أكدت دار الإفتاء، أن تطعيم الأبناء والبنات ضد الأمراض الفتاكة، مثل شلل الأطفال، واجب شرعي ومسؤولية مجتمعية يجب الاعتناء بها من قِبَل المسؤولين على مختلف المستويات، وأن الامتناع من ذلك مع مظنة الإصابة بهذه الأمراض الفتاكة إثم وتضييع للأمانة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ». وأشارت الإفتاء، إلى أن المشاركة في القضاء على الأوبئة الفتاكة والتفرغ لها نوع مِن الجهاد في سبيل الله؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل السعيَ على الضعفاء جهادًا؛ فيقول فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ». جاء ذلك في البحث الذي تقدمت به دار الإفتاء في القمة العالمية للقاحات التي انعقدت في أبو ظبي. وأكد الدكتور محمد وسام خضر، ممثل دار الإفتاء في المؤتمر، أن الدار نبهت مبكرًا على خطر دعاوى تحريم التطعيم؛ فأصدرت الفتاوى التي توضح موقف الشريعة الإيجابي من اللقاحات، ومشروعية التوعية بالتطعيم عبر منابر المساجد، وذلك في الأعوام 2003م، 2004م، 2005م، وأصدرت بذلك بيانًا منشورًا على موقعها الإلكتروني. وأعرب عن استنكار دار الإفتاء الشديد، للأعمال الإجرامية التي قام بها خوارج العصر، في قتل موظفي الهيئات والمنظمات الصحية الذين يتحملون المشاق في سبيل حماية الناس من الأمراض، وإعطائهم اللقاحات اللازمة التي تمنع إصابتهم بهذه الأمراض في باكستان ونيجيريا، مضيفًا: لقد سئمنا تلك الصورة المشوهة التي يحاول البعض رسمَها عن الإسلام، ونبي الإسلام -ظلمًا أو جهلا- في وأد الطفولة والإضرار بها، إلى الدرجة التي يُنسَب فيها إلى الشريعة وجوب ترك الأوبئة تستشري بين الأطفال مع أن السنة النبوية، بلغت الغاية والسمو في رعاية الأطفال والرحمة بهم وحمايتهم. ولفت إلى أن الإسلام، يحرص كل الحرص على المحافظة على حياة الإنسان وصحته وعدم الإضرار بها، ويجعل ذلك من المقاصد الكلية العليا التي جاءت الشرائع بتحقيقها، (وهي حفظ النفس والعرض والعقل والمال والدين)، ومن عظمة الشريعة الإسلامية أنها ارتقت بهذه المقاصد من رتبة الحقوق إلى مقام الواجبات؛ فلم تكتف بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة الصحة حتى أوجبت عليه اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر. ونبه الدكتور خضر، إلى أن الإسلام نسق مفتوح لا يعرف الانغلاق ولا التقوقع، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أرشدنا إلى الاستفادة من تجارب الأمم، وأخذ العلم والطب من المختصين بغض النظر عن الاختلاف في الدين، موردًا قول عائشة رضي الله عنها: "َكَانَتِ الْعَرَبُ تَنْعَتُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فَيَتَدَاوَى، وَكَانَتِ الْعَجَمُ تَنْعَتُ لَهُ فَيَتَدَاوَى" أخرجه ابن سعد في "الطبقات".