الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم لقاءً بين شركائها لمناقشة القضايا التنموية    محافظ قنا يكرم الطالب مروان تامر لفوزه بالمركز الثالث عالميا في تصميم المواقع الإلكترونية بماليزيا    نائب ترامب: وقف إطلاق النار في غزة بين حماس وإسرائيل سيصمد.. وقد تحدث مناوشات صغيرة بين الجانبين    إنزاجي: الفوز على الأخدود خطوة مهمة للهلال في كأس الملك    رابطة الأندية: تأجيل مباريات الدوري مستحيل    البلوجر محمد عبد العاطي في التحقيقات: تحصّلت على عوائد من اليوتيوب ومحتوى البرنامج +18    الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير يكشف عن الاستعدادات الأخيرة قبل حفل افتتاحه    محمد سامي يكشف السبب وراء عودته عن قرار اعتزال الإخراج    وزيرا خارجية الصين وكازاخستان يبحثان تعزيز التعاون الثنائي    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    رئيس جهاز حدائق العاصمة: 4000 أسرة مقيمة بالكامل.. وبدء ترفيق منطقة البوليفارد الترفيهية    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    مفاجأة جديدة من البريد.. سلفة 3 أضعاف المعاش بدون ضمانات    إصابة طفل سقط فى بالوعة صرف صحى بالعمرانية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. كشف لغز العثور على جثمان مقاول    هيئة الدواء المصرية تبحث مع شركة «وقاية» الإماراتية تعزيز منظومة إدارة المخلفات الطبية والدوائية    فى ذكرى رحيله.. غانم السعيد: طه حسين لم يكن مجرد كاتب بل مشروع نهضة متكامل    الصحة: فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    قبل يومين من عرضه.. زينة تنهي تصوير مسلسل ورد وشوكولاتة    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    تطوير الشوارع الداخلية بالشهداء والعبور والمنطقة الرابعة بالإسماعيلية    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاطمة ناعوت تعلق: اخرجوا من جنّة العبيط، وأنّثوا العالم
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2013

ظاهرةٌ من من فرط حدوثها توشك أن تصبح قاعدةً. تفوّقُ البنات على البنين فى نتائج الثانوية العامة بمصر. أوائل الجمهورية، كل عام تقريباً، من البنات. ومنذ طفولتى، أسمعُ تبريرات خائبة للظاهرة، تدور كلُّها فى فلك أن البنت «مرزوعة» فى البيت للمذاكرة، بينما الولد، «الغضنفر»، يصول ويجول هنا وهناك، و«يصيع» مع أصحابه، ولا يكاد يصافح مكتبه وكتبه إلا «لُماما»، لهذا ينجح على «الحركرك»، بينما البنت تتفوق من كثرة «الدحّ».
تلاحظ أن التبرير يصبُّ أيضاً فى خانة الصبىّ، وينتقص من قدر الصبية. فالولد «اسم النبى حارسه»، فائقُ الذكاء، لكنه فقط لا يجد وقتاً لدروسه، لأنه مشغول بالخروج كما ينبغى لكائن على وشك الرجولة. أما البنت المسكينة، فمكانها البيت. لا تجد ما تشغل به وقتها الممل الطويل سوى الاستذكار. وبالتالى، لا غرابة فى تفوقها!
لن تسمع تبريرات أكثر إنصافاً للمرأة، من قبيل: البنتُ المصرية أكثر جدية والتزاماً ونضوجاً من الولد فى فترة المراهقة. أو: ما المشكلة؟ أولئك المتفوقات أكثر ذكاءً وجدًّا من زملائهن الأولاد! ولن تجد جسوراً يقول إن معدل ذكاء البنات أعلى من البنين، وها على مكتبى الآن جريدة حديثة تتكلم عن فتاة بريطانية جميلة تُدعى أوليفيا مانينج، 12 عاماً، بلغت نسبة ذكائها 162% فى اختبارIQ (Intelligence Qutiont). يعنى فاقت كلا من نيوتن، وستيفن هاوكينج، والداهية آينشتين، الذى حيّر البشرية بأعقد نظريات التاريخ: النسبية. الغرب لا يجد غضاضة فى إعلان تفوق البنات. لأن البنت لديهم: إنسانٌ وليست عورة يُستحى من الإشادة بها. بينما فى مجتمعاتنا المترهلة بالجهالة والعنصرية، نتحرج من الاعتراف بتفوق المرأة، كأنما تفوقها ينتقصُ من «فحولة» الرجل. هل أتاكم خبرُ الصبية المصرية «عزة إبراهيم»، 17 عاماً، التى فازت بجائزة أوروبا للعالِم الصغير بعد اكتشافها مادة تحوّل نفايات البلاستيك إلى وقود؟ لم يكتب عنها إلا قلمُ المحترمة «مى عزام»، فأشارت إليها بإصبع «التحريض» على الاهتمام، علّ مؤسساتٍ مصريةً تتبنى تلك الموهبة وتفيد منها فى التخلص من أطنان القمامة التى تخنقنا، فتحوّلها إلى وقود، بات نقصه يهدد وجودنا! لكن أحداً لم يهتم! لأننا مشغولون بما هو أدنى عمّا هو أرقى وأهم. ولو ظهرت موهبة ذهنية مثل «عزة» فيما يطلق عليها «دولة إسرائيل»، لتصدرت أخبارها مانشيتات الصحف، ولشرعت المؤسسات فى تنفيذ فكرتها فى اليوم التالى.
فى مقاله: «النساء قوّامات»، يطالبنا د.زكى نجيب محمود، بأن نمنح النساء حق قيادة المجتمع قرناً من الزمان، لا غير. ينفقن نصفَ القرن الأول فى إصلاح ما أفسده الرجالُ على مر العصور، ثم يشرعن فى النصف الثانى فى بناء المجتمع وتطويره. أما سبب اقتراحه، فكان ملاحظته أن البنت المصرية أكثر جدية ونضوجاً من الولد المصرى إن تشابهت ظروف نشأتيهما. وأما سبب هذا، فقد وضع تبريرين. 1- أن قمع البنت منذ الصغر، وإشعارها أنها أقل شأناً وأدنى قيمةً من أخيها الذكر، يُحفّز عندها طاقة التفوق والتريث فتشبُّ أكثر وعياً وحذراً وتفوّقاً. 2- أن الفتاة تعمل بغريزتها، فيما الفتى يعمل بعقله. والغريزة قلّما تخطئ، بينما يخطئ العقلُ فى المجتمعات المتخلفة، مثل مجتمعنا الذى لا يقدّر العقل والفكر.
وهكذا نرى أن فيلسوفنا الكبير، فيما يحاول أن يحابى المرأة ويمنحها زمام القوامة، إلا أن أسبابه التى طرحها تنطوى أيضاً على إهانة للمرأة. فهى «متفوقة» لأنها «مقموعة»! و«نابهةٌ» لأنها «لا» تُعمل عقلها! يا إلهى! ولو طبقنا منهج المنطق الرياضى على المعادلة السابقة، وجدنا التالى: لو لم تُقمع البنتُ، لشبّت غبيةً بليدة! ولو أعملتْ عقلَها لا غريزتها، أخفقت! لهذا ينتقده فيلسوفٌ آخرُ مناهض للمرأة أيضاً هو «عباس محمود العقاد» فى مجلة «الرسالة» العدد رقم 787 عام 1948، قائلاً إن اقتراح د.نجيب مازحٌ مُضلٌّ. لأن المرأة لو كانت تمتلك مقومات القوامة وقيادة المجتمع لفعلت، دون اقتراح من أحد. وبما أنها لم تفعل، فهى عاجزةٌ عن الإمساك بزمام القيادة!
الكاتبان الكبيران، دون شك، لم يقرآ كتاب «الجنس الآخر»، الذى سيصدر بعد مقال د.نجيب بعامين، للمفكرة الفرنسية «سيمون دى بفوار». حيث فنّدت فيه الأسباب التاريخية والميثولوجية والسياسية والاقتصادية والعقدية التى جعلت من المرأة جنساً «آخرَ»، أقل مرتبة من الرجل. فقد منحت الهمجيةُ البشرية الأولى الأفضليةَ والتفوقَ للجنس الذى (يقتل)، وليس للجنس الذى (يُحيى)! والرجل «يقتل» فى الصيد والحروب، بينما المرأة «تُحيى» بالإنجاب والتربية. لكن تطور البشرية بعد هذا، واستقرار الإنسان فى المجتمعات الزراعية التى قدّستِ الخصوبة والإنماء، منح المرأة شيئاً من القداسة وعلو المرتبة. لأن عن طريقها تحافظ القبيلةُ على استمراريتها وخلودها. فمنحتها الميثولوجيات صفات الربوبية، فكانت معظم الآلهات من الإناث. ثم سرعان ما انتزعت المجتمعات الرجعية الظلامية الهالة عن المرأة من جديد، وحطّت من قدرها، حين أنصتت إلى أضراب رجل اسمه إسحق الحوينى، يقول: «المرأة كائن عامىّ لا يفكر ولا يبدع ولا يكتب. وظيفتها إمتاع الرجل وخدمته وإنجاب ذريته»!
كذلك ربما لم يقرأ كاتبانا الكبيران النظريات الفلسفية الحديثة لجارودى الفرنسى، وفوكوياما اليابانى-الأمريكى، تلك التى تدعو إلى «تأنيث العالم». والتأنيث هنا لا يعنى إلا الانتصار لقيم الخير والنماء والعدالة والتحضر. لكننا، كما نرى، نجنح فى منطقتنا العربية صوب النكوص نحو قيم الهمجية الأولى التى تعود بنا إلى عصور الدموية البطريركية، التى دمرت العالم.
نحن دون شك نتمرغ بكل رضاً على شطآن «جنّة العبيط» التى حدّثنا عنها فيلسوف مصر الكبير د.زكى نجيب محمود. تلك الجنّة التى شيّدناها من أوهامنا لنقنع العالم، وأنفسنا، أننا أرقى وأفهم وأذكى وأكثر فضيلةً وعلماً وإدراكاً، بل والأكثر قرباً من الله! وكأن الله لم يخلق سوانا، وما سائر الأجناس والأعراق إلا غبارُ نعالنا. خلقهم الله لكى نسخر منهم. ونستغل نتاج عقولهم من ابتكارات واكتشافات واختراعات، ونحن مستلقون على ظهورنا فوق الأرائك الكسول، نملأ بطوننا بالدهن والدسم. وحين يسألك سائل: «مَن اخترع هذا وذاك مما تستمتع به فى رخاوتك؟ أجبته فى بلاهة: «إنما سخَرهم اللهُ لخدمتنا، لأننا خيرُ أمة أخرجت للناس. نحن فى الجنة، وهم فى السعير. هم يعملون ويصنعون ويخترعون، ونحن نسبّح الله فى قيامنا وقعودنا، وهذا يكفينا لننال رضا الله. أما عملهم وكدّهم فمآله لنا فى الدنيا، ننعم بثماره، وفى الآخرة، مآلهم نار الوقود».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.