تتردد عبارة «دستور يا أسيادنا» بين المصريين، خاصة فى الأحياء الشعبية، كثيراً عند حضور ضيف للزيارة كى تتمكن النساء من تغطية رؤوسهن وتسارع البنات بأخذ ساتر للاختباء خلفه، وعندما يتأكد أهل البيت من هوية الزائر يعطونة الأمان والدخول، و«دستورك معاك يا أخويا اتفضل ادخل برجلك اليمين». كان الحراس والأغوات فى الدولة العثمانية يطلقون تحذيرات عالية ومدوية «دستووور» فيهرع الجميع لإفساح الطريق لمرور مواكب السلطان، فتختبئ السيدات خلف البرقع، والبنات وراء اليشمك، وينحنى الرجال احتراماً للسلطان، وقد تأثرت ثقافة المصريين بروح بروتوكولات الدولة العثمانية الصارمة باعتبار تبعية مصر لها خلال القرون الماضية، وقد حاول الكثير من الباحثين المصريين فى التاريخ والمراجع والتراث الشعبى البحث عن أصل حكاية «دستور يا أسيادنا» ومنهم الباحث الكاتب أسامة عفيفى، فاكتشفوا أن دستوراً قد تمت صياغته بين سيدنا سليمان وملوك الجان تم بموجبه احترام حقوق الجان فى التجول بحرية داخل المناطق المختلفة، بشرط أن لا يقوم أى عفريت أو جنى بالاحتكاك بالبنى آدمين أو إيذائهم، وبموجب هذا الدستور صيغت العلاقة بين الإنس والجن، وأصبحت عبارة «دستور يا أسيادنا» عندما تقال تعتبر بمثابة جواز المرور والإنذار المبكر من الإنسان للجان، وتذكيرهم ببنود مواد دستور سيدنا سليمان، فيمر الإنسان فى المناطق المختلفة بأمان وسلام، لأن الجان يحترمون توقيع أجدادهم على الدستور الأبدى والسارى المفعول وغير القابل للترقيع أو التعديل أو الاستفتاءات السنوية، بينما يتعرض الدستور المصرى للتباديل والتوافيق والاعتداء الدائم على بنوده، وتتصارع الأغلبية البرلمانية للاستحواذ على كتابته وتفصيله، وفقاً لاتجاهاتهم، ليدخلوا به التاريخ قبل أن يخرجوا منه. ونحمد الله أن ترزية القوانين داخل حزب الأغلبية قد فشلوا فى تفصيل الدستور على مقاسهم بعدما هاجت الدنيا ضدهم، وهذا هو الفرق بين الدستور العفاريتى الدائم والدستور المصرى المهلهل اللى من صنع البنى آدمين والذى كان زمان يتغير حسب رغبة الحكام، والآن يتغير حسب رغبة «الإخوان» من أصحاب الدكان الذى أغلقوه أخيراً حتى يتمكنوا من انتخاب مرشحهم، باعتبار انتخابه فريضة إسلامية.