فى طرقة داخل قسم شرطة المعادى.. وقف الثلاثة «هشام وكريم ومحمد»، بعد إخراجهم من حجز القسم، أعينهم شاردة توزع نظرات حائرة تجوب أروقة المكان، وجوه شاحبه و«كلابشات» فى الأيدى.. ولعنة الدم تطاردهم.. يحيط بهم رجال الشرطة من جميع الاتجاهات خشية هروبهم بعد إحباط محاولتهم الجماعية للهرب أثناء عودتهم من النيابة التى أمرت بحبسهم.. لا يتحدث أحدهم إلا للاستماتة فى تبرئة نفسه من قتل المجنى عليه «أحمد ع. غ»، 15 سنة، وإلصاق التهمة بزميليه. لا يتعدى عمر أكبرهم ال20 عاماً، لكن رغبتهم فى الحصول على المال بأى وسيلة تخطت صغر أعمارهم وقلة خبرتهم.. وخططوا؛ الأول يقتل والثانى يسرق التوك توك والثالث يبيعه لعاطلين متخصصين فى شراء متحصلات جرائم القتل. منذ 10 أيام، خرجوا لاصطياد الفريسة، سائق توك توك صغير السن كان يعبر كوبرى الأسمنت بطرة.. طلبوا منه توصيلهم إلى إحدى مناطق طرة.. فى الطريق أشهر أحدهم سكيناً وطلب من السائق الترجل والتخلى عن التوك توك.. رفض السائق: «انتو بتعملوا إيه؟ انتم متعرفونيش.. أنا خالى بقرة».. ارتعدت أوصالهم بعد سماع اسم «بقرة» وهو من معتادى الإجرام.. وقرروا التخلص منه خشية افتضاح أمرهم وانتقام «بقرة» منهم، ذبحوا المجنى عليه وألقوه جثة هامدة على جانب الطريق، استقلوا التوك توك وتوجهوا إلى منطقة العمرانية بالجيزة لبيعه لعاطل هناك نظير مبلغ 1000 جنيه.. ليبيعه بدوره لعاطل بالفيوم. فى وقت متأخر من الليل يمر محاسب يستقل سيارة أجرة، بالمصادفة يرى الجثة ويبلغ شرطة النجدة. المقدم محمد محجوب، رئيس مباحث قسم شرطة المعادى، ومعاوناه النقيبان عمار عبدالحميد وأحمد على، ينتقلون إلى مكان البلاغ ويشكلون فريق بحث، ويتم تحديد هوية المجنى عليه والجناة.. ويخرجون على رأس قوة من القسم قاصدين أماكن وجود وتردد المتهمين ويتمكنون من إلقاء القبض عليهم، وهم «كريم ش. م» وشهرته كريم عيشة، 20 سنة، ويعمل فران، و«هشام ص. ى»، 18 سنة، ويعمل استورجى، و«محمد ع. ح»، 18 سنة، سائق.. فضلاً عن ضبط العاطلين، لتتوالى اعترافاتهم. المتهم الأول كريم وشهرته «كريم عيشة»، 20 سنة، فران، يتصنع التماسك.. ويقول: أنا كنت باشتغل فران.. إحنا عندنا فرنة كبيرة فى حلوان وعشان كده سمونى «عيشة»، كانت يوميتى منها 100 جنيه.. اتصاحبت على شوية شباب كنت باخرج معاهم نلقط رزقنا فى أى حاجة.. نسرق أو نخطف شنطة والكلام دا.. أنا أعرف هشام ومحمد من زمان أوى.. ماكانتش الفلوس بتكفينى عشان المخدرات سعرها زاد.. إحنا خرجنا اليوم دا واتفقت معاهم على إننا نجيب حاجة كويسة.. تكفى مصاريفنا كام يوم كده.. رحنا عند كوبرى الأسمنت.. ولقينا توك توك جاى ناحيتنا.. أنا كان معايا سكينة.. ركبنا معاه وقلنا له يدخلنا طرة.. وقبل ماندخل على زحمة الناس والعربيات كده بصينا لبعض وقلتله وقّف هنا، وهات المكنة وامشى، هو «أحمد» كان منشف دماغه معانا أوى.. هو اللى سابنا نقتله، وقالى انت ماتعرفنيش أنا خالى «بقرة»، «بقرة» دا اسمه الحقيقى «طاهر»، ودا زميلى يعنى أنا أعرفه برضو بس احنا خفنا.. ممكن «بقرة» يزعلنا.. رحت مطلع السكينة من هدومى.. هو الله يرحمه حاول يقاوم ويدافع عن نفسه بس احنا كترة.. ودبحته من قدام فى رقبته.. ورميناه ومشينا. يُكمل «هشام»، المتهم الثانى، قائلاً: إحنا 5 أخوات.. أنا حاولت أكمل تعليمى ودخلت دبلوم تجارة عشان ما اقضيش 3 سنين فى الجيش.. أنا ندمان على كل حاجة عملتها.. أنا اتعلمت الإجرام وبقى فى دمى وآخرتنا باينة إنها إعدام، مش هنسى «أحمد» وهو بيترجى «هشام» مايقتلهوش.. ولا هنسى منظر الدم وهو بيغرق الأرض.. اليوم دا أنا خرجت مع كريم ومحمد عشان نقلب رزقنا.. ولقينا توك توك جاى علينا وركبنا معاه وعند الكوبرى وقفناه وكنا عايزينه ينزل يسيب المكنة ويمشى وهو ساكت بس مارضيش.. أنا كنت عارف إن كريم معاه سكينة.. وشاورتله عشان يخلص.. وخصوصاً لما قال إن خاله «بقرة».. «هشام» دبحه وخلص عليه.. ورميناه على جنب.. وخدنا المكنة وكلمنا واحد اسمه «محمد» فى العمرانية «بياخد أى حاجة مسروقة» وبعناها وادالنا 1000 جنيه.. قسمناها على بعض إحنا التلاتة.. ورجعنا تانى.. وفجأة المباحث قبضت عليا.. وعرفت إن فيه واحد شاف «أحمد» على الطريق.. وبلغ الشرطة.. وأول ما جيت القسم اعترفت على طول.. أصله مفيش فايدة.. وحاولنا نهرب قبل كده من القسم بس ماعرفناش.. ودخلونا الحجز تانى.. أنا مش عارف إخواتى هيعملوا إيه.. ولا أنا عارف الجاى إيه.. بس خلاص أنا ضعت. المتهم الثالث «محمد».. نحيف وقصير القامة.. يظهر على وجهه علامات الإجرام رغم صغر سنه، أسفل عينه اليمنى توجد آثار قديمة لإصابة يعللها بأنها نتيجة لمشاجرة مع أحد السائقين، ويقول: نزلت مع هشام وكريم عشان نجيب أى حاجة.. مش معايا فلوس ولو اشتغلت على توك توك يوم مش باشتغل عشرة.. الحال واقف، ماحاولتش أدور على شغل.. والمخدرات ضيعتنى.. لما لقينا التوك توك جاى قلنا أهو نقلب رزقنا ونشوف مصلحة واتفقنا إحنا على كده.. وركبنا معاه.. ووقفناه على جنب.. مارضيش يسمع الكلام ويسيب المكنة.. هو اللى جابه لنفسه. «كريم» طلع السكينة ودبحه كده من قدام وصفى دمه ورميناه على جنب وحاولنا نخبيه بأى حاجة ورحنا على الجيزة بسرعة.. وقابلنا «محمد» فى العمرانية وقبضنا 1000 جنيه اتقسمت علينا.. والفلوس اللى أخدتها ماعملتش معايا حاجة.. وبعدها لقيت الضباط بتقبض عليا من البيت.. أنا كنت مستغرب إزاى هما عرفوا بسرعة كده.. أنا ماكنتش بافكر أهرب من القسم بس لما لقيت «هشام» و«كريم» بيعملوا كده كنت هاهرب معاهم بس المباحث منعتهم.. والله العظيم ندمان ومش عارف هيحصلى إيه.. أنا لو كنت اشتغلت كويس كنت هابقى أحسن من كده.. هو «هشام» السبب اللى جرنى للسكة دى.