قال علاء شلبي، أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن اضطراد مسيرة البلاد التنموية يقترن بوشائج قوية لجهود الارتقاء التشريعات العقابية وضمانات العدالة الجنائية والاستجابة لاستحقاقات حقوق الإنسان التي كفلها وأثرها دستور البلاد، ذلك أن إرساء حكم القانون والشفافية والمساءلة وضمان الحريات يشكل الأساس القوي للإدارة الرشيدة والتنمية المستدامة، بما يعنيه ذلك من توفير مناخ آمن للاستثمار الوطني والأجنبي، وسرعة التقاضي وتلبية مقتضيات العدالة الناجزة. وأضاف شلبي، خلال افتتاح ورشة العمل الوطنية تحت عنوان "نحو تطوير التشريعات العقابية في ضوء الاستحقاقات الدستورية"، أنه تتزامن هذه الفعالية مع جهود حثيثة من جانب كل من الحكومة ومجلس النواب للإسراع بإصدار العديد من التشريعات الأساسية المفعلة للدستور وغيرها من القوانين ذات الأولوية، ويؤكدها كذلك قرار رئيس الجمهورية بإعادة تشكيل "اللجنة العليا للإصلاح التشريعي" قبل بضعة أيام، وبينما يمكن القول بأن هذا الحراك التشريعي الإيجابي كان مرتقبا لفترة غير قليلة بهدف تلبية التطلعات المنشودة لتفعيل الدستور، فإنه يتعيَن أن نشير كذلك أن بعض الاستجابات التشريعية التحديات الطارئة التي لا يمكن التقليل من أهميتها وخطورتها- لا يصح أن يحيد بنا عن المسار الذي رسمه الدستور، وهو المسار الذي لم ترسمه فقط النصوص، بل رسمته أيضاً روح الدستور وتوجهاته والتأييد الشعبي الجارف له في يناير 2014. وشدد شلبى إن الالتزام القاطع في الدستور بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان لا ينبع فقط من أهمية احترام بلادنا بتعهداتها الدولية، بل ينبع بداية من كونه يصب في صالح البلاد ويلبي المطالب الشعبية ويوفر الضوابط والمعالجات المناسبة لكثير من التحديات، ويعزز اللحمة الوطنية في مواجهة كافة الأخطار ومنها الإرهاب. وأكد شلبي، أن تقارير حقوق الإنسان الجادة والأمينة تعكس بواعث القلق الرئيسية التي تستدعي معالجة تشريعية عاجلة، وفي مقدمتها استخدام عقوبة الإعدام، وتطبيق تدابير الحبس الاحتياطي، وتحسين التدابير المعيشية في السجون ومراكز الاحتجاز الأولية، والتصدي أشكال سوء المعاملة وجرائم التعذيب، وتأهيل السجناء بما يتيح إعادة دمجهم في المجتمع. وأشار شلبي إلى أن دراسات أجرتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان -حول المنطقة العربية برمتها- كشفت عن نتائج صادمة، منها في مصر مثلا نحو قرابة مائة نص تشريعي يقود إلى الحكم بعقوبة الإعدام، وبالإضافة إلى التطبيقات التي نوهت بنوعية التحديات الناتجة عن هذا الإسراف التشريعي، فإن البعض القليل من التطبيقات أسهم في تعميق صورة ذهنية سلبية جاوزت حقائق الواقع بكثير، ولم تتح الإلمام بالجهود المقدرة، وفي مقدمتها دور محكمة النقض المصرية العتيدة، وكذا دور كل من فضيلة مفتي البلاد ومؤسسة رئاسة الجمهورية في الحد من الاستخدام الواسع لهذه العقوبة. وأكد شلبي أنه ويتزامن عقد هذه الفعالية مع أنباء مهمة حول مشروع قانون جديد أقرته الحكومة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية، وهو المشروع الذي تضمن العديد من التعديلات المهمة والإضافات الثرية التي تلبي غالبية المطالب والمقترحات، خاصة تلبية ما كفله الدستور من التقاضي على درجتين في الجنايات، وضرورة إجماع الآراء في الحكم بعقوبة الإعدام، وتأكيد الطبيعة الاستثنائية لإجراء الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي للحيلولة دون التوسع في استخدامه، وحق المحتجزين في التعويض عن الحبس بعد ثبوت براءتهم.