التعليم العالي: عودة مكتب التنسيق هذا العام لجامعة القاهرة    بث مباشر| مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب جولته بمنطقة شرق بورسعيد    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    وزارة الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية حاولت اختراق الحدود الروسية 4 مرات في منطقتي كورسك وبيلغورود    بعد الفيديو المثير للجدل.. الزمالك يحيل محمد عواد إلى التحقيق    أجبروه على توقيع إيصال أمانة.. المؤبد ل4 متهمين خطفوا عاملًا بنجع حمادي    الأرصاد تعلن موعد انتهاء الموجة الحارة    تأجيل محاكمة متهمي ولاية داعش الدلتا إلى جلسة 24 يونيو    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    الحكومة المكسيكية تعلن أنها ستقاضي "جوجل" بسبب تغيير اسمها إلى خليج المكسيك    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني بالأقصر    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    العربى للعدل والمساواة يقترح رفع القيمة الإيجارية فى قانون الإيجار القديم    الجثة تكشف كدمات وجروحًا مروعة.. زوج الأم يعذّب طفلة حتى الموت بالإسماعيلية    لعرض «الفرص التجارية» للقطع الأثرية.. مصر تشارك في المؤتمر الدولي للتراخيص الآسيوي بهونج كونج    عمرو الفقى ومحمد حبيب بجنازة زوجة الإعلامى محمد مصطفى شردى    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    بحضور عدد من الإعلاميين.. بدء احتفالية نقابة الأطباء بمناسبة يوم الطبيب ال47    أثناء ارتفاع درجات الحرارة.. أفضل طريقة للحفاظ على الخبز لأطول فترة ممكنة    لمرضى السكري: نظام غذائي لصحة العين والوقاية من المضاعفات    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة التحكيم    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    محافظ أسيوط يتفقد مشروع إنشاء مصنع متكامل لمنتجات الرمان فى البدارى    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي حقيقة عرض ال "152 مليون جنيه" لصاحب هدف الحسم في بيراميدز    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «رئيس الرعاية الصحية»: منصة وطنية للتشخيص عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعي قريبا    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مرسى لم يعد رئيساً لمصر
نشر في الوطن يوم 12 - 07 - 2013

فى كل مرة ألتقى فيها أناسا لا أعرفهم يسألوننى أحد سؤالين: انقلاب أم ثورة؟ هل مرسى هيرجع تانى؟
شاء قدرى من فترة ليست بعيدة أن أركب سيارة مع سائق بدا وكأنه ينام أثناء قيادة السيارة بما يعرضنا كراكبين معه للخطر. الأصل أن السيارة، قانونيا، فى عهدته، وأنه الشخص الذى وقّع على تسلمها، لكن هل هو فى هذه اللحظة الأقدر على قيادتها؟
طلبت من الرجل بهدوء أن أقود السيارة مكانه، وقد كان. الملاحظ فى هذا المقام أن من كانوا فى السيارة شعروا بالارتياح؛ لأن خطرا على حياتهم كان حالا فأصبح نظريا بعيدا. وهنا تغلبت الشرعية (أى: القبول الذهنى والنفسى) على المشروعية (على من يحق له قانونا أن يقود السيارة). والفطنة تقتضى ممن يملك المشروعية أن يجمع معها الشرعية، وألا يرفع شعار «أنا الرئيس وسأفعل ما أظنه صوابا بغض النظر عن قبول الآخرين له أم لا»، لا سيما أن نيران الثورة لم تخمد بعد.
وفقاً للتعريف الكلاسيكى للانقلاب فإنه استخدام أساليب القوة المادية من قبل أحد أجنحة أو مؤسسات الدولة ضد السلطة الحاكمة.
وربما يكون التدخل العسكرى أكثر شرعية (أى: يحظى بالقبول) من استمرار الأوضاع السابقة التى تحقق المشروعية (أى: استيفاء الإجراءات القانونية التقليدية). ولنرجع لتدخل الجيش فى البرتغال عام 1974 حين فتح البلاد لآفاق ديمقراطية لم تكن موجودة عنده. ولم يكن تدخل الجيش استجابة لمطلب شعبى بل كان فى معظمه بمبادرة منه. ومع ذلك أطلق عليها ثورة 1974 فى البرتغال.
وما حدث فى مصر فيه عدة أبعاد أخرى تأخذنا بعيدا عن هذا التعريف الكلاسيكى، هى أن المصريين شعروا بأنهم خدعوا عدة مرات، بدءاً من الوعد بأن جماعة الإخوان لن ترشح مرشحا لمؤسسة الرئاسة وصولا إلى وعود كثيرة لم يتم الوفاء بها، انتهاءً بتجاهل متعمد وواضح من قِبل الإدارة السياسية للإرادة الشعبية. والانفصال بين الإدارة السياسية والإرادة الشعبية هو ما يخلق فجوة الشرعية التى وقع فيها الدكتور مرسى.
وأتذكر أن الأستاذ فهمى هويدى، فى أبريل 2012، كتب فى أعقاب قرار جماعة الإخوان بترشيح المهندس خيرت الشاطر مقالا أنقل منه هذا الجزء المطول لدلالته:
«كيف مر على الإخوان أن الجماعة الوطنية المصرية بل والمجتمع المصرى بأسره يمكن أن يحتملوا فى وقت واحد رئاستهم لمجلسى الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية أيضا؟ وكيف يقتنع الرأى العام بحديثهم عن المشاركة أو عن زهدهم فى السلطة؟».
ثم طرح عدة أسئلة من قبيل: «هل الإخوان جاهزون لحمل المسئوليات التى يتقدمون نحوها؟ وهل يتوقعون أن يشاركهم أحد من القوى الوطنية الأخرى بعدما بالغوا فى قدرتهم على النحو الذى لمسه الجميع؟ وهل يستسيغ فى عقل رصين فكرة تفردهم بحمل تلك الأثقال فى ظروف هى من أسوأ الظروف التى مرت على مصر؟
ألم يدركوا أن تصويت الجماهير لصالحهم فى الانتخابات البرلمانية يمكن أن تختلف دوافعه تماما عنها فى حالة الانتخابات الرئاسية؟ إذ هم فى البرلمان أصحاب رأى، أما فى الرئاسة فهم أصحاب قرار. ولأنهم لم ينجزوا شيئا يلمسه الناس على الأرض حتى الآن فما الذى سيقنع الجماهير بجدوى التصويت لصالحهم فى انتخابات الرئاسة؟
هل يتوقع الإخوان أنهم وحدهم يستطيعون مواجهة تحديات الداخل التى على رأسها الانفلات الأمنى وإدارة عجلة الاقتصاد وتحقيق العدل الاجتماعى؟ وأين الكوادر الإخوانية التى يمكن أن تنهض بهذه الأعباء كلها؟ ولماذا لم نرَها فى لجان مجلس الشعب مثلا؟
ألم يخطر ببال الإخوان أن بعض الدول العربية تتوجس منهم، وبعضها مشتبك معهم، والبعض الآخر يساند آخرين لا يمثلونهم؟».
ثم يختم الأستاذ فهمى هويدى بقوله: «فى مقام سابق قلت إن الإخوان يتعرضون لثلاثة أنواع من الفتن: فتنة السلطة، وفتنة الأغلبية، وفتنة الأضواء. وفى حين حذرت من الاستسلام لأى من تلك الفتن، فإننى فوجئت الآن بأنهم وقعوا فيها جميعا، وفى مقام آخر قلت: إن الذين يكرهون الإخوان يريدون توريطهم فى تسلم السلطة ويتمنون أن يغرقوا فى مستنقع مشكلاتها المستعصية. وحين سُئلت أخيرا عن رأيى فيما أعلنوه أمس الأول قلت إنهم وقعوا فى الفخ، وحققوا لخصومهم ما تمنوه لهم، وهو أمر يصعب تصديقه، حتى يكاد يشك المرء فى أن ما حدث من أوله إلى آخره ليس أكثر من كذبة أبريل التى أراد الإخوان أن يداعبونا بها!».
أعقب على كلام الأستاذ فهمى هويدى بأن تحذيرات عديدة وصلت للإخوان من أشخاص ليسوا من أعدائهم بنفس المعنى، لكن كانوا مثل السائق الذى كان يقود سيارتنا وقد أصابه ما جعله يترنح فوضع نفسه فى خانة من لا يستحق أن يستمر فى السلطة.
وربما تتذكرون حضراتكم أنه فى يونيو 2012، وقبل انتخابات الرئيس، حددت مهام الرئيس الجديد، أياً من كان، فى خمس جمل، ونصحت من يشغل المنصب أن يكتبها أو يكتب مثلها ويضعها أمامه على مكتبه؛ لذا تمنيت على الرئيس آنذاك أن يكتب هذه الجمل: «أمن بلا استبداد، تنمية بلا فساد، دستور جامع بلا استبعاد، وإخراج العسكر بلا عناد، ودور إقليمى نشط بلا استعداء».
وكلما راجعت أداء الرئيس فى هذه المجالات، وجدته متواضعا للغاية، وكان آخرها فى مقالى بتاريخ 14 يونيو 2013، الذى طالبت فيه الرئيس مرسى صراحة فى عنوان المقال: «.. وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة». والمثير أن رد فعل أحد العاملين فى مؤسسة الرئاسة أن استقالة الرئيس من رابع المستحيلات. ولم يكن الهدف من المقال الاستقالة، وإنما أن يدرك أنه يفقد شعبيته ومن ثم شرعيته التى وصفتها دائما بأنها مثل الحرارة تكتسب وتفقد تزيد وتنقص، لكن الخيال السياسى للإخوان لم يكن يتخيل ما حدث.
أتذكر أننى فى آخر ثلاث حلقات من برنامج «باختصار» شرحت بكل ما أعرف من طرق كيف أن مصر كلها فى مأزق بسبب السلوك السياسى للرئيس: رسمنا له نخبة الفك المفترس على «السنبورة» وكيف أن نخبة تكسير العظام هى استثناء فى تاريخنا، وضعنا على الشاشة الخلفية كيف أن كل مؤيديه فى تواريخ محددة تخلوا عنه بسبب تصريحات أو قرارات له أو لأنصاره، جبنا ميزان من عم أحمد الفكهانى ووضعنا فيه زلطات تمثل «تمرد وتردد وتشرد وتجرد» ومؤسسات الدولة، وكيف أنهم انتقلوا تباعاً من خانته وخانة أخرى، ولولا حفاظنا على سمت البرنامج لكنا غنينا له أغنية من إحدى المسرحيات: «فاضل لك زلطة وتطلع برة» وقلنا له: سيأتى يوم يا دكتور مرسى تقول فيه: «وكذلك سوّلت لى نفسى» وسيجتمع مكتب الإرشاد ليتلاوموا بشأن من أخطأ فى ماذا، وصولا لأننا أذعنا مرتين أغنية: «تفيد بإيه يا ندم.. فات الميعاد».
الدكتور مرسى ومن معه كانوا مثل من كان جائعا، فأكل بنهم، فمات من التخمة المفاجئة: جاع، أكل، زِور، مات. المقصود هنا هو الموت السياسى طبعا.
إذن ومن الآخر، الدكتور مرسى أثبت أنه غير جدير بإدارة مصر، وأياً ما كانت الأسباب، هذه تجربة فاشلة وانتهت. دعونا نبدأ من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.