لو كنت مستشاراً للرئيس وحدثته عن 30 يونيو، لخوّفته بالله الواحد الأحد المنتقم الجبار، وذكرته بالاتحادية التى أريقت فيها الدماء بسببه، ولم يستدل على القتلة، ولم يحاسبوا، وستظل دماؤهم فى رقبته لعنة عليه إلى يوم الدين، لأن (بعض) مستشاريه أخبروه أن نزول جماعته للصدام مع معتصمى الاتحادية ينبئ بكارثة ودماء، وطلبوا منه أن يمنع ذلك، فما كان منه سوى أن اعتبر أن الأمر (بسيط) وأنه من حق الجميع إبداء آرائهم لأن هذه هى الديمقراطية. لو كنت مستشاراً للرئيس لقلت له صراحة: نحن الآن فى أزمة حقيقية لن تجدى معها سياسة امتصاص الصدمات، فهذه قد تكون الفرصة الأخيرة للمعارضة ولكل التيارات التى تريد أن تسقطك، لاسيما وقد أعدت أنت لهم قدرتهم على الحشد بإدارتك المرتبكة والفاشلة للبلاد، وإثباتك يوماً بعد يوم أن كرسى الرئاسة أكبر منك، وأنك -فقط- رئيس لدراويشك ومؤيديك، ولذلك فهذه فرصة حقيقية والله العظيم لكى تعود رئيساً فعلياً لكل جموع المصريين بمزاجك وليس رغماً عنك، وبإصلاحاتك وليس الإصلاحات التى يجبرك عليها تظاهر أو اعتصام، وبمطالب تستطيع تحقيقها بمنتهى السرعة، لا بمطالب يرتفع سقفها يوماً بعد يوم وقد تصل لأن تشرّف سعادتك فى يوم ما بجوار مبارك فى الزنزانة، ولربما خرج هو براءة قبلك!! لو كنت مستشاراً للرئيس لأخبرته أن الحل الوحيد لإدارة الأزمة يتمثل فى إجراءات إصلاحية مبكرة، تخرج بنفسك لتعلنها فى كلمة لله والوطن والتاريخ، ليكون أولها إقالة حكومة هشام قنديل وتكوين حكومة وحدة وطنية حقيقية تمثل فيها كل التيارات، ولا يستأثر الإخوان فيها بالوزارات السيادية، وثانيها قبول استقالة النائب العام طلعت عبدالله، واختيار النائب العام الجديد من ثلاثة أسماء يرسلها مجلس القضاء الأعلى، مع ضمان عدم التدخل فى عمله، أو توجيهه بالتليفون، وثالثها تكوين لجنة دستورية محترمة من شخصيات وطنية مستقلة تقوم بتعديل المواد الخلافية فى الدستور، ورابعها إخراس المرتزقة وكلاب السكك السياسية الذين يهددون بالعنف والمواجهة وإراقة الدماء من كافة التيارات، إما باستخدام علاقاتك النافذة مع من تعرفهم منهم بمنتهى الحزم والصرامة، أو بمحاكمتهم فوراً، وإقصائهم من المشهد السياسى الذى لا يحتمل أمثالهم فى هذه اللحظات الصعبة. لو كنت مستشاراً للرئيس لذكرته بالمحترمين الذين تنكر لهم، والوطنيين الذين خذلهم، والمؤيدين من مخالفيه الذين لم يف بوعوده معهم، وهؤلاء الذين انتخبوه أملاً فأصابهم اليأس، وهؤلاء الذين كرهوه ولم ينتخبوه فزاد من نفورهم منه بدلاً من أن يحتويهم ويشعرهم أنه رئيس للجميع، لأقول له إن كل هؤلاء خسارة كبيرة لأى رئيس يحترم منصبه ويحترم شعبه، وإن عليه أن يستعيدهم بقرارات ملموسة، لا أن يزيد بهم عدد الخارجين ضده. لو كنت مستشاراً للرئيس لأخبرته أنه يضع يده فى مياه باردة غير مدرك للقادم، وغير عابئ بالفرصة الأخيرة لكل من يريدون تنفيذ الهجمة المرتدة، ولنصحته بأن يرتمى فى أحضان المواطنين البسطاء بدلاً من جماعته وأهله وعشيرته، وأن يخاف من الله أكثر مما يخاف من الإطاحة به، وأن يدرك أن الله مالك الملك، كما يؤتيه من يشاء، فهو سبحانه قادر على (نزعه) ممن يشاء، (يعز) من يشاء، و(يذل) من يشاء، وسيادة الرئيس لم يتخذ عند الله عهداً، ولذلك كل الخيارات مفتوحة. سيادة الرئيس محمد مرسى عيسى العياط.. أنت إلى الآن رئيس البلاد، فاتق الله فيها، وهذه رسالة أخيرة إليك، أخشى لو تجاهلتها أن يختصر اسمك فقط فى (العياط)، ولتذكر أن الثورة علمتنا أن سقف المطالب يرتفع مع سقوط دماء، ومع استهبال الإدارة السياسية وتباطؤها واعتبارها أن الشرعية معها، وأن كاتب هذه السطور لا يرى أملاً فيك أو حتى فى معارضيك، ولا يعنيه أن يشتمه أو يسبه الجميع، أو يخونوه لأنه يسدى إليك النصح، أو حتى يهاجمك، لكنها شهادة لله.. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد