هل نجاح الدكتور محمد مرسى فى العبور بمصر بعد الثورة إلى شواطئ الأمان والديمقراطية والتقدم، يصب فى رصيد جماعة الإخوان المسلمين ويعد نجاحاً لها وتثبيتا لأقدامها فى حكم مصر؟ وهل فشل الرئيس محمد مرسى خلال فترة حكمه يسحب من رصيد الجماعة وينهى مستقبلها السياسى فى مصر وبالتالى فى المنطقة العربية؟ السؤال الأول يعتمد على أن مرسى والجماعة كيان واحد لا ينفصل، فهى -أى الجماعة- التى أتت به إلى كرسى الحكم ومنحته مشروع النهضة، بعد استبعاد المهندس خيرت الشاطر، وما هم إلا أسماء لأفكار ومشروع كبير ممتد منذ عشرات السنين، لذا فإن الجماعة لن تسمح بفشل الرئيس وستقاتل من أجل نجاحه/نجاحها، مستغلة كل الإمكانات البشرية والاقتصادية وتنظيمها الدولى، وهذا يعنى أن الجماعة لن تختفى من الصورة، حتى لو بدا الأمر الظاهرى أنها تعمل من خلال حزب سياسى مستقل عن الجماعة، له ما للأحزاب السياسية من حقوق وواجبات، وهذا الوضع الشائك الذى يبحث عن وسائل لطمأنة القلقين من هيمنة الجماعة وتغيير الهوية المصرية واختطافها إلى اللاعودة. هذا الطرح هو الذى يجعل أنصار السؤال الثانى يراهنون على فشل مرسى ومشروعه، سواء بالأمنيات، أو ببذل الجهد المادى والمعنوى لإفشاله، ليس كرهاً لشخص مرسى وإنما للجماعة.. هؤلاء ما زالوا يراهنون على أن فى «جراب» الجيش خطة مؤجلة للانقضاض على الجماعة وإعادة الحكم من مغتصبيه بالديمقراطية الوليدة إلى مقره الدائم!! يغفل الطرفان، أن الطرف الغالب (الثالث) أكثرية الشعب المصرى لا يفرق معه مرسى من غيره، فالذين لم يدلوا بأصواتهم فى الانتخابات مثل الذين أدلوا، ونصف من صوت ذهب لمن لم ينجح، هؤلاء يريدون الحياة الكريمة، والعدالة الاجتماعية، ولن يتحملوا مزيدا من الصدام والجوع والانهيار فى كل شىء. أيضاً يغفل الطرفان إمكانات محمد مرسى الشخصية والتغيرات التى ستطرأ عليه وهو على كرسى الرئاسة والتى قد تجعله ينحاز إلى مشروعه الشخصى، كمواطن مصرى، يريد النجاح لنفسه ولوطنه، فإذا اصطدمت رؤاه وقراراته مع أفكار الجماعة ومتطلباتها، قد ينقلب عليها أو على الأقل يختار ما هو صائب من وجهة نظره المبنية على المعلومات الدقيقة الصادقة التى لن يعرفها سواه بحكم منصبه. مصلحة مصر تفرض على الجماعة أن يكون خيارها الأول دمج مشروعها الخاص بمشروع الشعب المصرى، بفصل الجماعة عن الحزب وتقنين أوضاعها حسب القوانين المصرية، وألا يغتر الحزب بنجاحه ويسهم فى بناء ديمقراطية حقيقية بالمشاركة لا بالمغالبة، وأن تمنح الجماعة مرسى الفرصة كاملة ليقترب من كل القوى ويلقى بانتمائه وأفكار الجماعة جانباً حتى يكون رئيساً لكل المصريين. أما الطرف الثانى فلا يجب أن يجعل الجماعة سبباً فى محاربة الرئيس الجديد، فيدفعه دفعاً إلى أحضان الجماعة بحثا عن النجاح المهدد، فكما يجب على مرسى أن يفهم التغيير الذى حدث وأنه رئيس لكل الشعب، على الشعب أيضاً أن يفرض هذا الواقع على الجماعة قبل مرسى، لأن مصر لن تتحمل مزيدا من النزف!