خرج آلاف الإيرانيين إلى شوارع طهران، مساء أمس الأول وفجر أمس، للاحتفال بفوز رجل الدين المعتدل حسن روحانى، المحسوب على الإصلاحيين، بالانتخابات الرئاسية ورحيل سلفه محمود أحمدى نجاد بعد ولايتين متتاليتين، مرددين شعارات مؤيدة للتيار الإصلاحى ومطالبين بالمزيد من الحريات. وامتلأت غالبية الشوارع والساحات فى وسط المدينة بجموع المحتفلين، فى حين انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن تراقب ما يحدث عن بعد. وهتف الإيرانيون: «قلنا لا للعسكرى.. لا لرئيس البلدية.. نعم للشجاع روحانى». وفى شوارع العاصمة طهران، انضم سائقو السيارات إلى المحتفلين عبر إطلاق أبواق سياراتهم وإلقاء التحيات على المارة الذين ارتدى الكثيرون منهم اللون البنفسجى الذى اختاره «روحانى» رمزا لحملته الانتخابية. وفى ساحة «والى نصر»، دعا المحتفلون «روحانى» لتعيين المرشح المنسحب محمد رضا عارف، المحسوب على التيار الإصلاحى، ضمن الحكومة، مرددين هتافات: «روحانى لا تنسَ.. عارف فى الحكومة». وطالب آخرون بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وخصوصا مير حسين موسوى ومهدى كروبى، اللذين كانا مرشحين فى انتخابات 2009، ودعوا إلى التظاهرات الاحتجاجية. من جانبها، قالت قناة «برس.تى.فى» الإيرانية، إن محللين سياسيين إيرانيين، أكدوا أنه لا بد أن تعمل الحكومة الجديدة على التغلب على العقوبات التى فرضتها الدول الأخرى. ونقلت القناة الإيرانية عن عدد من المواطنين، قولهم إن «الشعب يريد فقط من روحانى أن يفى بوعوده الانتخابية، لقد انتخبناه من أجل هذا، لأنه إذا لم يكن هناك تغيير، فهذا يعنى أننا ألقينا أصواتنا هباءً». ونقلت قناة «العالم» الإخبارية، عن المحلل السياسى الإيرانى حسين رويوران، قوله إن المشاركة الشعبية الجماهيرية فى الانتخابات الرئاسية التى جرت بمثابة طى لصفحة انتخابات 2009 وتداعياتها السلبية، لافتا إلى أن اختيار الشعب ل«روحانى» والاحتفال فى الشوارع، يعكسان ثقة الجماهير برجال الدين. وأشار إلى أن رمزية روحانى كرجل دين، كانت مهمة رغم أن الخيار سياسى، واصفا روحانى بأنه شخصية تجمع بين رجل الدين والأستاذ الجامعى ورجل الدولة. ورأى مراقبون أن الاحتفالات التى خرجت فى الشوارع الإيرانية، تشبه الاحتفالات التى نظمها الإيرانيون بعد تحرير منطقة «المحمرة» من احتلال العراق لها عام 1984، مشيرين إلى أن «روحانى» أكد أنه سيفرج عن 1000 معتقل فى السجون الإيرانية، إضافة إلى وقف الإقامة الجبرية المفروضة على المرشحين السابقين. واختلفت تقديرات الجهات الحكومية لنسبة المشاركين فى الانتخابات، حيث قُدرت ب80%، بينما قدرها آخرون ب75% أو 73%. وأشارت الصحف الإيرانية الصادرة صباح أمس، إلى أن اختيار الناخبين ل«روحانى»، دليلا على أن الإيرانيين يرغبون فى الاعتدال، وأصبحوا ينبذون العنف والتطرف، مشيرة إلى أن قرار رضا عارف بالانسحاب من الانتخابات، جاء فى صالح روحانى. وأكد مراقبون أن فوز روحانى بالانتخابات الرئاسية يسمح بعودة المعتدلين والإصلاحيين إلى الساحة السياسية، بعد أن خضعوا لسنوات عديدة لضغوط غير مسبوقة. وأوضح أمير محبيان، المحلل المقرب من المحافظين، أن عملية اختفاء الإصلاحيين من النظام السياسى، توقفت جزئيا مع الفوز الجلى الذى حققه روحانى. وأشارت الصحف الأمريكية والبريطانية إلى أن «روحانى» هو المرشح الأكثر توافقا بين المرشد والمواطنين والغرب، مشيرة إلى أن شعبيته بدأت بنقده رقابة الدولة على الإعلام فى أحد اللقاءات على التليفزيون الرسمى، بينما تشير المصادر الدبلوماسية الغربية إلى مهاراته التفاوضية والقبول الشعبى الذى يحظى به. ورحب قادة خليجيون وغربيون بانتصار روحانى فى الانتخابات الإيرانية، معربين عن أملهم فى أن يكون بداية مرحلة جديدة فى تاريخ العلاقات بينهم. وأشار رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إلى أنه يتطلع إلى العمل مع إيران لصالح المنطقة والشعبين الإماراتىوالإيرانى. ودعا البيت الأبيض طهران إلى «احترام إرادة الشعب، واتخاذ خيارات مسئولة تصنع مستقبلا أفضل للإيرانيين جميعا». وقال وزير الخارجية جون كيرى إن «روحانى تعهد مرارا خلال حملته بإعادة الحريات لكل الإيرانيين وتعزيزها»، مشيراً إلى أن واشنطن ما زالت مستعدة للحوار مع الحكومة الإيرانية مباشرة.