«كل حاجة اتقل خيرها.. حتى الخرفان».. جملة تجرى على لسان المواطن المصرى، يتذكر زمن الخرفان الجميل، حين كان الواحد منهم يقف أمام محل الجزارة فى كامل هيئته، يأكل الذرة والعلف وأوراق الشجر، سعيدا، راضيا بمصيره، ساريا ماريا فى معدة آكليه.. أما الآن فقد اختلف الأمر تماما. «إيه الريحة الوحشة دى»؟ تعليق أولى يتبادر فى المنازل المصرية ما إن يمر إلى جوارها سرب من الأغنام، بما فيه من نعاج وخرفان، تسوقه من الأمام والخلف فتيات ورجال بمساعدة حمار أو اثنين، باتجاه مقلب تلو آخر فى المنطقة، ومن مقلب إلى آخر يحملون الرائحة يمررونها على البيوت كأنهم يطرقونها، وعلى الرغم من الاشمئزاز فإن الجميع يتعاطف معهم: «يا عينى دول اتبهدلوا فى مقالب الزبالة كتير، وشكلهم تعبان». يقنع الجميع نفسه أن تلك الخراف التى تأكل من القمامة لن تكون بضاعته التى سوف يشتريها فى العيد، وأنه بالتأكيد حين يهم بالاختيار سوف يكون ذلك للخروف الأكثر استحقاقا ونظافة ولحما، يأتى العيد، ويجتهد باعة الخرفان فى تنظيفها، وإبدائها فى أزهى صورها ليأكل المصريون مما سبق لهم أن اشمأزوا منه! «مريضة اللحم فاسدة الأحشاء».. هكذا يصفها الأطباء، لكن أحداً لا يبحث عن سبب ذلك، لا أحد يعترف أن ثمن العلف ارتفع وأصبح باهظاً فأصبحت القمامة هى المأوى، كما ينكر الجميع أن تكون لحومهم مصدرا للأمراض: «معدة المصريين تهضم الزلط.. عمرنا ما سمعنا عن حد تعب من خرفان الزبالة». يؤكد الأطباء أن معظم الأمراض الفيروسية والبكتيرية الخطيرة والسموم لا تظهر بعد الأكل مباشرة، لكن بمرور الوقت، إما بأعراض أو ترسبات فى الجسم وقد تسبب أمراضا خطيرة، لما تحتويه دماؤها من نسب زنك ورصاص عالية، هذه المعادن الثقيلة تظل فترة طويلة فى الدم دون تحلل وتنتقل من الدم إلى أنسجة لحوم الحيوان وتسبب تلفاً شديداً فى خلاياها وذلك يتضح من حجم عضلة قلب خروف القمامة المذبوح الذى يفوق حجم عضلة قلب خروف العلف 3 أضعاف، فضلا عن نسب كبيرة من السموم والفيروسات التى تنتقل من الكبد إلى أعضائه ومن أكثر الفيروسات التى وجدها المحللون فى حالة نشاط فيروس سى الحمى القلاعية والملطية وهى تصيب الإنسان عن طريق الحيوان، فضلا عن التأثيرات الجمة على البنكرياس، التى تسبب مرض السكر! يسىء رعاة الخرفان ليس فقط إلى معدة وصحة آكليها، لكن إلى الدين الإسلامى أيضا، الذى كان رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، راعيا للغنم، يلتزم بالمعايير الأخلاقية والصحية فى رعاية هذه الكائنات الأليفة، لكن الكثير من رعاة الخرفان اليوم يتشبهون بالرسول فى مهنته، دون أن يماثلوه فى أخلاقياته، الأغنام التى تتم تغذيتها على القمامة تندرج تحت مسمى «جلالة» وتعرف فى الإسلام أنها الدواب التى تأكل الفضلات وقد أفتى بعض الفقهاء أن أكل لحومها مكروه وحرمه معظمهم نظراً لما فيها من ضرر بالغ على صحة الإنسان؛ لأن لحومها تكون حاملة للمرض.