على قطعة من الخشب «الحُبيبى» ينكفئ «أشرف» بوجهه، يمسك بيده «صنفرة» يلمع بها قطعة الخشب فتصير ناعمة وتتحدد ملامحها.. «وردة.. إله الشمس.. آيات قرآنية.. والشهادتان» يعمل الشاب الذى يبلغ من العمر 24 عاماً فى تلك المهنة بدافع الحب، فى أحد الشوارع المطلة على تمثال طلعت حرب الشهير، وسط رائحة قنابل الغاز التى تزكم الأنوف، والكر والفر المستمر أمامه، الذى أرهبه فى البداية ثم تعود عليه: «أكل العيش مر» يقولها وضحكة صافية ترتسم على وجنتيه: «أكيد محدش راضى باللى بيحصل فى البلد دلوقتى.. ومحدش عارف المشكلة فى مين». «أتقنت المهنة دى من أسبوعين.. وقبل كده كنت بتعلمها»، يقولها «أشرف» وهو يستكمل عمله، يمسك فى إحدى يديه إزميلاً حديدياً وفى الأخرى شاكوشاً مصنوعاً من الخشب، يطرق به عدة طرقات ثم يعاود الحديث عن حال البلد: «هتقول لى مين المسئول ع اللى بيحصل هقول لك ماعرفش لأن المفروض إن رئيس الدولة يكون هو اللى عارف بكل حاجة بتحصل.. لكن للأسف ده مابيحصلش».. هناك نوعان من اللوحات الخشبية، أحدهما «منحوت»، والآخر «بارز»، يرى «أشرف» أن النوع الأول يحتاج للصبر: «ساعات أشتغل فى اللوحة 15 يوم عشان تخلص»، المراحل التى تمر بها القطعة الخشبية من أجل تحويلها إلى لوحة فنية تبدأ منذ شراء القطعة، مروراً برسم الشكل عليها بالقلم الرصاص، انتهاء ب«الفينش»: «بعدما بتخلص برش عليها فلوت عشان يبقى شكلها لامع»، بين مقتنيات «أشرف» هناك قطعة منحوتة بإتقان على شكل «نسر»: «دى صورة النسر القديم اللى كان على علم مصر أيام الوحدة مع سوريا.. مش أنا اللى عملتها لكن يبدو إن زمايلى شايفين إن مصر وقتها كانت قوية غير دلوقتى خالص».