ما هو مستقبل جماعة الإخوان فى مصر؟.. سؤال يشغل المجتمع السياسى فى مصر وربما العالم بأسره، وقبل الإجابة عن السؤال من وجهة نظرى فإننى على يقين من أن جماعة الإخوان نفسها لم تكوّن حتى الآن عقيدة لمعرفة مستقبلها السياسى فى ظل المتغيرات الجديدة، بعيداً عما إذا كانت تقبل بالمعطيات والواقع الجديد أو لا تقبل. ولعله من «اللغو السياسى» أن يقول البعض الآن إن الجماعة انتهت إلى غير رجعة، أو قول بعض آخر بأنها تحتضر وفى طريقها للموت والفناء. دولة ثورة 30 يونيو ليس لديها إجابة عن ذلك السؤال، ولا تعرف ما هو المصير الذى سيؤول إليه التنظيم، كما أن عاتق الإجابة عن السؤال يقع على الجماعة نفسها كطرف أول، والدولة كطرف ثانٍ!. ما أعلمه من خلال المعلومات من مصادر «معتبرة» داخل مراكز صنع القرار أن «الدولة الجديدة» لديها خطة قانونية واجتماعية لتحديد خطة التعامل مع جماعة الإخوان، تعامل مختلف عن كل المعاملات السابقة شكلاً وموضوعاً، فلا هى محاولة «الاقتلاع الكامل» بالسجن والإعدام كما فى دولة الرئيس عبدالناصر، ولا محاولة «الاستخدام» بإتاحة العمل السياسى والاجتماعى «المشروط» كما فى دولة الرئيس السادات، ولا الحظر «القانونى» فى العلن والعمل «الحقيقى» فى الخفاء والتجميد فى دولة الرئيس مبارك، ولا عصر «الإتاحة الكاملة» والعمل فى السر والعلن معاً كما فى دولة ما بعد «انتفاضة» 25 يناير فى عهدى المجلس العسكرى والرئيس محمد مرسى. المعادلة الجديدة هى أن تقبل الجماعة بالعمل القانونى المشروط والحقيقى، وعليه فإن عليها أن تختار بشكل جاد (جدية الدولة تضمن التنفيذ لعدم تكرار سيناريو دولة الرئيس مرسى تحديداً) بين أن تكون جماعة سياسية أو دعوية.. فتتجه إلى العمل الدعوى عبر طريق قانونى واضح يحدد «ماهية» العمل الدعوى وشروطه وآلياته على أن يتم الضرب بيد من حديد لأى «مخالفة» فى الجنوح نحو العمل السياسى. الخيار الثانى أن تختار العمل السياسى دون الدعوى عن طريق إنشاء حزب سياسى حقيقى، بشروط وضوابط جدية تضمن عدم خلط العمل الحزبى السياسى بأى عمل آخر وتحديداً الدعوى، وبمعنى أدق ألا يكون هناك عمل «سرى». هذا الخيار تحديداً يفسر تصريحات جميع المسئولين فى الدولة الجديدة ومنذ اندلاع ثورة 30 يونيو القائلة بأنه لن يكون هناك إقصاء لأى فصيل سياسى، فى إشارة إلى جماعة الإخوان تحديداً وباقى جماعات الإسلام السياسى على مختلف مشاربها ومراميها، إذا ما أرادت وأرادوا العمل فى السياسة، وضمان ذلك هو فرض قوانين المراقبة والمكاشفة والمحاسبة والضوابط التى تضمن عدم الحيدة عن المسار والتعامل الجديد. هذا التعامل «الجديد» يشير بوضوح إلى أن الدولة لن تقبل جميع المعادلات السابقة فى التعامل مع الجماعة التى كان عنوانها الرئيس هو العمل السرى للجماعة وباقى الجماعات، على أن يكون فى مقابل ذلك السماح بالعمل المعلن لكن تحت مظلة القانون ومن ثمّ الحساب. وفى حدود معلوماتى أيضاً أن الدولة عازمة على المضى قدماً نحو ذلك التصور مهما كلفها ذلك من معوقات سواء كانت ضغوطاً دولية خارجية تقودها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى أو داخلية تتجه نحو استخدام السلاح والعنف والدخول فى دوامة موجة إرهاب جديدة، يعزز من ذلك التصور أن منطق «المصلحة» هو الذى ستؤول إليه الأمور فى النهاية مع المجتمع الدولى والخبرة «العميقة» لأجهزة الأمن فى مواجهة العنف والإرهاب والجماعات الإسلامية. يبقى إذن موقف جماعة الإخوان نفسها.. كيف ستراه؟ وهو ما سنجيب عنه بإذن الله فى المقال المقبل.