هل أنا طائر أم حيوان؟ سؤال حاول أجدادى البحث عن إجابته من قديم الزمان.. الكثير منكم يعرفنى اسماً فقط، لم يرنى ولن يرانى حتى لو ذهب لحديقة الحيوان. لا أظهر إلا فى الليل.. هكذا كان الحكم الذى أصدرته محكمة الطير والحيوان. أنا الخفاش.. كنت أعيش فى الغابة وسط الطيور والحيوانات، أراهم رغم اختلافهم أصدقاء، فالغراب كان صديقاً للحمار يتقاسمان الطعام والإحساس بالظلم والهوان، تجمعهما الطيبة وسخرية البشر منهما من قديم الزمان، بالرغم من أن الغراب من أطيب الطيور والحمار ليس غبياً كما يصفه الإنسان، كنت أراه فى الحقول يسير وحده يعرف طريقه دون مساعدة، يتحمل العمل الشاق صيفاً وشتاء. أما الكلب فكان صديقاً للكروان، يجمعهما الليل فيغرد الكروان ليؤنس وحدة الكلب الحارس الأمين السهران. وسط كل هؤلاء كنت أشعر أننى وحيد، أتأملهم فى حزن وأبتعد.. لا أعرف لأى فريق منهم أنتمى. تزداد دهشتى عندما أرى العصفور الصغير صديقاً للفيل.. يمرح ويلعب وينزلق على زلومته مثلما يشاهد الأطفال فى الحدائق يلعبون، وكم استمتعت بعزف طائر الكنارى ورقص الحصان بخفة ورشاقة على أنغامه! كان الكل يعيش فى ألفة ويشعر بالأمان. وفى يوم من الأيام قامت الحرب بين الطيور والحيوانات، اختلف النسر ملك الطيور مع الأسد ملك الحيوانات، كل منهما يريد أن يكون ملك الغابة واختلط الصفير بالزئير.. بدأت المعركة، ومن بعيد وقفت وراء جذع شجرة كبيرة، كانت الطيور تنقض على الحيوانات والحيوانات تهاجمها بكل قوة وشراسة.. انتهت المعركة بهزيمة الطيور أمام الحيوانات. بهدوء تسللت من وراء الشجرة وهنأت الأسد بالنصر، رأتنى الحيوانات فقالت فى غضب.. أنت من الأعداء ألست طائراً ولك جناحان؟ قلت بثقة.. لا أنا واحد منكم، انظروا إلى أسنانى.. هل رأيتم من قبل طائراً له أسنان؟ أخيرا عرفت مكانى، عشت مع الحيوانات على الأرض لكن فى نفس الوقت كانت عينى على السماء. ومرت الأيام ومن جديد اختلف الملكان، ملك الحيوانات وملك الطيور واختلط الزئير بالصفير ودارت الحرب بين الفريقين. كعادتى وقفت وراء جذع الشجرة الكبيرة أرقب الفريقين، كانت الطيور هذه المرة أكثر استعدادا للقتال فقاومت الحيوانات بكل ضراوة وشجاعة، وانتصرت الطيور على الحيوانات. بسرعة تسللت واقتربت من النسر ملك الطيور وما إن رأتنى بقية الطيور حتى تعالت صيحاتها وقالت.. ابتعد من هنا، أنت عدونا لست معنا، تعيش على الأرض مع الحيوانات. قلت فى ثقة.. وهل هناك حيوان له جناحان، أنا منكم ومعكم طائر مثلكم. ومرت الأيام وأنا أعيش مع الطيور فى السماء لا أشعر بسعادة ولا تجمعنى بهم صداقة. تكررت الحروب وفقد الفريقان كثير من الطير والحيوان.. وفى يوم قرر الجمل أكبر الحيوانات سناً، أن يجتمع بالفريقين ليوقعا معا معاهدة سلام، فرحت الطيور والحيوانات واختلط الصهيل بالهديل، والنعيق بالنهيق، والتغريد بالنباح، والصفير بالزئير تعبيرا عن السعادة بالسلام. وفجأة توقفت الأصوات وتنبه الجميع لوجودى بينهم.. قال الجمل.. لماذا جئت يا خفاش؟ لا نعرف هل أنت من الطير أو الحيوان، أنت منافق ليس لك أمان، لذلك ستظل وحيداً تعيش فى الظلام. وقد كان.. أردت أن أكون الفائز دائماً فكنت الخاسر الوحيد.. الحائر بين الجناحين والأسنان فى عالم الطير والحيوان.