يتصور البعض أن الدكتور «مرسى» يمكن أن يقوم بمحاولة للالتفاف على الدعوة لسحب الثقة منه يوم 30 يونيو القادم، من خلال استرضاء القوى المعارضة بتحقيق بعض مطالبها. ربما كان «مرسى» وعصبته من الإخوان يفكرون بهذه الطريقة، لكننى أشك أن يفعلوا شيئاً، وفى تقديرى أنهم لو فعلوا فسوف يكون ذلك منتهى التغفيل منهم، لا لشىء إلا لأن إرضاء المعارضة، سواء تمثلت فى جبهة الإنقاذ، أو الأحزاب السياسية، أو الكتل والحركات، لن تغنى عنهم من اليوم الموعود شيئاً، لأن أزمة مرسى ليست مع المعارضة بالأساس، ولكن مع الشعب. فحالة الإحباط النفسى والانهيار المعيشى والقلق الجارف من المستقبل الذى يسيطر على العديد من المواطنين حالياً هو الذى دفعهم إلى التدفق بالملايين للتوقيع على استمارة تمرد، تعبيراً عن يأسهم من النظام الإخوانى، الذى زاد حياتهم مراراً، بعد عام واحد من حكمه، ولا يجد المواطن أية بارقة أمل بتحسن الأوضاع فى المستقبل، بل لقد تأكد لدى الجميع أن السيئ هو ما يعيشونه حالياً، وأن الأسوأ قادم لا محالة، طالما ظل «مرسى» وعصبته على كراسى الحكم وصناعة القرار فى مصر. إن من يفهم نفسية الشعب المصرى يعلم أن اليأس يمنحه طاقة أعلى على الحركة من الأمل، فمن قلب المحنة التى كرستها نكسة 1967، وما ولّدته من يأس فى قلوب المصريين، جاء نصر أكتوبر 1973، ومن جوف اليأس من إصلاح المخلوع ونظامه، ظهرت تباشير ثورة 25 يناير. قديماً قال جمال الدين الأفغانى: «الأزمة تلد الهمة»، ولا تنطبق هذه المقولة على شعب كما تنطبق علينا، شأننا فى ذلك شأن الأمم العظيمة التى تجلو الأزمات معدنها الأصيل. ولا يختلف عاقلان على أن الشعب المصرى الآن «بيفرفر» من ضغط الأزمة الكبرى التى يعيشها بعد عام من حكم الإخوان، وأنه وصل إلى أعلى درجات اليأس من قدرتهم على تحسين أوضاعه، بعد أن انطلق جواد الفشل الجامح الذى امتطاه «مرسى»، وأصبح يخرّب فى كل اتجاه. وحالة اليأس التى أصابت هذا الشعب لا تنصرف فقط إلى النظام الحاكم، بل تتعلق أيضاً بالمعارضة التى فقد المواطن أى أمل فى قدرتها على تخليصه من الإخوان، خصوصاً بعد أن أخذت تصرخ مستنجدة ب«الجيش» من أجل القيام بهذه المهمة نيابة عنهم. من قلب هذا اليأس خرجت حركة تمرد التى كتبت شهادة وفاة المعارضة التقليدية العاجزة عن فعل شىء على الأرض، وما فشل «عواجيز المعارضة» فى تحقيقه استطاع شباب هذه الحركة إملاءه على أرض الواقع.. والنتيجة هى حالة الذعر التى تنتاب «مرسى» وعصبته حالياً والتى تدفعهم إلى التفكير الساذج فى إرضاء المعارضة، متناسين أن مشكلتهم الحقيقية مع هذا الشعب، الذى قرر أن يكون يوم الحساب فى (30 يونيو).. تذكّروا أننى كتبت فى هذا المكان منذ بضعة شهور: «يوم الحساب آتٍ لا بد»!