لأنه أبدا لم يكن رئيسا لنا فى أى وقت من الأوقات، بل كان مجرد مندوب أُخرِج «زاحفا» من كهف المقطم ليتصدر المشهد.. ولأنه لم يكن فى يوم من الأيام «جملة مفيدة» فى دفتر أحوال الوطن ، بل كان مجرد «جملة اعتراضية» فى ذاكرة مصر.. ولأنه لم ينجح فى أن يكون «رقما» صحيحا فى معادلة العمل الوطنى ، بل كان مجرد «كسر عشرى» على هامش مسألة حساب المسئولية الوطنية.. ولأنه هدد وطنا وشعبا ولم يحمِ حضارة وتاريخا.. ولأنه بدد دماء شهداء ولم يصن حلم ملايين فى صياغة مستقبل أفضل.. ولأنه فرّق أخوة ورفقاء درب وكفاح ولم يجمّع شركاء الوطن.. ولأنه أسال الدماء ولم يحقنها.. ولأنه كل ذلك فلم يصمد أمام ورقة وقلم رسما كلمة «تمرد» سوى دقائق معدودة، وسقط بعدها دون أن تمتد أى يد إليه لتلتقطه.. فقد سقط «عمدا» من تاريخ الوطن!! عملية انتحار جماعى يصر «نيرون الاتحادية» على أن يقود أهله وعشيرته إليها.. ولم لا؟ فمن سيسدد فاتورة محاولة الاستمرار فى قصر الرئاسة هم «ملح الأرض» من الأهل والعشيرة أما أبناء الصفوة منهم فهم فى مأمن!! وإذا كان رموز الجماعة ظلوا على مدى أيام طويلة يتشدقون بحتمية الاحتكام إلى شرعية «الصندوق»، كان لا بد لهم من الرحيل عن موقع لم يكن فى يوم من الأيام مناسبا لهم ولإمكانياتهم فى ضوء نتيجة الاستفتاء الشعبى الذى أحال ميادين «المحروسة» -على مدى نحو 10 أيام أمام أنظار العالم- إلى صندوق زجاجى، جسّد فيه ملايين المواطنين بأصواتهم كلمة «ارحل».. ألم يقل مندوبهم الذى كان بميدان التحرير يوم 29 يونيو 2012 «أنتم أصحاب الشرعية تمنحونها لمن تشاءون.. وتمنعونها عمن تشاءون»؟! ولأن «الجماعة» قد استيقظت من «حلم» الاستحواذ على مصر والتمكن منها، على «كابوس» الرفض الشعبى لها -والذى جسدته الملايين فى جميع أنحاء الوطن- فقد حاولت الدفع برموزها لإكمال عملية خداع شبابها الذين جرت لهم عملية «غسيل مخ» من خلال «إطلاق النفير» للاستشهاد دفاعا عن «الشرعية»، كما زعموا إلا أن الحقيقة كان بهدف الدفاع عن الكرسى والسلطة.. فلترق إذن دماء أبناء الوطن الواحد، ليغتسل «نيرون الاتحادية» ومرشده وشاطره وكل أصحاب فتاوى الكراهية فيها ويتوضأوا منها.. وليصنع رموز الفتنة من «رؤوس ضحاياهم» مسابح ليعددوا عليها مكاسبهم!! ولأن «أصوات الشرعية الثورية» قد أطاحت بتوازن كل من بالاتحادية وأفقدتهم كل منطق، فسارع «آل الحداد» بالاستنجاد ب«عاصمتهم» واشنطن، من خلال «تقارير مزيفة» ومكالمات تليفونية محمومة إلى دول العالم عما تواجهه الرئاسة مما سموه «انقلابا» على الشرعية، ظنا منهم أن مستقبل مصر يُصنع فى الخارج، غير أن الرأى العام العالمى شاهد بعينيه أن تحرك المؤسسة الوطنية جاء انطلاقا من مسئوليتها الوطنية وانحيازا لمطالب الملايين، باعتبار أن القوات المسلحة هى حصن أمان لمصر يضمن للشعب كرامته وللوطن أمنه، وأنها تؤمن بأن مصلحة الوطن فوق أى وكل مصلحة أخرى وأن تعبير «الانقلاب» لم يكن واردا أبدا فى قاموس «عقيدتها». فى النهاية، فإن من كان يحسب نفسه رئيسا لمصر بعد أن اختطف الوطن، ينتظر محاكمة عادلة عن كل جرائمه التى ارتكبها على مدى عام واحد فقط والتى تطول قائمتها عن تلك المسافة بين جنوبالقاهرة حيث يقع سجن «طرة» وبين شرق العاصمة حيث يوجد قصر الاتحادية، والتى قطعها «نيرون وجماعته» فى نحو 84 سنة إلا أن طريق عودته لم يستغرق سوى 84 ثانية!!