وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    بعد حذف ب"طلب منها"، البنتاجون يعدل بيانه بشأن الضربات ضد "داعش" في نيجيريا    القلاوي حكما لمباراة الأهلي والمصرية للاتصالات في كأس مصر    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية من البوابات بسبب شبورة تحجب الرؤية    إذاعي وسيناريست ورسَّام، أوراق من حياة الدنجوان كمال الشناوي قبل الشهرة الفنية    الطرق المغلقة اليوم بسبب الشبورة.. تنبيه هام للسائقين    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 ديسمبر في بداية تعاملات البورصة العالمية    ترامب: نفذنا ضربات قوية ضد «داعش» في نيجيريا    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    مصدر سوري يرجح توقيع اتفاق أمني سوري إسرائيلي قريبا    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أمم إفريقيا - لاعب مالي: نريد الفوز باللقب وإعادته إلى باماكو    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق السبت
جمهورية لم الشمل‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2012

علي كنبة اسطانبوللي في بحراية بيت ريفي أصيل‏..‏ قوائم مدخله والدرابزين ربما من أيام الخديو عباس الأول‏..‏ في قرية مصرية أصيلة‏..‏ اسمها أريمون في قلب ريف كفرالشيخ‏..‏ وهي تكاد تكون صورة طبق الأصل من قرية العدوة التي أخرجت لنا رئيسا مصريا خالصا.. لفحته شمس مصر وشرب من ماء النهر.. من رجالات كتب التاريخ التي يحفظها التلاميذ عن ظهر قلب.. من أمثال عمر مكرم والشيخ المحروقي ومحمد طوبار وعبدالله النديم ومصطفي الشندويلي سبع بولاق العظيم.. أذهل الجميع وأدهش الدنيا بحالها عندما تسلل من غيطان الحنطة وداس بقدميه في جداول الماء الرقراقة في حقول الأرز الناعسة والفول الحراتي الصاحي المبتسم.. ليقدم نفسه مع ثوار الخامس والعشرين من يناير بوصفه أول رئيس مصري حمله الشعب المصري من خلال صناديق الانتخاب الحر.. إلي قصر الرئاسة..
أقول: علي كنبة اسطانبوللي في بحراية بيت ريفي أصيل من أيام الخديو عباس الأول.. شاء قدري أن أجلس مشدودا مبهورا قلقا.. بين قوم غارقين في الطيبة.. موجوعين بالألم.. متعلقون بالأمل بما سينطق به المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا, وهو يتلو علينا حيثيات فوز الدكتور محمد مرسي بمقعد الرئيس خلفا لآخر الفراعين الطغاة البغاة والذي كان يدعي حسني مبارك!
ووسط فرحة الجالسين والواقفين والمارين بالمكان.. وزغاريد النسوة في الدار ورقص الفتية والفتيات في الحارات علي نغمات الأرغول, ووقع النقرزان ورقصات الخيل علي دقات الطبل البلدي.. كأن الأرض قد انشقت وانطلق منها ناموس الفرح ومهرجان البهجة.. في زلزال عرس وطن بحاله.. إنه عرس الثورة والديمقراطية التي ولدت بمولد الثورة..
أقول وسط فرحة الجالسين والواقفين والدنيا كلها من حولنا.. طار خيالي مع صاحب ليلة العرس.. عرس الديمقراطية في بلد طول عمره حر أبي.. وهو يقرأ وحده في ساعات الليل الأخيرة في حجرته داخل بيته الريفي المتواضع في قريته العدوة فصولا من أيام طه حسين..
والقريتان.. مغموستان طوال عمرهما في طين الهم والألم..
ويتذكر ما قاله طه حسين الذي لم ير الدنيا.. وإن كانت الدنيا قد رأته وحفظته في عيونها وخلدته في قلبها.. كيف حفظ القرآن ضريرا وخطي بخطوات واسعة كل مراحل التعليم حتي ركب البحر إلي فرنسا منارة الحرية والعلم والكلمة والأدب العظيم.. ليعود إلي مصر عميدا لكلية الآداب, وعميدا للأدب العربي.. ويتذكر له محمد مرسي رئيس مصر الأول بعد الفيضان.. أقصد فيضان الظلم والجور والفقر البين.. ما قاله: ليس كل من يقرأ الصحف أديبا.. أو فصيحا.. أو شاعرا.. فالصحف لا تعلم ما تعلمه الكتب!
ويتذكر محمد مرسي أن والده باع جاموسة لكي يوفر له ثمن تذكرة الطائرة للسفر إلي أمريكا للالتحاق بالجامعة هناك!
ويتذكر محمد مرسي عندما كان تلميذا في مرحلة الإعدادية.. أنه وزملاءه التلاميذ كانوا يذهبون إلي المدرسة في البلد المجاور لقريتهم مشيا علي الأقدام في عز البرد.. وفي وحل الشتاء لكي يوفر كل منهم قرش صاغ واحد ثمن المواصلات!
هذا التلميذ الصغير الذي كان يفيض حيوية ونشاطا والذي كان يدب بقدميه في وحل الطريق.. اسمه كان علي غلاف كراسة العربي في ثانية إعدادي.. التلميذ: محمد مرسي.. أما اسمه الآن الرئيس محمد مرسي أول رئيس للجمهورية الثانية!
..................
..................
أعترف هنا أنني لا أعرف الدكتور محمد مرسي ولم أقابله في حياتي الصحفية ولا مرة.. ولكنني عرفته وأسكنته وجداني قبل عقلي.. عندما انفجرت بالصراخ والهتاف والرقص في المندرة التي نجلس فيها وتعود في مبناها وأثاثها إلي عصر عباس الأول قبل أكثر من مائة عام.. كأن بركان الفرح.. المحرومون منه طوال ثلاثين عاما أو يزيد.. قد انفجر ليهز المكان والبشر وكل ما يجري علي الأرض ويسبح في السماء.. بمجرد أن نطق المستشار الجليل فاروق سلطان في واحدة من أنزه الانتخابات في تاريخنا.. باسم من سيجلس علي كرسي الرياسة في مصر.. واحد منا من قبيلة الطيبين.. لا يرتدي لأول مرة البدلة الكاكي والكاب والجزمة الميري.. واحد منا من قبيلة الجلباب واللاسة والطاقية.. خرج من طين الأرض.. وليس من طابور قبيلة العسكر!
قلت لصاحب الدعوة والدار: إيه ده.. أنتم فرحتم قوي للدرجة دي بفوز محمد مرسي؟
قال: إحنا فرحنا لأن واحد منا ابن بلد.. طيب ابن ناس طيبين.. كأنه أخوك أو عمك أو خالك.. وكما وصفه أخوه الذي يرتدي الجلباب في قرية العدوة التي خرج منها الرئيس الجديد بأنه طيب للغاية.. خدوم.. صبور.. مسامح.. ولكنه جاد جدا في عمله.. لا يهاود ولا يهادن.. قلبه مليء بالرحمة وحب الناس!
قلت: طيب وانتماؤه لجماعة الإخوان؟
قال: لقد خلع عباءتهم وترك حتي حزبهم السياسي, وقد أعفاه كبير الجماعة من قسمه لهم.. بعد أن أصبح رئيسا لكل المصريين..
قلت: غريبة أمر هذا الرئيس حقا.. لقد أخرجته حالة الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير, وانسحاب قوات الأمن المريبة بأمر وتدبير من وزير داخلية آخر الفراعين الطغاة.. من غياهب السجن.. بعد أن حطم البولدوزر سور السجن وأخرجه مع من أخرجه من السجناء من جماعة الإخوان الذين كانوا زوارا دائمين للسجون.. تخرجهم المحاكم ويعيدهم أمن الدولة الرهيب!
قال مضيفي وهو للعلم أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون في باريس.. ولايزال يدرس فيها: ولقد خرج السجين محمد مرسي من السجن إلي ميدان التحرير.. إلي معركة الرياسة..
إلي كرسي الرياسة!
قال فتي أزهري متحمس: مع كل الاعتذار للرئيس محمد مرسي.. من البرش إلي العرش!
قال مضيفي: هذا هو الكفاح السياسي الحقيقي لأي زعيم مصري خرج من طين هذه الأرض وشرب من ماء النهر.. ولوحته بسمرتها شمس مصر!
...............
...............
انتظرنا مع فناجين الشاي الأسود والقهوة المحوجة.. حتي جاء أول خطاب للرئيس مرسي لأبناء مصر كلهم..
كان الرجل بسيطا عفويا تلقائيا.. كأنه يتحدث إلي أهل قريته العدوة.. وليس لكل أهل مصر.. وقد هزنا من الأعماق عندما استهل خطابه بمقولة أبوبكر الصديق في خطبة الخلافة بعد رحيل سيد الخلق: وليت عليكم ولست بخيركم.. أعينوني ما أقمت الحق فيكم.. لن أخون الله فيكم..
انتهي الخطاب بين التهليل والتكبير.. ودار النقاش كطلقات الرصاص, وأحيانا كدانات الدبابات ومدافع الميدان.
قال أحد الحاضرين وهو مدرس بالمعاش مازال يرتدي الطربوش: انتهي زمن الوعود.. وعلينا أن نترجم هذه الوعود إلي حقائق.. نريد من الرئيس برنامجا عمليا لتحقيق المواطنة والمساواة.
وقال شيخ معمم درس في الأزهر الشريف: نريد منه أن يبدد مخاوف الناس ومواجهة ثعابين الفساد الذين مازالوا في مناصبهم من العهد الذي مضي., ونريد منه مواجهة الفقر الذي وصلت نسبته إلي24% من عدد سكان مصر.. تصوروا بين كل مائة إنسان يوجد24 إنسانا يكادون لايجدون قوت يومهم!
وقال صاحب الدار: أول حاجة حكومة ائتلافية يرأسها شخصية عامة..
وقالت سيدة ذات وقار واحتشام: أنا مدرسة في مدرسة إعدادية.. وكل ما أريده من الرئيس أن يصلح حال التعليم.. التعليم في مصر يحتاج إلي ثورة وانقلاب حقيقي.. فبعد أن كنا سادة الدنيا ومعلمي الأقطار العربية, أصبحنا في ذيل الأمم بفضل صاحب جائزة نوبل في الفقر والتخلف, وأنتم تعرفونه طبعا.. المدرس المرتاح المتعلم يعطي أكثر مما يأخذ.. ارحمونا من الدروس الخصوصية التي أصبحت تلتهم ثلث وربما نصف ميزانية الأسرة المصرية!
ويعود مدرس المعاش إلي الحديث: ياسيدي لابد من المصالحة لكل القوي, والمصافحة لكل من كان خصما وعدوا لنا بالأمس.. مصالحة لا تستثني أحدا.. لنبدأ عهدا اسمه عهد المشاركة الوطنية.. لنصفح عن أعداء الأمس ليصبحوا رفاق اليوم!
صاحب الدار والدعوة والصحبة الحلوة يتكلم: مطلوب مواجهة حقيقية للفساد الذي ركب بغلته وانطلق في كل ربوع مصر.. ثم ماذا هو فاعل في نحو008 ألف خريج كل سنة ينضمون لطابور العاطلين.. ناهيك عن نحو8 ملايين شاب حاصلين علي الشهادة ويجلسون في منازلهم أو علي المقاهي بلا عمل.. لابد من أن نعطيهم إعانة بطالة حتي يأتي فرج الله.. فهم بمثابة قنابل موقوتة.. قبل أن يدخلوا في أحضان الإدمان والتسكع وخطف الفتيات واغتصابهن!
وقال حكيم الحكماء المدرس بالمعاش: عليه ألا يصطدم بالقوي السياسية ويجد حلا لمجلس الشعب المنحل ومسألة الدستور التكميلي الذي يسحب منه اختصاصاته.. وأن يجد خلاصا لعدم وجود دستور حتي الآن.. بالذمة فيه رئيس جمهورية يحكم بلدا في حجم مصر بدون دستور.. يعني زي العربية اللي من غير دركسيون!
وقالت فتاة في السابعة عشرة من عمرها: عاوزين الرئيس الجديد لا يصطدم بالمجلس العسكري حتي تنتهي مهمته في آخر يونيو, ويترك زمام الدفة للدكتور مرسي.. كفانا صداما وخناقا.. وكمان ميدان التحرير لازم يسكت بقي.. موش جاب لنا رئيس.. عاوز إيه تاني!
................
................
جاءت فناجين الينسون والقرفة والجنزبيل كأننا في نزل برفع النون في خان الخليلي زمان لتخفف من حرارة الحوار والمقام والمجال والسجال..
استأذنت سيدة ذات حجاب وخمار في المشاركة في الحوار.. جاءت علي استحياء.. ولكنها تكلمت بجرأة وسفور.. قالت: أريد من الرئيس محمد مرسي أن يبدد مخاوف أهل الفن والمغني ومجتمع السينما والمسلسلات التليفزيونية وفناناتنا اللاتي لم يشبعن بعد من العري والمشاهد المؤذية والمخجلة علي الشاشة وفي التليفزيون.. وأن يطمئن الجميع أنه لن يمنع المسلسلات التركية التي يذيعها التليفزيون المصري برخص التراب والتي تدعو صراحة إلي الفجور وعظائم الأمور وتدخل كل بيت وكل غرفة نوم.. لابد من النظر في هذه المسلسلات.. ولكن علينا أن نرسل رسالة اطمئنان لممثلينا وممثلاتنا أن الفن شيء جميل ومباح.. ولا حظر علي حرية التعبير باسم الفن.. لا في السينما ولا في المسلسلات ولا علي المسرح.. ولكن في حدود اللياقة والأدب.. وليس كما فعلت راقصة معتزلة.. تهدد من يسطو أو يمسح أو يحرق تراثها الفني العظيم في هز الوسط.. ليس هذا وقت الهزل والمزل.. لقد بدأت ساعة العمل الثوري أيها السادة.. لن يمس أحد فنا عظيما يدفع إلي الأمام.. وليس إلي غرف النوم!
يصفق الحاضرون للكلام التمام..
تتحمس صاحبة المقام الخلقي الرفيع وتتابع غزواتها: وكمان لازم الدكتور مرسي يمنع ويحرم علي أصحاب اللحي الطويلة والعقول الغارقة في الظلام.. من فتاويهم العجيبة مثل: إرضاع القريب+ السماح للفتاة في سن التاسعة بالزواج+ تخفيض سن الحضانة للأولاد إلي9 سنوات+ والعياذ بالله وأستغفر الله فتوي النوم مع الزوجة الميتة بعد ست ساعات من موتها.. بقي ده اسمه كلام في أي دين وأي شرع يحدث هذا.. ولا حتي في شريعة الإله بوذا وعبدة النار!
لازم مرجعية الدين والفتوي للأزهر الشريف موش لعفاريت الليل دول!
.................
.................
رفع خواجة يرتدي البرنيطة في آخر القاعة يده طالبا الكلام.. همس في أذني صاحب الدعوة.. لا هوه خواجة ولا حاجة.. ده صاحب شركة سياحية اتخرب حاله فجاء يستنجد بنا..
قال الرجل: يا جماعة السياحة ماتت.. بعد أن كنا رقم62 علي العالم.. تأخرنا إلي المركز الثلاثين سياحيا.. يا عالم في تونس وهم يحكمون بشرع الله وحكومتهم إسلامية, قال الغنوشي رئيس الوزراء: سأفتح الحانات وأترك السائحات ترتدي البكيني علي الشواطيء!
لدينا مليونا بني آدم يعملون في السياحة يعانون الآن من البطالة.. نحن نفقد الآن نحو ثلاثة مليارات دولار كل سنة بسبب توقف حركة السياحة!
أسأله: لماذا توقفت؟
قال: الاضطرابات الداخلية والمظاهرات ومليونيات ميدان التحرير, وغيبة الأمن, واختطاف السائحين والسائحات.. لابد أن يبدأ الرئيس محمد مرسي أول يوم في عمله بفك طلاسم ملف السياحة أولا!
قال مضيفي أستاذ العلوم السياسية: كمان ما تنساش تقول للرئيس محمد مرسي أن تعود مصر قائدة لمسيرة العرب السياسية والثقافية والفكرية والفنية والرياضية كمان.. مصر تعود إلي عروبتها.. وتهديء الجو مع عدوتها التقليدية اللي اسمها إسرائيل.. وكمان تمد يدها بالسلام لأمريكا سيدة العالم وقائدته حتي إشعار آخر!
قلت: أنا عندي فكرة.. ليه الرئيس محمد مرسي ما يقعدش مع الأدباء والمثقفين ورجال الفن المحترمين.. قعدة حوار وتفاهم وتصالح.. موش زي قعدات المخلوع كده بار وعتب زي ما بيقول المثل البلدي.. تكن قعدة حوار من القلب والعقل معا.. مافيش حاجة ممنوعة ولا محرمة.. لكن بالعقل والفكر والتفاهم والحوار.. زي ما قعد مع رؤساء التحرير.
قالت السيدة ذات الحجاب: تصوروا الستات في البيوت كانوا بيقولوا لبعضهن: لو جاء محمد مرسي رئيسا لمصر مافيش ست حتخرج من بيتها.. ومافيش ست تشتغل.. معقولة!
موش بس كده.. حيلغي السينما والمسلسلات!
قلت: ياجماعة دي دعاية مضادة والراجل طيب جدا وبسيط جدا ومتفاهم جدا..
قالت: طيب ليه مايجبش واحدة ست نائبة له؟ سألتها: ترشحي مين؟
قالت: وهو فيه غيرها.. ست الستات الدكتورة تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا.. ست بمليون راجل!
قلت: الدكتور محمد مرسي وعد بامرأة نائبة له وكمان قبطي نائبا.. نجيب مين قبطي نائب؟
قال صاحب الدعوة: هل فيه غير المناضل جورج إسحق ابن ميدان التحرير؟
قلت: يعني جورج إسحق نائب قبطي, والسيدة تهاني الجبالي نائبة امرأة.
يسألني صاحب الدار: طيب ولو الدكتورة تهاني الجبالي مارضيتش؟
قلت: يبقي نأخذ الدكتورة مني مكرم عبيد علي طول.. وهي قبطية أيضا..
قال صاحب الدار: يعني امرأة قبطية..يبقي ضربنا عصفورين بحجر!
قلت: يا جماعة فيه حاجة في غاية الأهمية.. ماذا هو صانع لتلك الجماعات الإسلامية مثل جماعة القاعدة التي استباحت حرمة سيناء وأصبح لها عمليات منتظمة في شمال سيناء وحوادثهم كثيرة وياما قصفوا خطوط الغاز.. لابد من مناقشة هذا الأمر العاجل مع قطاع غزة.. قبل أن يقع ما لا يحمد عقباه.. دي عاوزه تنسيق مع سيادة المشير والمجلس العسكري!
.................
.................
يصيح صبي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره: ده حتي الريس الجديد ما نسناش في كلمته للشعب!
نسأل: هو انت مين؟
صاح: أنا سواق توك توك!{


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.