سعر الذهب اليوم الأربعاء 28-5-2025 وعيار 21 الآن في مصر بعد انخفاضه الكبير    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الأربعاء 28 مايو    الدفاع الجوى الروسى يعترض 112 طائرة مسيرة أوكرانية فوق أراضى عدة مقاطعات    17 شهيدا بينهم 14 من عائلتين فى قصف الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة    ليبيا.. الدبيبة يدعو إلى إجراء الانتخابات مباشرة    فشل رحلة اختبار ستارشيب التاسعة لإيلون ماسك وتحطم الصاروخ عند العودة إلى الأرض    الرئيس الأوكراني يعتزم زيارة برلين اليوم    حكام مباريات الأربعاء في الدوري| أمين عمر للأهلي ومعروف لبيراميدز    هل حسم الأهلي صفقة عمرو الجزار نهائيا؟.. كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة    لطلاب الثانوية العامة.. رقم الجلوس ولجنة الامتحان متاحة الآن عبر هذا الرابط    إصابة شخصين فى مشاجرة بسبب خلاف مالى بسوهاج    المغرب يعلن عيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو    وزير العمل يعلن استمرار التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل "الوزارة" و"مديرياتها"    الخارجية الأمريكية: رفع العقوبات عن سوريا يعزز هدفنا بهزيمة داعش    بتعزيزات عسكرية ومداهمات.. إسرائيل تقتحم مخيم بلاطة بالضفة الغربية    ارتفاع كبير للأسهم الأمريكية بعد إعلان ترامب تأجيل الرسوم الجديدة على الاتحاد الأوروبي    تعليم البحر الأحمر تنهي استعداداتها لإجراء امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    إيلون ماسك: الهبوط على المريخ هو الهدف الأول ل"سبيس إكس"    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    بعد هبوطه في 7 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 28-5-2025    مستقبل رونالدو بين حلم العودة و«مزاملة» ميسي.. والأهلي لمواصلة الرحلة    الفاصوليا ب 70.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الأربعاء 28 مايو 2025    الإيجار القديم.. نقيب الأطباء: فسخ العقود بعد 5 سنوات كارثة.. وزيادة إيجار الوحدات المهنية 10% كافية    منع ابنه من الغش.. ولي أمر يعتدي على معلم داخل مدرسة بالفيوم    صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي    أبطال فيلم "ريستارت" يحتفلون بعرضه في السعودية، شاهد ماذا فعل تامر حسني    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    كواليس حريق مخزن فراشة بكرداسة    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    افتتاح معرض الكاريكاتير «صبأرت.. العناصر الأربعة» بمعهد ثربانتس بالقاهرة| صور    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    الكاس يوجه رسالة لجماهير منتخب مصر قبل كأس العالم للشباب    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    السعودية تعلن غدا أول أيام شهر ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاطمة ناعوت تعلق: اخرجوا من جنّة العبيط، وأنّثوا العالم
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2013

ظاهرةٌ من من فرط حدوثها توشك أن تصبح قاعدةً. تفوّقُ البنات على البنين فى نتائج الثانوية العامة بمصر. أوائل الجمهورية، كل عام تقريباً، من البنات. ومنذ طفولتى، أسمعُ تبريرات خائبة للظاهرة، تدور كلُّها فى فلك أن البنت «مرزوعة» فى البيت للمذاكرة، بينما الولد، «الغضنفر»، يصول ويجول هنا وهناك، و«يصيع» مع أصحابه، ولا يكاد يصافح مكتبه وكتبه إلا «لُماما»، لهذا ينجح على «الحركرك»، بينما البنت تتفوق من كثرة «الدحّ».
تلاحظ أن التبرير يصبُّ أيضاً فى خانة الصبىّ، وينتقص من قدر الصبية. فالولد «اسم النبى حارسه»، فائقُ الذكاء، لكنه فقط لا يجد وقتاً لدروسه، لأنه مشغول بالخروج كما ينبغى لكائن على وشك الرجولة. أما البنت المسكينة، فمكانها البيت. لا تجد ما تشغل به وقتها الممل الطويل سوى الاستذكار. وبالتالى، لا غرابة فى تفوقها!
لن تسمع تبريرات أكثر إنصافاً للمرأة، من قبيل: البنتُ المصرية أكثر جدية والتزاماً ونضوجاً من الولد فى فترة المراهقة. أو: ما المشكلة؟ أولئك المتفوقات أكثر ذكاءً وجدًّا من زملائهن الأولاد! ولن تجد جسوراً يقول إن معدل ذكاء البنات أعلى من البنين، وها على مكتبى الآن جريدة حديثة تتكلم عن فتاة بريطانية جميلة تُدعى أوليفيا مانينج، 12 عاماً، بلغت نسبة ذكائها 162% فى اختبارIQ (Intelligence Qutiont). يعنى فاقت كلا من نيوتن، وستيفن هاوكينج، والداهية آينشتين، الذى حيّر البشرية بأعقد نظريات التاريخ: النسبية. الغرب لا يجد غضاضة فى إعلان تفوق البنات. لأن البنت لديهم: إنسانٌ وليست عورة يُستحى من الإشادة بها. بينما فى مجتمعاتنا المترهلة بالجهالة والعنصرية، نتحرج من الاعتراف بتفوق المرأة، كأنما تفوقها ينتقصُ من «فحولة» الرجل. هل أتاكم خبرُ الصبية المصرية «عزة إبراهيم»، 17 عاماً، التى فازت بجائزة أوروبا للعالِم الصغير بعد اكتشافها مادة تحوّل نفايات البلاستيك إلى وقود؟ لم يكتب عنها إلا قلمُ المحترمة «مى عزام»، فأشارت إليها بإصبع «التحريض» على الاهتمام، علّ مؤسساتٍ مصريةً تتبنى تلك الموهبة وتفيد منها فى التخلص من أطنان القمامة التى تخنقنا، فتحوّلها إلى وقود، بات نقصه يهدد وجودنا! لكن أحداً لم يهتم! لأننا مشغولون بما هو أدنى عمّا هو أرقى وأهم. ولو ظهرت موهبة ذهنية مثل «عزة» فيما يطلق عليها «دولة إسرائيل»، لتصدرت أخبارها مانشيتات الصحف، ولشرعت المؤسسات فى تنفيذ فكرتها فى اليوم التالى.
فى مقاله: «النساء قوّامات»، يطالبنا د.زكى نجيب محمود، بأن نمنح النساء حق قيادة المجتمع قرناً من الزمان، لا غير. ينفقن نصفَ القرن الأول فى إصلاح ما أفسده الرجالُ على مر العصور، ثم يشرعن فى النصف الثانى فى بناء المجتمع وتطويره. أما سبب اقتراحه، فكان ملاحظته أن البنت المصرية أكثر جدية ونضوجاً من الولد المصرى إن تشابهت ظروف نشأتيهما. وأما سبب هذا، فقد وضع تبريرين. 1- أن قمع البنت منذ الصغر، وإشعارها أنها أقل شأناً وأدنى قيمةً من أخيها الذكر، يُحفّز عندها طاقة التفوق والتريث فتشبُّ أكثر وعياً وحذراً وتفوّقاً. 2- أن الفتاة تعمل بغريزتها، فيما الفتى يعمل بعقله. والغريزة قلّما تخطئ، بينما يخطئ العقلُ فى المجتمعات المتخلفة، مثل مجتمعنا الذى لا يقدّر العقل والفكر.
وهكذا نرى أن فيلسوفنا الكبير، فيما يحاول أن يحابى المرأة ويمنحها زمام القوامة، إلا أن أسبابه التى طرحها تنطوى أيضاً على إهانة للمرأة. فهى «متفوقة» لأنها «مقموعة»! و«نابهةٌ» لأنها «لا» تُعمل عقلها! يا إلهى! ولو طبقنا منهج المنطق الرياضى على المعادلة السابقة، وجدنا التالى: لو لم تُقمع البنتُ، لشبّت غبيةً بليدة! ولو أعملتْ عقلَها لا غريزتها، أخفقت! لهذا ينتقده فيلسوفٌ آخرُ مناهض للمرأة أيضاً هو «عباس محمود العقاد» فى مجلة «الرسالة» العدد رقم 787 عام 1948، قائلاً إن اقتراح د.نجيب مازحٌ مُضلٌّ. لأن المرأة لو كانت تمتلك مقومات القوامة وقيادة المجتمع لفعلت، دون اقتراح من أحد. وبما أنها لم تفعل، فهى عاجزةٌ عن الإمساك بزمام القيادة!
الكاتبان الكبيران، دون شك، لم يقرآ كتاب «الجنس الآخر»، الذى سيصدر بعد مقال د.نجيب بعامين، للمفكرة الفرنسية «سيمون دى بفوار». حيث فنّدت فيه الأسباب التاريخية والميثولوجية والسياسية والاقتصادية والعقدية التى جعلت من المرأة جنساً «آخرَ»، أقل مرتبة من الرجل. فقد منحت الهمجيةُ البشرية الأولى الأفضليةَ والتفوقَ للجنس الذى (يقتل)، وليس للجنس الذى (يُحيى)! والرجل «يقتل» فى الصيد والحروب، بينما المرأة «تُحيى» بالإنجاب والتربية. لكن تطور البشرية بعد هذا، واستقرار الإنسان فى المجتمعات الزراعية التى قدّستِ الخصوبة والإنماء، منح المرأة شيئاً من القداسة وعلو المرتبة. لأن عن طريقها تحافظ القبيلةُ على استمراريتها وخلودها. فمنحتها الميثولوجيات صفات الربوبية، فكانت معظم الآلهات من الإناث. ثم سرعان ما انتزعت المجتمعات الرجعية الظلامية الهالة عن المرأة من جديد، وحطّت من قدرها، حين أنصتت إلى أضراب رجل اسمه إسحق الحوينى، يقول: «المرأة كائن عامىّ لا يفكر ولا يبدع ولا يكتب. وظيفتها إمتاع الرجل وخدمته وإنجاب ذريته»!
كذلك ربما لم يقرأ كاتبانا الكبيران النظريات الفلسفية الحديثة لجارودى الفرنسى، وفوكوياما اليابانى-الأمريكى، تلك التى تدعو إلى «تأنيث العالم». والتأنيث هنا لا يعنى إلا الانتصار لقيم الخير والنماء والعدالة والتحضر. لكننا، كما نرى، نجنح فى منطقتنا العربية صوب النكوص نحو قيم الهمجية الأولى التى تعود بنا إلى عصور الدموية البطريركية، التى دمرت العالم.
نحن دون شك نتمرغ بكل رضاً على شطآن «جنّة العبيط» التى حدّثنا عنها فيلسوف مصر الكبير د.زكى نجيب محمود. تلك الجنّة التى شيّدناها من أوهامنا لنقنع العالم، وأنفسنا، أننا أرقى وأفهم وأذكى وأكثر فضيلةً وعلماً وإدراكاً، بل والأكثر قرباً من الله! وكأن الله لم يخلق سوانا، وما سائر الأجناس والأعراق إلا غبارُ نعالنا. خلقهم الله لكى نسخر منهم. ونستغل نتاج عقولهم من ابتكارات واكتشافات واختراعات، ونحن مستلقون على ظهورنا فوق الأرائك الكسول، نملأ بطوننا بالدهن والدسم. وحين يسألك سائل: «مَن اخترع هذا وذاك مما تستمتع به فى رخاوتك؟ أجبته فى بلاهة: «إنما سخَرهم اللهُ لخدمتنا، لأننا خيرُ أمة أخرجت للناس. نحن فى الجنة، وهم فى السعير. هم يعملون ويصنعون ويخترعون، ونحن نسبّح الله فى قيامنا وقعودنا، وهذا يكفينا لننال رضا الله. أما عملهم وكدّهم فمآله لنا فى الدنيا، ننعم بثماره، وفى الآخرة، مآلهم نار الوقود».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.