فتح غياب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة عن الساحة، منذ نهاية أبريل الماضي، بسبب المرض، الباب ليس فقط للجدل حول قضية خلافته، وإنما أشاع أيضا حالة من الغموض في البلاد بشأن طريقة تسيير المرحلة المقبلة. ورأى الكاتب الصحفي الجزائري والمحلل السياسي عابد شارف أن "السلطة في الجزائر لم تتخذ القرار بعد بشأن من يخلف بوتفليقة ولا حتى طريقة تسيير المرحلة المقبلة". وأوضح: "أنا مقتنع بأن أصحاب القرار في الجزائر مازالوا حاليا لم يحسموا بعد في أي اتجاه سيسيرون لحل معضلة خلافة بوتفليقة". ويتواجد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منذ 27 أبريل الماضي بباريس للعلاج بعد إصابته بوعكة صحية وسط جدل داخلي بين الحكومة والمعارضة التي تتهم السلطات بانتهاج سياسة الغموض والتكتم في معالجة ملف المرض. وتنشر وسائل الإعلام المحلية بصفة مستمرة عددا من السيناريوهات حول مرحلة ما بعد بوتفليقة منها تنظيم انتخابات مسبقة بحكم أن نهاية ولاية بوتفليقة الحالية ستكون في أبريل 2014. ويقترب بوتفليقة "76 عامًا" من إكمال ولايته الرئاسية الثالثة، حيث بدأ ولايته الأولى عام 1999، ثم أعيد انتخابه في 2004 لولاية رئاسية ثانية، وفي العام 2009 بدأ ولايته الثالثة التي تنتهي بعد أقل من سنة من الآن. وقال شارف إن "الحديث عن مرشحين محتملين لخلافة بوتفليقة أمر سابق لأوانه الآن بحكم أن السلطة ستركز على مشروع سياسي لتسيير الجزائر في المرحلة المقبلة قبل أن تفتح المجال للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية". وبدأ في الجزائر خلال الأيام الأخيرة تنافس خفي بين عدد من المرشحين لخلافة بوتفليقة ويعد رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور الوحيد الذي أعلن ترشحه رسميا للمنصب فيما يبقى تداول أسماء أخرى مقتصرا على وسائل الإعلام وصفحات لمؤيديهم على شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت. وشكك عابد شارف في إمكانية تنظيم انتخابات نزيهة قائلا: "برأيي لن تكون هناك انتخابات مفتوحة وشفافة وما يحدث من تنافس خفي مجرد تهريج سياسي لأن السلطة ستختار مرشحا لها وتوفر له كل الظروف ليخلف بوتفليقة". وتنتهي ولاية بوتفليقة الثالثة شهر أبريل المقبل غير أن الوعكة الصحية التي ألمت به جعلت السلطة الحاكمة أمام عدة خيارات للتعامل مع هذا الطارئ وتسيير المرحلة المتبقية من ولايته. ومن هذه الخيارات تنص المادة 88 من الدستور الجزائري أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع.يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3 ) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمة" إلى غاية تنظيم انتخابات جديدة. وأكد الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر عبدالعالي رزاقي أن "تفعيل مادة العجز الصحي مستبعدة؛ نظرا لأنها لاتجوز من الناحية الأخلاقية فضلا عن أنه لم يسبق تطبيقها في الجزائر وحتى عربيا". وأشار إلى أن الراجح أن "الوزير الأول عبدالمالك سلال مكلف حاليا بسد الفراغ السياسي الذي تركه الرئيس وسيستمر في أداء هذا الدور حتى تنظيم انتخابات جديدة". وبشأن المرشحين لخلافة بوتفليقة تابع رزاقي:"برأيي أن السلطة الحاكمة في البلاد ستعمد إلى فتح السباق لأكبر عدد ممكن من المرشحين لكنها ستدعم بصورة خفية مرشحين من أتباعها للمرور إلى دور ثان في الانتخابات الرئاسية لكي تتفاوض مع أحدهما لتولي المنصب في الدور الثاني للانتخابات".