متهم هذا رجل أدرك بخبرة الشوارع «من أين تؤكل الكتف» أو اللحم البشرى إن صح التعبير. كان يطالع الفقر فى أحياء وشوارع القاهرة أينما ولى وجهه، شاهد كيف ينكس الفقر رءوس البشر، وكيف يهدم الجوع كرامة أبناء الشوارع، والتائهين، والعابرين بلا عبء، سوى عبء البقاء على قيد الحياة وكفى، ومن هنا بدأت الحكاية، التى لم تنته: «عثمان معروف» 36 سنة (أردنى) صاحب محل ملابس، هو المتهم الرئيسى فى القضية، التقت به «الوطن» بعد قرار حبسه، بدا هادئا واثقا من نفسه، لكنه لم يُخف توتره، وبعد دقائق لم يستطع الاستمرار طويلا فى رسم ملامح الهدوء فبدأ يعترض ويطالب المصور بالابتعاد عنه. تحدث بصوت خافت وجريح قال إنه كان زوجا وأبا لطفل مات هو وأمه منذ عامين فى حريق بشقته وإنه يعيش فى القاهرة منذ عام 2006. وكالعادة أنكر ضلوعه فى الجريمة وأصر على أن دوره كان اصطحاب الضحايا لإجراء التحاليل اللازمة لهم ثم يوفر لهم الإقامة فى شقة المقطم، التى تم القبض عليه فيها، حتى الانتهاء من التحاليل التى تجرى فى معمل شهير وبعد ذلك يذهب المتبرع إلى المستشفى لإجراء العملية، وهنا ينتهى دوره -على حد قوله- بتسلمه ثلاثة آلاف جنيه عن كل متبرع. يبدى حيرة ما وهو يتابع أن الثمن الذى كان يعرض على الضحية هو ثلاثون ألف جنيه، لكنهم كانوا يعطونهم خمسة عشر ألفا فقط (الضمير هنا يعود على شركائه فى الجريمة). «محمد الأسمر وصباح» هما رأس الأفعى (متحدثا عن بداية نشاطه)، تعرف عليهما أثناء شرائه محلا منهما ثم أقنعاه بالعمل معهما ووافق معتقدا أنه عمل مشروع، وظل شريكا مخلصا حتى تم القبض عليه. ضحية فى المقابل أخفى «محمد عبده»، سودانى، وجهه بكل الطرق هربا من عدسة الكاميرا أثناء حديثه لنا. قال إنه أتى إلى مصر منذ ستة أشهر فقط على أمل أن يمر منها إلى ليبيا ولكن حظه التعس، كما ذكر، أوقعه فى يد تلك العصابة، تعرف على واحد منها وهو أبوإسكندر فى مدينة الإسكندرية واتفق معه على عمل لم يكن يعرف ما هو ولكن الحاجة أجبرته على الموافقة على بيع كليته، ساوموه على مبلغ 8 آلاف دولار، وكان معه فى الشقة سبع حالات أخرى يتم تجهيزها للتبرع عن طريق عمل التحاليل والأشعة، وتوقف عن الحديث وظل يراوغ حتى اختفى.