فى كل ذكرى لثورة الضباط فى 23 يوليو 1952 دائما ما كان يطرح سؤال: هل انتهت ثورة يوليو؟ كل من حاول الإجابة على هذا السؤال كان يركز على مبادئ الثورة، فمن يعتقد أن هذه المبادئ قد تلاشت كان يؤكد أن ثورة يوليو انتهت، ومن يقتنع بعكس ذلك يؤكد أنها ما زالت مستمرة. هؤلاء كانوا يتناسون أن ثورة يوليو كانت -فى الأساس- حركة (قام بها الضباط) ترتب عليها رفع المؤسسة العسكرية والعسكريين إلى كراسى الحكم، وجعلت من «البدلة الميرى» مصدراً لشرعية الحاكم، لم يكن يهم أن يكون الرئيس منتخباً، بل كان الأهم أن يكون ضابطاً. بانتخاب الدكتور «محمد مرسى» رئيساً للجمهورية الجديدة تكون مصر قد خلعت البدلة الميرى التى دوبت ودوخت شعبها عبر ستين عاماً وارتدت زياً مدنياً. ثورة 25 يناير نجحت فى تحرير مصر من هذه «البدلة»، ولكن يبقى «الكاب» الميرى، وهو ليس بالشىء السهل. فال«الكاب» قد يكون أشد خطورة من «البدلة». فهو أيقونة السلطة العسكرية التى تحكم مصر طيلة ستة عقود. استطاعت ثورة يناير أن تخرج مصر من البدلة الكاكى، لكن الكاب ما زال موجوداً هناك يعبر عن المؤسسة التى ما زالت تملك السلطة، بحكم الإعلان الدستورى المكمل. الدكتور محمد مرسى الذى قدم نفسه مُطالب باستكمال مشوار الثورة فى انتزاع السلطة كاملة، ولن نستطيع أن نقول إن السلطة خرجت من قبضة المؤسسة العسكرية ليمسكها الرئيس المنتخب بيديه إلا يوم يتمكن من اقتلاع هذا «الكاب» بنزع هذا الإعلان الذى يشبه «مسمار جحا». ولكى يستطيع «مرسى» ذلك فليس أمامه سوى «الاستقواء» بالشعب على السلطة العسكرية «المستقوية» على الشعب، لقد قدم نفسه كمرشح للثورة وقد دعمه ذلك كثيراً فى الوصول إلى الحكم. وعليه أن يستوعب أن الشارع الذى أصبح يسكن فيه الآن هو «الشارع الثورى» وليس «الشارع الإخوانى». وقد كاد هذا الشارع أن يضيع بأكمله ويضيع مرشح الجماعة معه لولا «المدد» الذى أمده به الشارع الثورى. خروج «محمد مرسى» من «جلباب» الإخوان لا بد أن يكون حقيقياً «مش كده وكده». فهذا عهد قطعه الرئيس على نفسه. وقد كان من أهم الجمل التى ذكرها فى خطابه الأول إلى الأمة «إذا لم أف بوعودى وعهودى لكم فلا طاعة لى عليكم». وهو مطالب بالوفاء بالعهد.. «إن العهد كان مسئولاً».. على «محمد مرسى» أن ينحاز كاملاً إلى الشارع الثورى الذى قفز به إلى كرسى الرئاسة. إذا فعلها الرجل وخلع عن نفسه بصدق «جلابية» الإخوان فسوف يتمكن بسهولة -لا يتوقعها أحد- من نزع «الكاب الميرى» واستخلاص السلطة فى يديه. المخرج فى الوعى بهذه المعادلة الثلاثية: «البدلة» و«الجلباب» و«الكاب»!