هالة عبدالقادر، اعتادت على نزول نجلها مهند سمير إلى ميدان التحرير، رغم قلقها، خصوصا حين تتابع لقطات الفيديو التى تنقل ما يجرى فى الميدان أولا بأول. وفى إحدى المرات، فوجئت بنجلها الأصغر يعرض عليها صورة رآها على موقع «فيس بوك» هى لشقيقه، كُتب عليها «أول شهداء أحداث مجلس الوزراء»، هرولت الأم إلى الميدان، وتقول: «لقيت الناس قاعدين فى صينية الميدان إيديهم على خدودهم وكل الأرض حواليهم دم، وقالولى إن المصابين فى المستشفيات». ذهبت الأم إلى مستشفى الهلال تبحث عن نجلها، وجدته مصابا برصاصة فى قدمه، تضيف: «الدكتور قالى إنه محتاج عملية ومعرض لجلطة». ظهر وسط تلك الأحداث «ضابط التحقيقات» الذى لعب دور صديق نجلها المصاب، وفرض نفسه على المشهد: «كان بييجى يسأل عليه، ويسأل علينا فى التليفون كتير». وطلب الضابط كريم من مهند أن يزوره فى القسم ليتعرف على صورة ضابط الجيش الذى أصابه، فقال مهند فى أقواله إن الضابط نظر له فى عينه قبل إطلاق الرصاص عليه. ذهب مهند أول مرة ليقول له الضابط إن «الويندوز وقع» وإنه سيضطر للذهاب إلى القسم مرة أخرى بعد أن سأله بعض الأسئلة الشخصية عن دراسته وعن مهنتى والدته ووالده. وعلى عكس المرة الأولى، ذهب مهند إلى قسم الأزبكية دون والدته بصحبة المحامى فقط، ليقبض على مهند ويجبره على الإمضاء على المحضر الذى لم يقرأه: «كانوا بيعذبوه بالضرب والكهرباء، وآخرها هدده لو لم يوقع على الأقوال، هيكهربه فى الجرح»، فاضطر مهند للتوقيع. مهند محبوس حاليا منذ 7 أشهر، ويواجه تهم حرق منشآت وحرق سيارة أمن مركزى وسيارة شرطة وتعد على موظف أثناء تأدية عمله وحيازة قنابل مولوتوف، وينتظر الفصل فى قضيته يوم 29 من الشهر الجارى. قضى مهند 7 أشهر فى الحبس على ذمة تهم لم تثبت عليه حتى الآن، لكنه قرر ألا يخسر كل شىء، فأصر على دخول امتحانات الثانوية العامة فى لجنة خاصة، فقد تنازل عن آماله فى أن يصبح ضابط شرطة بعد ما رآه من ضباط الشرطة خلال أيام الثورة، وقرر أن يدخل كلية سياسة واقتصاد. ورغم أن مهند ووالدته كانا يأملان فى أن يسهم انتخاب الرئيس محمد مرسى فى تحريك قضايا المعتقلين؛ حيث كانت الأم تقول: «لو وصل شفيق للرئاسة مش هيطلع ابنى واللى زيه من السجن»، إلا أن والدته الآن فقدت الأمل فى خروج نجلها بناء على وعود الرئيس المنتخب: «اللجنة اللى شكلها الرئيس لبحث ملف المعتقلين تضم ممثلين عن النيابة العسكرية ووزارة الداخلية، يعنى الجهتين اللى حبسوا ولادنا أصلا، وبعدين هو قال المعتقلين السياسيين وكل ولادنا متلفق لهم قضايا جنائية».