كما الحال فى الدقهلية، دفع عطش أراضى قرى الشرقية الأهالى للاحتجاج أكثر من مرة، لدرجة قطع الطرق اعتراضاً على نقص المياه اللازمة للرى. «الوطن» زارت عدداً من القرى التى شهدت أراضيها الزراعية عطشاً بدأ مع موسم زراعة المحاصيل الصيفية بعد حصاد القمح. أهالى قرى العجيرة، بمركز الزقازيق، لم يزرعوا أراضيهم بعد حصاد القمح منذ أسابيع، والسبب أن المياه لم تصل إلى قريتهم، عدد قليل فقط من القرية هم من تمكنوا من رى الأراضى بالمياه القليلة التى وصلت إلى القرية خلال أيام قليلة فى بداية مايو الماضى. الحاج محمود أبوبكر، جلس عند جسر الترعة المجاورة لأرضه، ينتظر هو وأولاده أن تندفع المياه فى الترعة ليروى الأرض، يبدو على أبوبكر علامات الغضب، فلا يتكلم كثيراً لكنه يحمل الحكومة المشكلة من أولها إلى آخرها، وعند سؤاله عن السبب وراء نقص مياه الرى، أجاب بكلمتين: «اسألوا هشام»، فى إشارة إلى رئيس الوزراء هشام قنديل. من العجيرة إلى بهنوس، الواقعة بمركز الزقازيق، المشكلة هى هى فلا مياه تكفى المواطنين لرى الأراضى الزراعية، يجلس أحمد الشرنوبى أمام منزله المجاور للترعة التى تمر بالقرية، «لا توجد مياه للرى، ولهذا فإننا لا نذهب إلى الأراضى، لدرجة أنها حجّرت ولا يوجد أى ترعة بالقرية فيها مياه لا الترعة الرئيسية، ولا الترع المتفرعة منها». رمضان السبيعى، 45 سنة، يسكن فى قرية المصادقة، يقول: «بيتى أقرب بيت من الأرض، لأنى بانيه على جسر الغيط ولو الميه جات هكون أول واحد يروى لكن لحد دلوقتى مفيش ولا نقطة ميه زارت أرضنا». يضيف: «الحبوب غالية وكل موسم بتغلى أكتر.. وشيكارة الكيماوى بتوصل أحيانا لخمسة وسبعين و100 و120 جنيهاً، والسولار بيغلى كل سنة ومش بنلاقيه إلا فى السوق السودة، وكمان الميه متجيش.. يبقى بلاها فلاحة وبلاها زراعة نشتغل ليه ونزرع ليه والحكومة بتاعتنا نايمة ومش فى بالها». أزمة نقص مياه الرى وعطش الأراضى الزراعية موجودة فى قرى منيا القمح ومن أكثرها قرية الصنافين التى تجمع المزارعون فيها بمجرد وصولنا إلى القرية فى محاولة منهم لتوصيل رسالة من خلال «الوطن» للحكومة قالوا فيها: «طالما الحكومة مش قادرة توفر لنا احتياجاتنا واحتياجات أراضينا يبقى نسيب الزراعة». تقول الحاجة فهيمة، إحدى المزارعات بالقرية، «عندى 4 فدادين بيساعدنى فى زراعتهم ولادى الأربعة وكل واحد فيهم عنده بيته ومراته وعياله، يعنى الأربع فدادين فاتحة خمس بيوت، وكل سنة زراعة بتبقى أصعب من اللى قبلها لا سولار ولا حبوب ولا سماد ولا ميه.. هنصبر لإمتى علشان حالنا ينصلح؟». مصطفى يحيى، 30 سنة، أحد شباب قرية الصنافين، جلس على حافة أرضه على باب عشة صغيرة بناها هناك يشرب الشاى، يقول: «أنا خريج بكالوريوس تجارة ولما ملقتش شغل لنفسى قررت أشتغل فى مجال الزراعة، وقلت أهى قسمتى ونصيبى لكن حتى الزراعة مش عارفين نفلح فيها». عجز يحيى عن توفير المياه لرى أرضه التى تمتد على فدان وخمسة قراريط، ففكر فى شراء ماكينة رى ارتوازية لسحب المياه من على عمق كافٍ من سطح الأرض: «رحت أسأل على الماكينة الارتوازية لما يأست من الأرض اللى هتبور منى بسبب قلة الميه.. قالولى علشان الماكينة تسحب ميه باستمرار ومتعطلش معاك لازم تحفر لها لحد عمق 110 أمتار فى عمق الأرض، ولما سألت عن سعرها وسعر المواسير اللى طولها 110 أمتار، قالولى إنها ب180 ألف جنيه.. هو إحنا لو معانا 180 ألف جنيه كنا اشتغلنا فلاحين». فى مركز صان الحجر، لايزال مئات من أهالى قرى الناصرية وكفر المستشار وأم شعلان والحاج أنور والبكارشة وكفر المسلمية وأم عجرم والجمالية والقصبى شرق، يقطعون طريق صان الحجر الحسينية الدقهلية، احتجاجاً على جفاف أراضيهم التى تتجاوز مساحتها 20 ألف فدان. يقول الشبراوى صادق، أحد مواطنى صان الحجر: «عندى 5 فدادين باروا بسبب قلة الميه، ولا لاقيين مياه الرى ولا مياه الصرف الزراعى اللى ممكن نعالجها ونعيد استخدامها طالما موضوع الميه مأزم كده». أما الحاج رجب السيد أحمد، فقال: «جمعنا بعض وقلنا نروح للمحافظ المستشار حسن النجار، عشان يشوف لنا حل وينقذ أراضينا اللى هى مصدر رزقنا الوحيد قبل ما تبور وقعدنا أكتر من ساعتين، المحافظ رفض مقابلتنا، روحنا لوكيل وزارة الرى ولحد دلوقتى 10 أيام مشوفناش نقطة ميه نروى بيها». وأوضح السيد حسن السيد، 30 عاماً، مقيم بقرية الناصرية، أن أراضيهم من المفترض أن تروى من ترعة الغزالى السفلى إلا المسئولين عن الرى فى ظل نقص المياه حرموا القرى الفقيرة من حصتها فى المياه منذ أكثر من 20 يوماً وقاموا بتوصيلها لقرى أخرى بها أراضى بعض المسئولين. وتابع: «أنا بازرع فدانين بالنص وفى آخر الموسم بقسم المحصول مع صاحب الأرض وبعد ما الزرع مات فى الأرض هأكل عيالى منين؟». «خلاص نبقى بلطجية ومجرمين وقطاع طرق»، بهذه الجملة عبر محمد إسماعيل عن غضبه بعد تعرض أرضه للبوار وقال باكياً: «هأكل عيالى منين والحكومة سايبة الأرض تبور وإحنا مش قادرين نعمل حاجة حياتنا كلها فى الأرض والأرض بتموت عطشانة يبقى إحنا نروح نشتغل بلطجية ومجرمين بقى ومحدش ييجى يقبض علينا، ويقول القانون، لأن البلد لو فيها قانون يحاسبوا المسئولين اللى هيتسببوا فى تشريد عيالنا والأرض اللى بتموت» وتستغيث الحاجة وداد، إحدى مواطنات صان الحجر قائلة: «الأرض بارت وهنموت من الجوع، وعيالنا معظمهم مخلصين تعليم معاهم شهادات دبلومات وكليات وعشان مفيش شغل فى البلد قعدوا يزرعوا الأرض، بس بعد ما الزرع مات فى الأرض بسبب نقص الميه، سابوا الأرض وطفشوا وقالوا هنروح ندور لنا على أى شغل ولا هنقعد هنا نموت وإخوتنا يموتوا من الجوع. وقال عبدالله السيد حسن، مدرس ثانوى بالتعليم الفنى التجارى، مقيم بقرية الناصرية التابعة لمركز صان الحجر: «أنا شغال مدرس من 20 سنة، وعشان العيشة غالية، استأجرت قطعة أرض مساحتها فدان وبادفع إيجار 4 آلاف جنيه فى السنة، غير مصاريف الأرض زى التقاوى والأسمدة والحرث وغيرها، ورغم أن الأرض هى أقرب أرض ملاصقة للترعة اللى المفروض نروى منها، فإننى بعد ما زرعت الأرض بتقاوى الأرز، اتحرقت الزرعة فى الأرض بعد ما نشفت من قلة المياه»، وتابع حسن: «أنا لو أقدر أدبر حالى بمرتبى، الفلاحين اللى ملهمش غير الأرض هيعملوا إيه؟». أخبار متعلقة: "الوطن" ترصد خريطة"شقوق الظمأ"في 5 محافظات الأرض "بور" .. والحكومة "معندهاش دم" أراضى استصلحها «ناصر» وقتلتها «النهضة» "البوار" يهدد 30 قرية .. والكهرباء السبب عطش يخنق الأرض .. وشقوق تتسع