وزيرة «التخطيط»: دعم صغار المزارعين يعزز جهود سلاسل الغذاء العالمية    تاون جاس توضح إرشادات هامة للحفاظ على سلامة المواطنين    مجلس الوزراء: افتتاح المتحف الكبير يدفع بانتعاش سياحي واسع وتوقعات دولية بأداء قوي للقطاع خلال السنوات المقبلة    ميرتس: هناك العديد من القضايا العالقة في محادثات أوكرانيا    الرئيس السيسي ل ماكرون: مصر ترفض الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وتدعم الشعب الفلسطيني    بلجيكا تطالب دول الاتحاد الأوروبي بإلغاء اتفاقيات الاستثمار مع روسيا    الأردن يتأهل لنصف نهائي كأس العرب ويواجه السعودية    القبض على 6 متهمين بعد مشاجرة بالأسلحة البيضاء وصدادات حديدية في الإسكندرية    ضبط 42102 لتر سولار داخل محطة وقود لبيعها في السوق السوداء    جائزتان لفيلم يونان بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    أخبار مصر.. كشف أثرى لبقايا معبد الوادى للملك «ني أوسر رع» بمنطقة أبوصير    هشام طلعت مصطفى يقدم 10 ملايين جنيه دعما لدولة التلاوة    الصحة تحسم الجدل حول استخدام المضاد الحيوي لنزلات البرد    المركزي السوري: خطوة إلغاء قانون قيصر تفتح صفحة جديدة للتعافي الاقتصادي في سوريا    رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية: استثمارات جديدة ودعم البحث العلمي وتعزيز الأمن الغذائي    دعاء المساء.. طمأنينة للقلب وراحة للروح    دوري المحترفين.. الصدارة للقناة والداخلية يهزم مالية كفر الزيات    ضبط تشكيل عصابي لترويج العملات المحلية المزورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    ذهبية وبرونزية لأبطال المشروع القومي في ألعاب القوى ببطولة أفريقيا للشباب بأنجولا    مدرب برايتون: أتمنى رؤية صلاح في تشكيلة ليفربول أمامنا    جوتيرش يقترح برهم صالح مفوضا ساميا لشئون اللاجئين    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع بالإسكندرية    محمد هاشم.. الناشر الذي صاغ ملامح جيل كامل ورحل بصمت    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    سبورت: الأهلي لن يجعل انتقال حمزة عبدالكريم إلى برشلونة مهمة سهلة    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    ضبط 3 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    ياسمين عبد العزيز للجمهور: متتجوزوش خالص!    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 16 - 08 - 2017

السقوط فى جحيم الاضطراب يجعل المجتمع ينتشى طرباً على إيقاعات الكراهية، وتموج بحاره بنوبات هوس منافية للعقل، ويحمل عداء للرقى وللإنسانية، ويعلن عن ضمور للقيم وتراجعها إلى خلفية بعيدة فى الصورة تظهر فى لحظات نادرة. والواقع المضطرب يخرج منه العقل خاسراً، وتتوحش الأمراض وندمن الكراهية والفشل، وتتحول السخرية من عاكس لمرار أو طرح لأمل مجهض إلى موضة وسخف وهزل، ولا تفعل سوى إشاعة مناخ فقدان الثقة والتشكيك فى كل شىء، لتصبح السخرية نوعاً من الكراهية التى رسخها عصر الميديا الحديثة فى أكبر كوارث نشر ثقافة الاستهانة والهزل، وعلى كثرتها ومع تكرارها تحولت إلى إدمان وثقافة عند المجتمع كله، وتحولنا إلى مجتمع غرائزى جهول يعيش فيما تصوره له أوهامه، ويرى الصورة كما يريد أن يراها ويحكم عليها من موقعه ونتيجة نوازعه وعقده وإحباطاته، وبالتالى فهو يعيش فى مستنقع الوهم لا يلامس حقيقة أبداً.
الاضطراب المجتمعى الذى نعيش أعلى تجلياته يجعل النقد كما الكراهية فى الصدارة، فالمجتمع عبارة عن مجموعة كبيرة من النقاد وقليل من اللاعبين، وكثير من النقاد تعنى فعلاً أقل وإنتاج نقد وفشل وهزل وتصدير تشكيك وكراهية، فالمجتمع الذى يبحث ليل نهار عن توافه الأشياء ويستهلك فيها أعصابه ويهدر أيامه وطاقاته فى جميع تنويعات التوافه، هو مجتمع لا يفعل أى شىء وينتظر كل شىء ولا يرى لنفسه دوراً فيما ينتظره، بل هذا الدور يفعله آخرون بالنيابة. الأيام الماضية تصدرت أربعة مشاهد تلخص إلى أى درجة وصل بنا الاضطراب وإدمان الكراهية والأذى للآخرين، وكأننا لا نريد الحياة، ولكن غرائزنا حية تشكك فى النجاح وفقد الوعى، وكأن اختيارنا هو السقوط والارتباك.
المشهد الأول كان السخرية والتشكيك فى إنجاز فريد من نوعه قامت به فتاة مصرية وحصلت على الميدالية البرونزية فى بطولة عالمية، فكان رد الفعل على هذا الإنجاز، الذى كان يجب الاحتفاء به وإعطاء رسائل وقيم وثقة للأجيال الجديدة من خلاله، أن يتم وصم فريدة عثمان نموذج النجاح والدقة والإتقان والإبداع، فيتم التشكيك فى وطنيتها لمجرد أنها تدرس فى أمريكا وحاصلة على جنسيتها، رغم أنها تلعب باسم مصر وترفع علم مصر، ثم لا نكتفى بهذا القدر من إدمان الكراهية والتشكيك بل تتجلى حالات السخرية وتصبح مادة للهزل ويرون فيها القبح وهى التى تشع نجاحاً وجمالاً وإبهاراً يسخرون من ملامحها ومن أنوثتها وعندما ترتدى فستاناً أحمر جميل يجهزون عليها بالسخرية وهذه الحالة المضطربة والغريبة فى المجتمع الآن تؤكد سيادة نظرية «فليفشل الجميع ما دمت فاشلاً» و«كلما كنت مدهشاً بإنجازك فأنا أكرهك».
هذه الظاهرة المرضية تعكس إلى أى درجة من الاضطراب والخلل أصبحنا وهو مؤشر فى غاية الخطورة.. فهل ننتبه؟ ومتى؟
نحن نجهض الطموح ونكره النجاح ونطعن فيه بالتشويه والتشويش.
المشهد الثانى الذى حدث فى الأيام الأخيرة ويؤكد حالة التوحش فى إدانة الآخرين دون رحمة ودون دقة كانت الصورة السيلفى للمسعفين بعد حادث قطارى الإسكندرية، فسنت السوشيال ميديا سنونها على كل شىء كما لو كنا ننتظر يومياً كبش فداء لنجهز عليه ذماً ونذبح معه أشياء أخرى، فلم يسأل أحد نفسه ولم يسعَ للتأكد حتى على سبيل الاطمئنان أو راحة الضمير هل ترك هؤلاء المسعفون عملهم ومهمتهم الإنسانية ووقفوا لالتقاط الصورة؟ أم أنها التقطت بعد انتهاء مهتمهم الصعبة وإخلاء المكان؟
لا أحد لديه استعداد لتحرى الدقة، ولو كان يملك المعلومة فسيتجاهلها لأن المجتمع فى حالة من التربص ويفترض الأسوأ طوال الوقت، وهى مشاعر مدمرة وقاتلة.
الصورة الثالثة تعكس اضطراباً قيمياً ومعرفياً، وتؤكد أن هذه العقليات مشوشة وبها صراع وارتباك ضخم، ومن يقومون بتصويرهم والنشر هم الأسوأ وليس الأرقى والأعلى. إنها الصور الأكثر تداولاً على وسائل التواصل الاجتماعى، وهى صور نساء وفتيات بغطاء الرأس والبكينى أو نساء يرتدين البكينى فوق ملابسهن، أو صور لرجال يصلون داخل البحر، إنها مجموعة من الصور تعكس حالة اللخبطة وهى أحد نماذج الاضطراب الاجتماعى، إنه اضطراب فى الهوية الاجتماعية وتأكيد على عدم إدراك الصواب من الخطأ، وفى نفس الوقت من التقط هذه الصور متربص ويعتبرها مادة فخمة للسخرية وهؤلاء يعانون أيضاً أعلى حالات الاضطراب.
الصورة الرابعة التى تعكس أن الارتقاء الإنسانى سقط وأن المشاعر التى يجب أن تكون مفعمة بالإيجابية والرومانسية أصبحت ممتلئة بالحسد والغيرة والفضول السلبى والسخرية التى تعلن الكراهية، وكأننا نغلق كل نوافذ الطيبة والإنسانية والجمال ونفتح شهية الشهوة والحقد والأنانية والقبح، ومع ظهور أغنية عمرو دياب الخاصة ببرج الحوت تم الإجهاز على دينا الشربينى.. المفارقة أن أغنية حب تصبح سبباً فى حملة كراهية تتجاوز السخرية والحسد أى السب والقذف والتجريح.
ما أصعب أن يمتلئ مجتمع بحالات الاضطراب، وما أسوأ أن يمتلئ ببشر تنصب نفسها قضاة على الآخرين وعلى المجتمع، وما أفدح نتائج الفشل والشخصيات التى تشعر بالفشل فى العمل أو فى الحياة أو فى الحب أو فى التعليم، فتتصدر حالة الفشل بمبدأ «إذا كان الفشل نصيبى فليكن من نصيب الجميع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.