ترتيب هدافي الدوري الإيطالي قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    ترتيب الدوري الإسباني قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    بعد انخفاض الأسعار.. أرخص سيارة هيونداي في مصر    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    تربي لوجه الله، إعلان وظيفة رسمية للعمل بجبانات أسيوط يثير الجدل ومتابعون: هيعيش على الصدقات    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام مانشستر سيتي بكأس الاتحاد    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    وزير الخارجية الإيراني: سنرد على الفور إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحنا    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    بركات: مازيمبي لديه ثقة مبالغ فيها قبل مواجهة الأهلي وعلى لاعبي الأحمر القيام بهذه الخطوة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    بالأسماء ... ارتفاع ضحايا حادث تصادم بالدقهلية إلى 10 مصابين ومتوفى    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصابة... سيناريو من مشهد واحد (إهداء إلى زين شباب مصر وائل غنيم)
نشر في التحرير يوم 08 - 09 - 2011


تأليف:
بلال فضل













مكتب في مباحث أمن الدولة
نهار/ داخلى أو ربما ليل /داخلي
نحن بداخل حجرة تحقيق على الطراز الأمريكي.. يجلس رجل في الخمسينات من عمره ويبدو عليه أنه شديد التأنق يتحدث في تليفون على مكتبه وهو ينظر إلى شاشة بلازما تذيع قناة الجزيرة وهي تعرض صورا لمظاهرة مليونية في ميدان التحرير.. الصوت على الوضع ميوت والرجل يتحدث في التليفون بجدية شديدة
في أثناء حديثه نرى موبايله يرن بشكل متكرر حيث نعرف ذلك من إضاءة نور الموبايل.. يأخذه لينظر فيه فنجد مكتوبا على الشاشة (البيت 1).. يتجاهله ويواصل حديثه الضابط: أنا خايف يكون القرار ده متسرع يا فندم.. آسف جدا أنا ما أقصدش.. بس إحنا لسه ماوصلناش منه لإعتراف محدد عن الجهة اللي واقفة وراه.. أنا فاهم كم الضغوط اللي على الوزير الجديد.. بس إحنا برضه لازم نشوف شغلنا.. تمام يافندم.. أنا هاحاول أقفل معاه بشكل كويس.. هابلغ حضرتك فورا يافندم
يقفل التليفون ويفكر قليلا وهو ينظر إلى الشاشة.. في حين يواصل موبايله رنينه.. يرد عليه وهو يحاول أن يكون لطيفا




يدخل شخص ضخم الجثة غبي الملامح عليه.. يراه يتحدث في التليفون فيقف متأدبا.. يشير له بيده علامة الإنتظار.. يخرج بكل أدب
بينما يواصل حديثه ضاحكا








يلتقط أنفاسه بعد أن يقفل معها.. يهدأ قليلا.. يقوم بالنظر إلى شاشة التلفزيون.. يطالع أوراقا أمامه نرى عليها صورة شاب في الثلاثينات من عمره.. هي صور تمت طباعتها من على الفيس بوك.. من جاليري صور خاص بالصفحة الخاصة بالشاب.. وتظهره مع مجموعة أصدقاء له.. ينظر إليها كأنه يستجمع قواه.. ثم يدوس على زرار.. فيفتح الباب سريعا ويدخل منه الضخم لينظر إليه متطلعا.. يشير إليه بيده فيخرج سريعا.. نرى الضابط يواصل قراءة الأوراق والصور.. ونرى على مكتب الضابط صورة عائلية له مع زوجته وإبنيه ولد وبنت ويبدو أنهما سعداء جدا في الصورة
بعد قليل يدخل ومعه شخص آخر ضخم مثله ويتوسطهما الشاب الذي رأيناه في الصور وهو يسير بحذر لأن عينيه تم تغميتهما بعصابة قماشية كثيفة.. يظهر على وجهه آثار الهزال والضعف الشديد والخوف.. برغم أن الإثنين يقتادانه إلا أنه يتلفت حوله يمينا ويسرة ويبدو أنه شديد الرعب.. يشير لهما الضابط إلى ترابيزة بها كرسيين متقابلين ليجلساه على كرسي يواجه مكتب الضابط.. ثم يشير لهما أن يخرجا.. يخرجان ويغلقان الباب.. نرى الشاب وقد جلس على الكرسي وهو يستخدم أذنيه ويحاول كأنه فقد البصر أن يستخدم أذنيه في تتبع أي مصدر صوت.. يتحرك الضابط من كرسيه.. فيحرك الشاب وجهه نحو مصدر الصوت.. يتجه الضابط نحو الكرسي الذي يقابل كرسي الشاب.. يتوجس الشاب عندما يسمع صوت حركته ونشعر أنه ينتظر الآن أن تأتيه ضربة ما من أي مكان.. ينظر إليه الضابط ويخفف حركته لكي يطمئنه ويقول له
الضابط: أيوه ياحبيبتي..لا مافيش.. كنت عند السيد رئيس الجهاز.. مانتي عارفه ماينفعش أرد عليكي وأنا عنده.. ياستي هو هيحصل إيه بس.. والله كله تمام.. حامد وعزت واقفين في اللجنة الشعبية مع الجيران.. ومعاهم طبنجاتهم.. وكله تمام.. ياستي ماتصدقيش الكلام ده.. مانا عارف إنهم ذاعوه في برنامج 48 ساعة.. تنظيم قاعدة إيه بس.. وهو لو في تنظيم قاعدة إحنا قاعدين بنعمل إيه..مانبقاش أمن دولة بقى.. ياستي ماتخافيش.. مش هينفع أقولك دلوقتي إزاي سايبينهم يقولوا كده.. بس أقدر أطمنك.. ماتخافيش خالص.. نامي واستريحي.. بلاش تتوتري كده قدام العيال.. والله كله تمام.. طيب حاضر.. خلاص أنا موبايلي في إيدي أهوه وهارد عليكي على طول.. بس ماتكلمنيش كلما تسمعي صوت في الشارع.. في الشديد القوي بس.. عشان أنا في شغل وكده مش هينفع.. باحبك.. لا إله إلا الله
الضابط: ماتخافش
يواصل الشاب حركته الحذرة وهو يتوقع الغدر من أي جهة.. ينظر له الضابط مستغربا
الضابط: قلت لك ماتخافش.. ماحدش هيمد إيده عليك
وهو يتحقق من صوته وائل: أنا أول مرة أسمع صوتك
بإعجاب الضابط: صح.. أنا أول مرة أتكلم معاك.. ذاكرتك كويسة
يحاول أن يكتسب روحا من التحدي والتماسك أمامه


بتحدي

وائل: البركة فيكو.. مغميين عينيا بقالكو كتير.. نفسي أعرف كام يوم أصلا بقى لي متغمي .. بس مش مهم.. ماتفرقش.. إنتو خلاص حولتوني لأعمى.. ذاكرتي بقت في وداني
مش ده المهم دلوقتي.. المهم لو حضرتك هتحقق معايا من أول وجديد ماتسألنيش نفس الأسئلة اللي سألوها لي قبل كده.. هو إنت هتحقق معايا تاني من الأول
بإبتسامة وهو يتفحصه الضابط: يعني حاجة زي كده
وائل: مش سامع صوت حد معاك في الأودة.. إنت اللي هتكهربني بنفسك
بحدة فيفاجأ به يضحك بعصبية
يسأله بحزم
الضابط: أنا ماباكهربش حد
إيه بتضحك ليه
وائل: باحمد ربنا إنك ماقلتش إحنا مابنكهربش حد.. كانت تبقى مصيبة لو طلعت باهلوس
بجدية الضابط: أنا شخصيا ضد أسلوب الكهربا.. بس إذا كان حد استخدم معاك أسلوب زي ده فأكيد كان مضطر عشان الصالح العام.. ما افتكرش إن في حاجة شخصية بينك وبينه
بتهكمه المعتاد وائل: طبعا طبعا.. وأنا مقدر ده.. هو أنا قلت لحضرتك إني زعلان.. أنا اللي مخليني صابر كل ده هو إني متأكد إن هدفكو هو الصالح العام
الضابط: عارف ياوائل.. أنا معجب بيك أوي.. ماكنتش أتوقع إن شاب زيك في سنك وفي وضعك.. يبقى متماسك كده في أول تجربة إعتقال ليه.. لو حد غيرك كان إنهار
متهكما وائل: كل ده يتوقف على تعريفك للتماسك والإنهيار
بجدية الضابط: أي حد يشوفك طول الفترة دي لازم يعجب بقدرتك على التماسك
بعد لحظات صمت مريرة يعود لتهكمه ولكن بقدر أكبر من المرارة وائل: تبقى حضرتك شفتني كذا مرة طول الفترة دي.. طب حضرتك كنت ساكت ليه.. كان نفسي تقولي إحساسك إيه وإنتي شايفني عريان وباتكهرب وباتضرب وباتغرق في المية.. أصل أنا كانت عينيا متغمية فكان نفسي حد يوصف لي المشهد عشان أربط شكله بالإحساس اللي كنت باحسه
الضابط: من حقك تحس بالمرارة الفظيعة اللي باينه في كلامك.. الحكاية كلها إختلاف مواقع.. إنت لو مكاني وبتتحمل مسئولية أمن بلد بحالها.. كنت يمكن تلجأ لأساليب زي دي عشان تحمي بلدك
بجدية وائل: ماهو ده اللي نفسي أعرفه.. ياترى وإنتو حابسيني هنا.. مع إني أصلا ما أعرفش هو هنا ده يبقى إيه ولا فين.. بس مش ده مهم.. المهم حميتوا البلد مني
وهو يشير إلى الأوراق التي على المكتب ناسيا أنه متغمي العينين الضابط: إنت مش شايف إن اللي كنت عايز تعمله ده خطير ياوائل.. لما تدعي الشباب إنهم يخرجوا على السلطة الشرعية ويخربوا بلدهم ويدوا فرصة لأصابع أجنبية إنها تدمر مصر.. مش شايف إن ده خطير
بتهكمه المعتاد وائل: وهي الأصابع الأجنبية هتدمر مصر ليه.. ما الصوابع المحلية قايمة بالواجب وزيادة
الضابط: مش باقولك أنا معجب جدا بتماسكك.. مافقدتش روح السخرية اللي كنت بتكتب بيها
بعد لحظات صمت يعود ليتهكم بتحدي



يراقبه الضابط مبتسما
وائل: ده حضرتك من قرائي.. الله.. ومش بعيد تكون كنت بتخش تعلق على البوستات بتاعة المدونة.. كنت بتمضي بإسم إيه.. أنا أقول لحضرتك.. أكيد إنت سيد من شبرا.. أو رؤوف من روكسي.. دول الإتنين اللي كانوا دايما بيكتبوا تعليقات بتتعبني في الرد عليها.. وكنت باحس إن وراها حد من أمن الدولة.. مش بعيد تكون حضرتك سيد من شبرا ورؤوف من روكسي وهبة من البيطاش
هو حضرتك إسمك إيه
يضحك الضابط: حلوة دي
بتحدي وائل: مش لازم إسمك الكامل يعني لو خايف مني
يضحك الضابط: برضه حلوة
بجدية




يعود ليضحك
وائل: لا الحقيقة أسلوبك مختلف.. اللي قبل حضرتك كنت كلما أقولهم إنتو مغميين عينيا ليه.. مش عيب تبقوا حابسيني وخايفين مني.. كانوا بيردوا ردود مش لطيفة خالص.. بالإيدين واللسان وبالإتنين مع بعض وساعات بالشلاليت.. إنما حضرتك أسلوبك مختلف.. لحد دلوقتي
بجدية الضابط: أنا قلت لك من الأول ماتخافش
بتحدي
يضحك الضابط بعصبية فيرد عليه



بسخرية
وائل: أنا مش خايف.. إنت اللي خايف مني
بتضحك ليه.. بالعقل كده لما تبقى حابسني ومغمي عينيا تبقى خايف مني.. لو مش خايف مني خليني أشوف وشك
طب بلاش قولي إسمك
عموما أنا هاسميك حبيب.. إيه رأيك ولا تحب أسميك عدلي
بجدية لكي يكسر سم تهكمه الضابط: إنت عارف إنت بقى لك هنا قد إيه ياوائل
متهكما ولكن بسنة حذر وائل: أرجوك ماتقوليش.. أنا حاسس إنهم تلات إيام أو بالكتير خمسة.. وهازعل لو طلعوا أكتر
تنزل المعلومة صاعقة على وائل الذي يحاول بكل طاقته أن يتماسك ويظهر أنه لم يتأثر لكنه يفشل في ذلك ونشعر أن الضابط يقرأ إنفعالاته جيدا في هذه اللحظة الضابط: إنت بقى لك هنا حداشر يوم
عرفت ليه أنا معجب بيك.. ماحدش يقدر يحافظ على روح السركازم طول الفترة دي.. أنا لو مكانك كنت إنهرت بعد ست إيام.. برافو عليك ياوائل.. بجد برافو عليك
تفتكر إن أي حاجة في الدنيا تستاهل إن ده يحصل لك
بعد لحظات صمت يقول متحديا وائل: ما أعرفش.. بس لو نص اللي طلعوا يوم التلات طلعوا في مظاهرة الجمعة عشان ينتقموا للشهدا اللي قتلتوهم.. أكيد ده يستاهل اللي حصل لي ويمكن أكتر
ينظر إلى التلفزيون المليئ بالملايين ويتحدث بجدية شديدة الضابط: وليه كل ده أصلا.. تقدر تفهمني إيه قيمة الجروب اللي إنت عملته أساسا.. عايز تقلب البلد عشان شاب اللي قتلوه بيتحاكموا والعدالة هتطبق عليهم.. مش كنتو تستنوا لما يطلع الحكم عليهم بدل ماتدمروا البلد
وائل الذي لا يعرف شيئا لا يفهم سر حماسه فيرد بتهكمه وهو لايدري أنه يضايق الضابط أكثر وائل: وهي البلد لو كانت إتدمرت كنت حضرتك هتسيبني هنا حداشر يوم.. ماهو باين إن حضراتكو ماشاء الله مسيطرين عليها والأمن مستتب.. وإلا ماكنتش إترميت هنا حداشر يوم متغمي العينين باتكهرب وأتضرب وأتهان.. البلد بخير يافندم.. إطمن على الآخر
بجدية

يحاول أن يستميله
الضابط: أنا مش فاهم.. شاب زيك بكل الخبرات دي والنجاحات دي ليه مايحطش إيده في إيدين الشباب اللي زيه ويبنوا بلدهم.. معقولة ماتعرفش ياوائل إن مصر مستهدفة من أجندات خارجية عايزه تدمر إستقرارها
بنفس تهكمه وائل: أكيد أعرف.. وعشان كده بعت نفسي لأصحاب الأجندات دي.. بدليل إني بعد كل الكهرباء والضرب والمهانة وتغمية العينين مصمم إني ما أعترفش على أسماء اصحاب الأجندات دول.. للدرجة دي هم غاليين عليا.. ممكن اضحي بنفسي عشانهم.. لعلم حضرتك أنا طول عمري ضعيف قصاد الأجندات.. عشان كل أبهات صحابي كانوا شغالين في شركات قطاع عام وكل سنة يجيبوا لولادهم أجندات.. أما بابا فمع إنه كان شغال في الخليج بس ماكانش بيجيب لنا أجندات خارجية خالص
بجدية الضابط: أنا مش باتكلم معاك عشان أتحداك.. أنا عايزك تفهم الوضع اللي إنت وأنا فيه.. أنا عايزك تحط نفسك مكاني ياوائل
وائل: أعوذ بالله.. وهو أنا أحلم.. ده أنا طول عمري نفسي كده أخطف الناس من الشارع وأغمي عينيهم وأكهربهم.. إيش جاب لجاب
يتجاهل تهكمه الضابط: لما تلاقي شاب مستريح ماديا بيقبض كام ألف دولار في الشهر وبيشتغل في منصب مرموق مع شركة أمريكية كبيرة
يواصل التهكم وائل: ومش بعيد تبقى شركة صهيونية.. وإحنا الحمد لله بلد مابتقبلش الصهاينة خالص ولا بتورد لهم غاز ولا رئيسها بيتصور مع زعمائهم وهم حاطين إيديهم على كتفه ولا العشاق
الضابط: هتصدق لو حد قالك إن الشاب ده هيضحي بكل المكاسب اللي هو عايش فيها دي عشان شاب مايعرفهوش.. وبيدعي الشباب اللي زيه عشان يقلبوا نظام الحكم
بجدية ويبدو أنه تخلى عن التهكم فيركز الضابط معه للحظة

يدرك حقيقة كلامه ووائل يتحدث بحرقة شديدة
وائل: حضرتك كده مسكتني من إيدي اللي بتوجعني يافندم.. أنا فعلا باعترف إني دعوت لقلب نظام الحكم.. هو ده لب الموضوع.. نفسي نظام الحكم في بلدنا يبقى عنده قلب.. لما يمسك مواطن سواء كان صايع ولا سلفي ولا جهادي ولا حشاش ولا بيقبض بالدولار.. مايغميهوش ولا يكهربه ولا يهين كرامته ولا يعذبه
يقاطعه بحدة الضابط: نقوم نهد بلدنا عشان في أخطاء بتحصل فيها.. مانتو كنتو بتعبروا عن رأيكو في الجروب.. حد لمسكو ولا أذاكو.. إيه لازمته تهيجوا الدنيا وتعملوا مظاهرات في يوم عيد الشرطة وتدوا فرصة لناس تندس وسطيكو عشان تخرب البلد
يبادله الحدة







يعود للتهكم




وائل: حضرتك بتتكلم عن إيه.. ناس مين اللي تندس وسطينا.. ده لو حد كان إندس وسطينا كان لعن اليوم اللي إندس فيه عشان كان زمانه إتخنق من كتر قنابل الغاز اللي رميتوها علينا.. ده إنتو في يوم واحد رميتوا علينا نص إنتاج العالم من الغاز.. مين الأهبل اللي ممكن يندس وسطينا عشان يتضرب بعصي عساكركو وبيادات ضباطكو.. ده يبقى أهبل أوي.. وبعدين مش إنتو ناس جامدين أوي وتقدروا تخطفوا الواحد من قلب الشارع وترموه حداشر يوم في حتة متغمي العينين من غير ماالدبان الأزرق يعرف طريقه.. معلهش يافندم هي جملة بلدي بس أنا طول عمري أسمعها تتقال كده وماكنتش أعرف إن فيها وجهة نظر جامدة قوي.. لما إنتو كده يافندم طب ماتقبضوا على المندسين وتغموهم بالعصابات دي
بغضب شديد يقاطعه الضابط: عصابات إيه.. إحنا بنحمي البلد ياوائل
يضحك ويقول له بتهكم


يراقبه الضابط بإنفعالات متباينة بين التحدي والغضب والتأثر لمنطقه
وائل: يااه.. هو حضرتك زعلت.. أنا آسف إني جرحت إحساسك يافندم.. إنت عارف في اللغة العربية بيسموا اللي حضرتك حاطه على عينيا ده عصابة.. مش تسمعهم بيقولوا معصوب العينين.. جايه من عصابة.. ده اللي كنت أقصده.. ماكنتش أقصد إنكو عصابة.. ولو إن العصابات هي اللي بتغمي عينين الناس اللي بتخطفها عشان بتخاف إن وشها يتعرف والبوليس يقبض عليها بعد كده.. بس هنا الحالة مختلفة عشان إنتو البوليس وإنتو العصابة في نفس الوقت
يهدأ ويقول له بعد صمت الضابط: إنت هتخرج خلاص ياوائل
بتحدي وائل: مش مصدق حضرتك
مستغربا الضابط: ليه
بجدية ومرارة وائل: عشان أنا لسه مادفعتش تمن خروجي.. ماقلت لكوش اللي نفسكو تسمعوه.. إن أنا متمول من جهات أجنبية.. ماقلتلكوش على أسامي التنظيم اللي بانتمي ليه واللي بيهدف لقلب نظام الحكم.. هتخرجوني ليه طيب
بجدية الضابط: عشان إتأكدنا إنك مش متمول ومش عضو في تنظيم.. إنت شاب أهدافك كويسة بس عبرت عنها بطريقة غلط
بتهكم وائل: وخلاص خدت جزائي وإتعلمت الدرس وهاطلع من هنا عشان أنضم إلى شباب الحزب الوطني.. مع السيد جمال مبارك إبن سيادة الريس الأب المحبوب.. هي دي الطريقة الوحيدة اللي أضمن بيها إني ما فيش عصابة تتحط على عيني أبدا
بجدية الضابط: ماحدش عايزك تنضم لأي جهة.. إنت هتخرج من هنا وهتعبر عن رأيك زي مانت عايزك.. يعني يمكن كل اللي هانصحك بيه إذا كان ليا إني أنصحك إنك تاخد بالك إن مصر مستهدفة
بتحدي وائل: عيب يافندم.. حضرتك ليك عندي اللي أكتر من النصيحة.. والعصابة دي تشهد علينا.. أنا آسف لو كان لفظ العصابة ده بيعصب حضرتك.. تقدر تقولي إنتو بتسموها إيه
وقد بدا أنه نجح في إستفزازه.. يقوم الضابط بإطفاء التلفزيون بسرعة ثم يتجه نحوه قائلا فيتوجس الشاب للحظة.. يفاجأ بالضابط وهو يمد يده نحو رأسه ويقوم بفك العصابة
الضابط:

عمري مافكرت في السؤال ده.. عشان أنا ضد الأسلوب ده أصلا..

وعشان أثبت لك أهوه
نرى الغرفة من وجهة نظر وائل وقد ضربت الأضواء في عينيه فيغمض عينيه سريعا.. ثم يفتحهما قليلا.. ونراه يتأقلم شيئا فشيئا على الرؤية.. ويرى الضابط أمامه “فلو” ثم تتضح رؤيته له شيئا فشيئا ويراه يبتسم له بثقة وتحدي





الضابط:






صدقت بقى إني مش خايف منك
بعد صمت يعود لتحديه وائل: لو مش خايف مني قولي إسمك وعنوان بيتك
وهو يكتم غضبه ويداريه بإبتسامة الضابط: إنت أكيد مش فاهم معنى اللي بتقوله
بتحدي وائل: طبعا وإنت كمان فاهمه وعشان كده عمرك ماهتجاوب على سؤالي
وهو يواصل الإختباء خلف الإبتسامة
يخطف وائل نظرة لساعة رولكس يرتديها الضابط
الضابط: ولو عرفت إسمي وعنواني هتعمل إيه.. هتخطفني وتغمي عينيا وترميني في أودة حداشر يوم.. كده هتبقى أحسن
وائل: جايز أخطف حد من عيلتك وأعمل فيه كده.. عشان مايفكرش في يوم يقلب نظام الحكم
بإبتسامة الضابط: بس إنت مش هتعمل كده
بتهكم


وائل: مين اللي قالك.. حط نفسك مكاني.. الحكاية كلها إختلاف مواقع
آه إنت مطمن عشان إنت عارف إني لو عملت كده في حد من عيلتك هاتعاقب.. إنما إنت وكل زمايلك عشان عملتو فيا وفي اللي زيي كده مش هتتعاقبوا.. عندك حق.. على فكرة حتى لو حضرتك قلت لي إسمك وعنوانك وعناوين مدارس عيالك.. عمري ماهاعمل اللي إتعمل فيا عشان أنا عندي قلب.. مش زي نظام حكمكو
ينظر له الضابط مبتسما ويستدير.. نراه يقوم بقلب برواز صورة أولاده.. يمد يده إلى الدرج ويخرج محفظة وموبايل وساعة رولكس نلاحظ أنها نسخة من الساعة اللي يلبسها الضابط في يده.. ينظر وائل إليها مبتسما
وائل: لما شفتها في إيد حضرتك إفتكرتك صادرتها
وائل يرتدي ساعته ويضع المحفظة والموبايل في جيبه الضابط: يعني مش لازم الواحد يشتغل في شركة أمريكاني ويقبض بالدولار عشان يشتري ساعة زي دي
بتهكم

ينظر له الضابط مبتسما
يقول بجدية هذه المرة


يسأله بجدية
يتجاهله فيعود ليقول له بنفس الجدية
وائل: لو حضرتك مش ضابط فاسد وبتاخد المرتب اللي المفروض تقبضه بالضبط.. يبقى لازم
لا إما تبقى تقليد مش أوريجينال
إنت عارف إن في نصب كتير في موضوع الساعات الرولكس والأوميجا في مصر.. زيه زي أي حاجة في البلد
حضرتك شاريها من هنا ولا من بره
أنا ممكن أكشف لك عليها لو حبيت.. أظن بعد ماخليتني أشوف وشك بقى في بيننا ثقة
وهو يبتسم مخفيا إرتباكا بسيطا بداخله الضابط: لا ياسيدي متشكرين
بالمناسبة أنا خليتك تشوف وشي عشان أثبت لك إن إحنا مش عصابة.. إحنا ناس بنخدم بلدنا.. زيك بالضبط.. بس كل واحد بيخدمه بطريقته
بجدية

يفاجأ بالضابط يقترب نحوه وقد حمل العصابة لكي يضعها على عينيه
وائل: يافندم أوعدك إني مش هاسيب حضرتك ولا كل الناس اللي بتخدم بلدهم بالطريقة دي إلا لما يبطلوا يخدموها بالطريقة دي
إيه حضرتك زعلت من كلامي
وهو يقوم بتغمية عينيه من جديد بجدية الضابط: لا.. أنا هاضطر أغمي عينيك تاني عشان لازم تخرج من هنا عشان تروح.. يمكن ماتروحش على طول.. بس صدقني هتروح خلال ساعات
وهو يعود للتحدي




بضحكة واثقة
وائل: آه فهمت.. أكيد اللي كهربوني وضربوني مش مسنودين أوي زي حضرتك وعشان كده لازم أفضل متغمي عشان ما أعرفش أقاضيهم.. بس أنا على فكرة مش هاقاضيهم.. أنا هاقاضي رئيس الجمهورية ووزير الداخلية.. عشان هم رؤساء العصابة.. أنا أقصد العصابة دي طبعا.. ماتفهمنيش غلط
ينظر إليه الضابط محتارا.. يدوس على الزرار.. يأتي الرجلان الضخمان ويدخلان ويمسكانه من يده.. يبدو وائل عكس مادخل تماما.. على وجهه إبتسامة عريضة.. يقتادانه لكي يخرج وهما ينظران إليه باستغراب ثم ينظران للضابط الذي يصوب إليه نظرات يتعمد أن تبدو محايدة .. قبل أن يخرجوه يقف وائل عند الباب قليلا ثم يستدير بوجهه ليقول للضابط مبتسما بتحدي
وائل: ماتخافش يافندم.. حتى لو طلعت تقليد.. ماحدش هياخد باله
لا يرد الضابط.. ينظر له الرجلان متطلعين فيشير لهما أن يخرجا.. يخرجانه بالفعل.. ويغلقان الباب.. ينظر الضابط إلى الساعة متطلعا وكأنه يفكر في حقيقتها هل هي مقلدة أم أصلية.. ثم يهز رأسه ضاحكا بإرتباك.. يعود إلى مكتبه.. يعدل برواز صورة أولاده الذي كان قد قلبه.. وينظر إليه بنظرات مرتبكة.. ثم كأنه يهرب من نظرات أولاده.. يمسك بالريموت ويدير التلفزيون لنرى ميدان التحرير وهو ممتلئ بالبشر عن آخره وتتجه الكاميرا نحو التلفزيون حيث نرى لافتة ضخمة موجودة بين شارعين في الميدان وقد كتب عليها (الشعب يريد إسقاط النظام)
قطع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.