجماعة كانوا يدركون أن مرسى لن يرجع، ومع ذلك أوهموا الأتباع بعكس ذلك، وبُذلت دماء الشباب من غير أن يكونوا على بينة من السبب الذى لأجله بُذلت دماؤهم، فإن كان التظاهر بغرض تحسين شروط التفاوض أو الخروج الآمن فكان ينبغى عليهم مصارحة الشباب بهذا، فقد يُقدِّم شباب الجماعة دماءهم أملا فى عودة «مرسى»، لكنهم قد لا يقدمون نفس الدماء لتأمين القيادات من القبض عليهم أو من المساءلة القضائية، ثم تكتب الجماعة بعد سنوات أن هذه الدماء قُدمت ثمنا لعودة مرسى، والحقيقة أن هذه الدماء قٌدمت فى نية أصحابها لشىء غير الشىء الذى تُكنه قلوب القيادات. إن رفع الإيمان والتصديق عن كل ما صوره الإخوان من مسلمات تاريخية يٌعد من واجب الوقت، يعضد هذا المنحى ما أسلفنا (بعضه) فى السطور السابقة، وأيضاً فيضان من أحداث تاريخية مضت، منها ما كشفه فريد عبدالخالق من أن التنظيم الخاص كان يكذب، ثم ما حدث بعد وفاة الهضيبى، حيث نشطت مجموعة من قيادات الإخوان، كمصطفى مشهور وحسنى عبدالباقى وأحمد الملط، فى تجميع الصفوف وملء الفراغ 1973، ويومها راجت مقولة إن: «حسن الهضيبى عهد إليهم باستعادة تجميع الصفوف قبل وفاته»، إلا أن عبدالقادر حلمى سأل الملط عن هذه المقولة المُسلَّمة؟ فقال يا أخى ماذا لو كذبنا على الناس لتحقيق الخير للجماعة»!! ومثل هذا فى تاريخهم كثير، الحقيقة الوحيدة هى بشاعة ما حدث فى فض اعتصام «رابعة»، لكن التاريخ سيكتب أن قيادات الجماعة (عددهم أكثر من ألف) دعوا للشهادة، ثم فروا هاربين مرتدين «سلاسل ذهبية» وحالقين «دوجلاس» ليستشهد الشباب والنساء والأطفال بدلا منهم!!