فتح الغموض الرسمى حول الحالة الصحية للرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة باب التكهنات على مصراعيه حول المرحلة السياسية المقبلة فى الجزائر، والحديث عن المرشحين المحتملين لخلافته، وأن الخليفة سيكون أول رئيس من خارج الحرس القديم الذى قاد الثورة على الاستعمار الفرنسى. وكانت صحيفة جزائرية قد نشرت أنباء تشير إلى تدهور حالة بوتفليقة ودخوله فى "غيبوبة كاملة"، كما ذكرت مجلة فرنسية عن أن بعض أعضائه الداخلية أصابها تلف شديد بسبب الجلطة، وظهور المادة 88 فى الدستور للعلن وهى التى تندر الإشارة إليها، ويتولى بموجبها رئيس مجلس الأمة السلطة مؤقتا فى حالة وفاة الرئيس أو عجزه. ولم تعد الانتخابات الرئاسية المقررة مطلع 2014 بعيدة، ورغم ذلك فإن الآلة لم تتحرك، وحالة الترقب هى التى تسيطر على الجميع، خاصة المرشحين الذين ينتظرون معرفة تطورات الوضع الصحى لبوتفليقة، والتأكد نهائيا من أن فكرة الولاية الرابعة قد سقطت. الأوزان الثقيلة ويلوح فى الأفق العديد من الأسماء التى ستتنافس على خلافة بوتفليقة من بينهم، عبد الملك سلال رئيس الوزراء، ورئيس الحكومة الأسبق "أحمد بن بيتور"، و"مولود حمروش" رئيس الحكومة الأسبق، الذى يوصف بأنه "رجل الإصلاحات"، ولكن العارفين ببواطن الأمور يؤكدون أن حظوظ الرجل فى تولى الرئاسة شبه منعدمة. ويتوقع مراقبون أن يكون الحصان الرابح هو أبو جرة سلطانى، الذى تخلى قبل أيام عن رئاسة حركة "حمس"؛ حيث تشير التوقعات إلى أنه سيخوض المنافسات باسم "تكتل الجزائر الخضراء"، ويمكن أيضا لعبد الله جاب الله أحد رموز التيار الإسلامى أن يكون مرشحا مرة أخرى. كما يتم تداول اسمين، وهما عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى، وكلاهما شغل منصب رئيس حكومة، ورغم أن "تهمة" الطموح الرئاسى ظلت تطاردهما عندما كانا فى منصبيهما، وحاولا مرارا إخفاء هذا الطموح لعدم إغضاب بوتفليقة، لذا كانا يكرران أنهما لن يترشحا ما دام بوتفليقة مرشحا، لكن الآن مع تأكد عدم ترشح الرئيس الحالى لولاية جديدة، وتزايد فضائح الفساد، يبقى التساؤل قائما بشأن بلخادم وأويحيى، خاصة أنهما من دون حزبين حاليا، ولكن هناك من يتوقع لهما دورا فى الانتخابات القادمة. ولأول مرة يجهل الشارع الجزائرى من هم أولئك الذين سيتقدمون للانتخابات الرئاسية القادمة، وخلال الأشهر الماضية اكتفى الرئيس الجزائرى بالظهور فى التلفزيون الحكومى بمناسبة زيارة نظرائه أو وزراء أجانب، لكن دون الإدلاء بأى تصريح، وكان الرئيس الجنوب إفريقى جاكوب زوما آخر من التقاه فى 15 إبريل الماضى، إلا أنه اضطر إلى اختصار زيارته المقررة ليومين إلى بضع ساعات. وتتضارب الأخبار حول صحة بوتفليقة منذ نقله للعلاج فى مستشفى "فال دوغراس" بالعاصمة الفرنسية باريس؛ إثر إصابته بجلطة دماغية، لدرجة أن بعض المواقع الأجنبية أعلنت وفاته، إلا أن السلطات الرسمية الجزائرية وعلى رأسها رئيس الوزراء أكد فى عدة مناسبات أنه "يتحدث يوميا مع الرئيس وأنه فى صحة جيدة ويخضع للراحة كما نصحه الأطباء". وبعد اجتيازه عتبة 14 سنة فى الحكم أصبح بوتفليقة الرئيس الجزائرى الذى قضى أطول فترة فى الحكم متجاوزا الرئيس هوارى بومدين الذى قضى 13 سنة (1965-1978)، لكن أصواتا عدة من المعارضة بدأت تنادى بتطبيق المادة 88 من الدستور الجزائرى وإعلان شغور منصب الرئيس لاستحالة أدائه مهامه بسبب المرض؛ حيث تنص على أنه: "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستورى وجوبا". وفى حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه فإن رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (70 سنة) سيشغل منصب الرئيس بالنيابة حتى تنظيم انتخابات فى أجل لا يتعدى 45 يوما، ولا يحق لبن صالح فى هذه الحالة الترشح لهذا المنصب.