صوته يسبق خطواته.. يطرب السامعين برنة اعتادوها جميعاً فى ذلك التوقيت.. يتحسس ظلام ليله بأضواء مبعثرة أتته من فانوس كبير يزين وسط الشارع، وزينة تكاد تطال رأسه من فرط ما زينوه استعداداً لشهر فضيل.. يدق بطبلته دقات متتالية فتدخل رنته فى آذان النائمين توقظهم لموعد السحور: اصحى يا نايم وحد الدايم وقول نويت/ بكره إن حييت الشهر صايم/ والفجر قايم اصحى يا نايم وحد الرزاق رمضان كريم يشدو بكلماته لتملأ آذان المسلمين فيستعدوا للصيام، بطقس دينى حثنا عليه الرسول، صلى الله عليه وسلم. «المشى طاب لى والدق على طبلى ناس كانوا قبلى قالوا فى الأمثال الرجل تدب مطرح ما تحب وانا صنعتى مسحراتى فى البلد جوال».. يدب بقدميه جميع الشوارع المحيطة به، يعرف الكبير والصغير، تارة يناديهم بأسمائهم وأخرى يغنى لهم: «حبيت ودبيت كما العاشق ليالى طوال وكل شبر وحتة من بلدى حتة من كبدى حتة من موال». «المسحراتى» مهنة عرفها المسلمون منذ عام 238 هجرية ابتدعوها حتى يعتاد المسلمون أن يصحوا استعداداً لتناول السحور ثم التأهب لصلاة الفجر فى ليالى شهر رمضان الكريم، يظل المسحراتى بطبلته يجوب ثلاثين ليلة ثم يعود مرة واحدة بطبلته فى النهار، يعود باحثا عن عيدية انتظرها طيلة الشهر.. للمسحراتى أشكال مختلفة جسدها سيد مكاوى بصوته فى «المسحراتى» وكتبها فؤاد حداد بكلماته، لكنه لا يغيب أبدا عن أحياء القاهرة وشوارعها مهما كانت راقية أو شعبية «فأنا صنعتى مسحراتى فى البلاد جوال».