«الأرض ليست ملكاً لأحد».. قاعدة لم يرض بها حى جنوبالجيزة، الذى تؤول إليه ملكية المناطق العامة والشوارع وأماكن الانتظار العمومية التابعة له.. فقرر ممارسة سلطاته وحقوق ملكيته لأماكن انتظار السيارات، وهى فتوى جديدة أعطى بها حى «جنوبالجيزة» نفسه الحق فى إدارة الشوارع وتأجيرها لمستفيدين يستغلون الطرق كساحات انتظار عامة لسيارات المواطنين نظير مقابل مادى محدد يومياً لوضع اليد، الشوارع المجاورة لمحكمة جنوبالجيزة والمحيطة بجامعة القاهرة أبرز المناطق الخاضعة لسلطان الحى ورجاله «المرتزقة». فى الطرق الرئيسية بجنوبالجيزة مجموعة من الشباب منتشرين وممسكين فى أيديهم دفاتر خضراء وحمراء، كل منهم يرى فى نفسه موظفاً حكومياً برتبة سايس تابع للحى الذى يؤجر لهم الطرق لاستغلالها «جراج» للسيارات، يقسم «الحى» المساحات بالمتر، بمعدل لا يزيد عن 40 متراً للواحد منهم، على أن يورد كل منهم 40 جنيهاً كل يوم فى خزينة الحى، وباقى ال«حصيلة» تذهب إلى جيبه الخاص. أحمد فكرى، سايس المنطقة التى تجاور سور جامعة القاهرة، يشترط على صاحب السيارة 5 جنيهات للوقوف فى «الحتة بتاعته» وحمايتها، معتقداً أنه أصبح موظفاً فى «الحى» بعد أن طلبوا منه صور أوراقه و«فيش» جنائى، للموافقة على عمله فى «تركين العربيات»، حسب قوله. الشاب فى نهاية العشرينات يؤكد: «التسعيرة الحقيقية المفروض 3 جنيهات، اتنين ليَّا وجنيه للحى، لكن أنا بازوّد على الناس عشان تشيل بعضها فى آخر اليوم»، «فكرى» ملتزم بمنطقته من الثامنة صباحاً حتى الرابعة عصراً: «ده وقت الشغل لأن الدنيا بتكون زحمة، واليوم الزحمة بيعوّض اليوم الفاضى، لأن الحى مالهوش دعوة بظروف الشارع». «كده أحسن ولاّ الواحد يروح يسرق يعنى؟».. سؤال منطقى يطرحه «سايس» الجامعة ليمنح نفسه شرعية العمل، حى جنوبالجيزة أقر بتأجير شوارعه، عمرو أبوالسعود، رئيس الحى، أكد أن الشوارع كلها مفتوحة، ولا يوجد عنده ساحات انتظار مغلقة: «كل واحد بياخد حتة لحسابه وبيركن فيها العربيات»، حسب معرفة «رئيس الحى»، تذكرة الانتظار مسعّرة بجنيه واحد، «أبو السعود» قال إن العاملين فى الشوارع كلهم من خارج الحى: «الفلوس اللى بتتجمع ليهم فيها 25% تقريباً، والباقى بيروح يتورد فى الخزينة». رئيس حى جنوبالجيزة معترف بعدم السيطرة الكاملة على آليات رقابة ومحاسبة الشباب «السياس»، ولكن مديرى المواقف حريصون على التفتيش على التذاكر ومراقبة كل شاب عامل، يقول: «الصراحة بتحصل اختراقات كتير، لأن انت مش هتقدر طبعاً تقف على راس كل واحد، واحنا بنحاول السيطرة قدر الإمكان».