غطت شعرها بإيشارب حتى لا يتعرف عليها أحد، وبهدوء شديد تسللت إلى المسجد والكنيسة اللذين يقعان إلى جوار بيتها، وأفرغت محتويات الكيس الذى تحمله ومعبأ حتى آخره بخبز وحواوشى وسندويتشات كفتة على أرفف الصندوقين الخشبيين الموضوعين أمام بابى المسجد والكنيسة. «من كان محتاجا ولا يستطيع دفع الثمن فليأخذ مجانا».. تلك هى العبارة التى كتبتها نيفين مالك إحدى ساكنات شبرا، على الصندوقين اللذين صنعتهما بنفسها للمساعدة فى إطعام الفقراء، ممن يمرون فى الطريق ولا يجدون أموالا لشراء طعام. فكرة إنشاء الصندوق استوحتها نيفين من والدها، الذى كان يصطحبها وهى صغيرة إلى دار المسنين ليمنحهم ما يحتاجونه من أدوية رغم راتبه الحكومى الصغير الذى كان يكفيهم بالكاد. رحلة الأب الشهرية إلى دار المسنين علمت نيفين معنى العطاء بلا حدود، فقررت أن يكون لها مشروعها الخيرى الخاص، وهو توفير «عيش مجانى للفقراء وعابرى السبيل»، الذى بدأته منذ 40 عاما، نيفين المسلمة الديانة، قررت أن يستفيد من مشروعها المسلم والمسيحى، ولذا أصرت على وضع صندوق أمام إحدى كنائس شبرا مثلما وضعت صندوقا أمام المسجد الذى يجاورها، وقالت: «كنت أرى الراهبات الهنديات يخدمن الفقراء والمشردين بمنطقة شبرا، فقررت أن يخدم مشروعى الفقراء من المسلمين والمسيحيين». وأضافت: «لازم المصريين يتجمعوا من تانى حول بلدهم، لازم يبقى لنا رأى ونعيد بناء دولتنا بإيدينا، وخلينا ننسى خلافاتنا السياسية بقى».