على مدار بضعة أشهر على شاشة «مصر 25» التى قدمت خلالها برنامج «أهل البلد» صدّعنى رجال الإخوان بحديث لا ينتهى عن مصر الغنية الثرية الممتلئة بالكنوز، مصر التى لولا أن سرقها السارقون لباتت أغنى دول العالم، كان المهندس سعد الحسينى يملأ حديثه فى البرنامج بأرقام خيالية عن أموال الصناديق الخاصة التى سوف تعيدها حكومة الإخوان إلى جيوب المصريين وهى بالمليارات، ولطالما دعوته للاقتصاد فى الوعود والاعتدال فى الأرقام، وقلت له لو راجع العقل البسيط هذه الأرقام لربما أصبح لكل مواطن مصرى مبلغ نصف مليون جنيه فى عهدة الحكومة ينبغى أن تسلمه إياه فوراً، وهنالك من حدثنى عن منجم السكرى للذهب الذى سوف يدر على مصر كنوزاً على نحو «ذهب ياقوت مرجان أحمدك يا رب» وأذكر الدكتور خالد عودة الذى أحسنت الظن بعلمه، كما أحسنت الظن بتاريخ أبيه، وقد فتح أمامنا آفاقاً لمنطقة الواحات التى اعتبرها أفق الغد لمصر، وحدثنا عن تحويلها لبقعة خضراء تأكل منها مصر كلها، فإذا به الآن صوت منقطع وحديث لا يتم ولا يستكمله عمل، كما كل الأحاديث التى قالوا، لكن أخطرها فى تصورى ما قاله دكتور مرسى أثناء حملته الانتخابية حينما سئل عن الزيادة السكانية فى مصر، وكيف سيتعامل معها، فأجاب بنفس الطريقة المصطبية التى تفتقر الإحساس الحقيقى بالمسئولية، أجاب إجابة كارثية قائلاً: «أنا أريد المزيد من السكان»، وهى إجابة لا تستند إلى علم ولا إلى ثقافة ولا إلى إحساس وطنى صادق، إجابة تجارية رخيصة تغازل العقول المغيبة والمسطحين السذج باسم الدين، إجابة صاحبها لم يعتد مسئولية الكلمة التى تقال، وهو أمر خطير حينما يتسم به رئيس جمهورية. إن الزيادة السكانية مشكلة فى أكثر الدول إنتاجاً وعقدة حقيقية عند أعظم الدول الصناعية المصدرة، ناهيك عن أنها فى معظم هذه الدول تتوزع جغرافياً توزيعاً عادلاً على المكان ولا تستقطب فى مساحة ضئيلة جداً من المساحة الكلية كما هو الحال فى مصر. انظر إلى الهند وباكستان وحتى الصين، كلها تعانى أيما معاناة من الزيادة السكانية وتفرض قوانين جادة وحادة للتغلب عليها، الآن رئيس حزب الحرية والعدالة يفتتح كلمته فى «الحوار الوطنى» عن سد إثيوبيا بالقول إن مصر بلد موارده محدودة، دائماً الحقيقة عند الإخوان لا تقال لذاتها، هذا إن قيلت، والمشكلة أن مريديهم وتابعيهم يغفرون لقادتهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، وهم بتصديقهم اللامحدود للكذب اللامحدود يشجعونهم على المزيد منه، ويتكرر الكذب وبتكراره يتم دون عناية ويخرج على الألسنة دون اكتراث وبأقل درجات المنطق والحبكة، حتى إن مستمعهم لا يشعر بالضرر والإيذاء للكذب فقط، وإنما للاستهانة بعقله، ومن ثم بإنسانيته. سوف يفشل الإخوان لا محالة، ثقتى بهذه النتيجة لا حدود لها، هذا عدل الله وإرادته التى حدد لنفاذها أسباباً فى دنيا الناس، فالإخوان لم يتبعوا لا قواعد الدين ولا قواعد الدنيا وضللوا بالأكاذيب البلاد والعباد. لقد كان معى الدكتور عصام العريان فى ندوة قبل عدة سنوات، وأقسم أننا لسنا مهيئين للحكم بأى درجة من الدرجات، وأنه لو أقسم علينا الغير أن نحكم لن نفعل، لأننا بصراحة غير جاهزين، وليست لنا الكوادر الكفيلة بأى حكم تماماً كما كان معى الأستاذ فهمى هويدى فى إحدى الندوات منذ 6 سنوات، وحكى كيف أن إسماعيل هنية وخالد مشعل قالا له عقب نجاح «حماس» فى الانتخابات الفلسطينية إنه أمر لم نتوقعه ولم نكن جاهزين له، لكن «حماس» لم تكن تقول هذا الكلام فى العلن، وكلما طال بها المقام على كرسى الحكم كانت تقول عكسه. يا أيتها الجماعة التى تسمى نفسها «الإخوان المسلمين»، أنتم تعلمون يقيناً أن مصر ليست مشروعكم، وأن فكرة الوطنية دخيلة على اعتقادكم، وأن ذلك الوطن ممر لأهداف أخرى، فلماذا تكذبون مع أن إسلامنا حذركم من الكذب؟ أمامكم الفرصة فى 30 يونيو أن تتركوا المشهد برمته رحمة بنا يرحمكم الله.