«إنتوا لسه قاعدين على الفيس وراكوا مذاكرة يالا قوموا الله يخرب بيت الفيس واللى بيفيس عليه» هذه طبعا مقولة أمى الشهيرة التى نسمعها فى الصباح والمساء فكنا أنا وإخوتى هدفنا فى الحياة كلها الفيس بوك وأن تبقى تعليقات أصحابى على الصورة اللى حطتها أكتر من التعليقات اللى عند أخويا على صورته، وهكذا كان معنى الفيس بوك قبل ثورة 25 يناير، كان هناك تعلق شديد بهذا الذى يسمى «فيس بوك» وأحيانا كثيرة لا يكون عندنا ما نفعله ولكن كيف يجرؤ أحد أن يغلق جهاز الكمبيوتر وأنا فاتح الفيس، حتى لو أنا نايم، عمرى ما اشتركت فى أى صفحة بتتكلم عن السياسة لأن أنا وعلى غير عادة المصريين مبفهمش فى السياسة بس كنت أسرع واحد يشترك فى صفحات النكت والضحك والحاجات دى، إلى أن جاءت الثورة وكثر الكلام وامتلأ الفيس أوله عن آخره بالسياسة، فبدأت أقرأها رغما عنى وبدأت أفكر وأتأثر وأبرهن وأثبت كل هذا من خلال الفيس بوك، بدأت أعرف ليه الناس راحت التحرير وليه عاوزين يشيلوا الرئيس ومين اتقتل ومين اللى قتل وهكذا نسيت صفحة «أجمل نكتة» وصفحة «بس يا سيدى» واشتركت فى صفحات الثورة مستمرة وميدان التحرير و25 يناير ولأول مرة أحس إنى بلغت سن الرشد لا لأنى كنت متفقا مع النظام السابق أو مختلفا ولكن لأنى بدأت أفهم، بدأت أسمع بدأت أكتب رأى بدلا من أن أكتب نكتة أو فزورة، بدأت أتطلع كام واحد موافقنى الرأى، وكام واحد اختلف وهل أقنعنى أم أقنعته، وبدأت تظهر على جسمى علامات الثورجية وهى مثل علامات الرجولة فصوتى أصبح عاليا ومنفعلا، وبدأت أمى تردد نفس المقولة ولكن ليس فى الصباح والمساء فقط وإنما فى كل ساعة واضطررت إلى أن أشترى «لاب توب» خاصا بى لأن أخويا مبقاش بيعرف يعمل «نت» عشان أنا كنت محتكر الجهاز وبدأت أمى تغضب أكثر وأكثر إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة وقررت أن أتحدث لأمى وأشرح لها أننى الآن لم أعد صغيرا، لم يكن الفيس بوك مثل الماضى «هزار وصور ونكت» أنا يا أمى بعرف إيه اللى بيحصل بره، أنا بتابع أخبار البلد، بعرف مين كويس ومين نصاب، مين سرق ومين اتحاكم، بقى لىَّ رأى الناس بتسمعه، وكالعادة ردت أمى قالت لى إنت بقى ليك رأى دا إنت مبتعرفش تفرق بين السياسة وكوز الدرة، وسابتنى ومشيت وهى بتبرطم وبتقول آآآل الشباب اللى هيغير البلد آآآآل ، وجاءت الثورة وقلت لأمى غدا التحرير هيبقى مليان بالناس وبالطبع قالت لى الفيس دا كداب إلى أن جاء الغد وكان الموافق 25 يناير 2011 وتأكدت أمى أن الفيس مش بيكدب وعندما سقط النظام كانت الدهشة على وجه أمى كيف هؤلاء الشباب يسقطون نظاما لم يتزحزح من مكانه لمدة 30 سنة، وفى مرة بافتح الفيس بوك وإذا بى أفاجأ باسم أمى فى الأصدقاء المقترحين فسرعان ما اتصلت بها «إنتى عملتى فيس بوك؟» قالت لى آه هوا أنا مش لىَّ حق أقول رأيى فى المرشح اللى عاوزة انتخبه، اشمعنى انتو، خفت عليها قليلا ولكن لا أعلم من ماذا أخاف، وقلت لنفسى أكيد كلها يومين وتقفله، هيه ماما فاضية، خصوصا إنها مدير عام بإحدى الشركات الكبرى، فهدأت ولكن الآن أمى أفضل منى فى استخدام الفيس بوك وإذا كنت أنا أشارك فى الصفحات فأمى الآن هى من تقوم على إنشاء تلك الصفحات وأصبح ليها رأى مسموع على الأقل داخل كيان شركتها التى فروعها تملأ مصر جميعا، وأصبح عدد أصدقائها ومحبيها أكثر منى واستطاعت أن تقنع الجميع بمرشحها مع أن أنا وأبى وإخوتى نختلف معها ولكن هى سعت لأن تقنع الآخرين بمن تحب ونحن وقفنا عند نقد من نكره فأنت عظيمة يا أمى ولكن أنت عندك امتحان عشان الترقية الجديدة، فاسمحى أن أقول لك مقولتك الشهيرة «إنتى لسه قاعدة على الفيس وراكى مذاكرة يلا قومى ذاكرى، الله يخرب بيت الفيس واللى بيفيس عليه».