ما أن أعلن تتويج الشاب الفلسطيني محمد عساف بلقب برنامج هواة الغناء على شاشة "ام بي سي"، "أراب أيدول" حتى انطلقت هتافات في معظم أرجاء الأراضي الفلسطينية وسط إطلاق المفرقعات والألعاب النارية في الهواء. فور الإعلان الذي تابعه عشرات الآف الفلسطينيين عبر شاشات كبيرة في الساحات العامة في الضفة الغربية، وشاشات مماثلة في فنادق ومطاعم قطاع غزة، انطلق الآلاف إلى الشوارع الرئيسة في القطاع على وقع أصوات أبواق مئات السيارات. وفي ما يشبه تظاهرة كبرى تجمع الآلاف في ساحة الجندي المجهول قبالة مقر المجلس التشريعي في غرب مدينة غزة وهم يرفعون صور "محبوب العرب". وهتف المحتفلون باسمه وبعضهم رقص على أنغام أغنية "علي الكوفية علي" التي اشتهر بها عساف قبل مشاركته في برنامج أراب أيدول. وقالت شيماء التي كانت مع أسرتها تتابع عساف عبر شاشة كبيرة في مطعم على شاطئ بحر غزة "حبست أنفاسي مثل الوف الناس وأنا اشاهد اللحظات الأخيرة، أنا فخورة بمعشوق العرب ابن غزة عساف". أما ديانا شمس، ذات الأربعة عشر ربيعا فراحت تلوح لعساف وهي تقف أمام شاشة العرض التلفزيوني الكبيرة وهي تقول "مبروك يا عساف، رفعت رأس غزةوفلسطين". وقالت الفتاة، وهي تتناول كوبا من عصير الليمون "أجمل لحظات حياتنا الآن، صوتنا بقوة لعساف والآن نجني ثمرة تعبنا، عساف يستحق لقب فنان عالمي". وتفاعل المحتفلون مع شقيقتها الطفلة ديلا التي رقصت فوق طاولة. بدوره أعرب عماد السويركي، الذي اصطحب أسرته إلى فندق على شاطئ البحر عن فخره بمواطنه، وقال "على العالم أن يعرف أننا دعاة سلام ونحب الحياة مثل كل الناس ولسنا دعاة حرب وقتل". وقاطعته زوجته أماني وهي تنظر إلى عساف وهو لا يزال يغني بعد إعلان فوزه، وقالت وهي تشير إليه "انظر، هذا العساف الحر اليوم يقول لكل الدنيا نحن نعشق الفن والغناء، نحن شعب نفرح مثلما نحزن، شكرا لعساف الذي وحد شعبنا خلفه". وأكد مدير الفندق سمير سكيك، أن "عدد الحضور اليوم هو أكثر من 850 شخصا، أي ضعف طاقتنا الاستيعابية، بالنسبة إلينا هذا غير مسبوق". وأضاف "أنها فعلا أجواء احتفالية لا مثيل لها. أشكر عساف معشوق الجماهير العربية الذي وحد كل الشعب وفصائله". بدوره أكد صلاح أبو حصيرة رئيس هيئة المطاعم والفنادق الفلسطينية في قطاع غزة، أن "كافة المطاعم والفنادق والمقاهي في القطاع والضفة امتلأت عن بكرة أبيها لمشاهدة معشوق العرب ابن فلسطين عساف". وأضاف أن "عشرات الآلاف تقاطروا على المقاهي المنتشرة على شاطئ غزة وفي ساحات رام الله ونابلس وجنين والخليل والناصرة وكل مدن ومخيمات فلسطين. هذا الحدث العظيم بدافع وطني وبدافع أن عساف فنان بمعنى الكلمة والناس هنا يحبون الحياة والترفيه". وأشار أبو حصيرة إلى أن هذا الاندفاع لمشاهدة عساف، والتصويت لصالحه "يؤكد انتماء أبناء شعبنا إلى الثقافة والفن والانتماء لحضارة عريقة"، مبينا أن مشاركة عساف في برنامج أراب أيدول "ساهم في تنشيط الحركة السياحية في غزة كما في الضفة رغم أننا في فترة الامتحانات النهائية لطلبة الثانوية العامة". وفي قطاع غزة كلما اقتربت من حي "الحاووز" في مخيم خان يونس للاجئين حيث يقطن عساف كلما زادت الفرحة وبدا التأثر اكبر. وفي هذا الحي قال عدنان بربخ (45 عاما) وهو جار لعائلة عساف، إنه لم يستطع أن يتمالك نفسه عندما أعلنت النتيجة النهائية فبكى فرحا. وأضاف أنه أعد شاشة كبيرة في زقاق منزله حيث شاهد مع ابنائه العشرة وعشرات من أقاربه وجيرانه عساف يغني، موضحا أن "الجمهور" كان يستمع لأغنية "علي الكوفية علي" في أوقات الاستراحات المتكررة. وفي حي تل الهوى، جنوب غرب غزة أطلقت ابتسام أبو سيف الزغاريد فرحا بفوز عساف. وقالت "اضطررت أنا وزوجي وأولادي لمشاهدة عساف في المنزل. لم نتمكن من الذهاب لأي فندق أو مطعم لأن جميعها محجوزة". ورفعت صور ضخمة لعساف على جدران مبان مرتفعة في مدن الضفة الغربيةوغزة مع دعوات للتصويت له. وكما الفرحة كانت عارمة في غزة كذلك كانت في رام الله، ففي ساحة الأمم في وسط المدينة تجمع الاف المواطنين للاحتفال بفوز عساف. وقالت نعمة إبراهيم التي اصطحبت أبناءها الأربعة الى الساحة "أنا أقيم مع زوجي وأبنائي في أميركا وجئت لزيارة عائلتي في رام الله قبل عدة أيام. هذه المرة الإولى التي أشعر فيها بالفرحة". وأضافت "كنت في السابق لا أرى إلا التظاهرات والاعتداءات الإسرائيلية أما اليوم فأشعر أنني مرتاحة وسعيدة". أما إراهيم المدني فقال "معظم الشوارع كانت أشبه بمنع التجوال اثناء بث البرنامج وفجأة تحولت إلى ما يشبه تظاهرة عفوية في كل أرجاء الوطن، إنها لوحة الوحدة يرسمها الفنان محمد عساف". وحتى ساعات الفجر الأولى كانت الشوارع الرئيسية في غزة لا تزال مزدحمة بالسيارات في حين راح عناصر من شرطة حماس ينظمون حركة السير وقد بدا الفرح على وجوه الكثيرين منهم. ومن هؤلاء العناصر شرطي قال: طالبا عدم ذكر اسمه "أنا مبسوط جدا لفوز عساف وأشارك كل الناس الفرح، كلنا أبناء بلد واحد"، مؤكدا ان "التصويت لعساف كان تحديا كبيرا يشبه معركة انتصر فيها شعبنا. المقاومة لها أشكال عديدة". وتنافس عساف في الحلقة النهائية التي انتهت منتصف ليل أمس، مع المصري أحمد جمال والسورية فرح يوسف.