عمنا اللي واقف ينجر.. يشق ويمسح.. يلحم ويلسن.. يدقدق ويلم.. يغري ويشرب.. ووسط الشق حط صوابعه مش خايف أصله ماشي بالمبدأ الحلايجي اللي يأمن للماكينة تاكله.. وده مين اللي واقف يخبط في ماكينة التخبيط ويشطب بالأزاميل ويضفر بالملاقيط ومين اللي عمال يلعب بالذهب لعب.. مدهباتي فينو أصلي ولا تقليد انجليزي.. سويدي ده ولا بلجيكي.. روماني ولا فنلندي.. أبيض ولا بني ولا حتي أسود.. تعمل منه أوضة ولا تطفي حريقة ولا حتي تبني عشة فراخ.. مش مهم ما هو كله ماشي.. حد فاهم ولا عارف ولا حتي حد بيراقب.. برضه مش مهم!! لم أتوقع يوما أن أدخل إلي هذا العالم.. ولم تراودني أبدا فكرة لأبحث فيما وراء دنيا الدقدقة والغرة واللاكيه والأبلاكاش.. والزان الأبيض وتلميع الموبيليا, بل لم تكن لدي علاقة أو فكرة بالموضوع سوي تلك المعرفة البسيطة لدي المواطن العادي الذي يفكر في تجهيز أبنه أو ابنته فينطلق بالعائلة لمدينة دمياط لشراء الجهاز ولوازمه والذي منه!! والحق إلي هذه اللحظة لا اعرف مبررا واحدا لدخولي عالم صناعة الأثاث في مصر.. قد يكون الفضول الذي ساق قدمي كعادته هو نفسه الذي ساقني وزميلي الفنان حسام دياب لاقتحام عالم الأخشاب وصناعة الأثاث في مصر. لم نفكر كثيرا من أين نبدأ.. ومن أين تكون نقطة الانطلاق؟. لم نقف عند السؤال سوي ثوان معدودة.. وسرعان ما كنا في الطريق إلي تلك القلعة الحصينة التي أغلقت علي نفسها وتحصنت بالزاد والزواد فأصبحت من أشهر مناطق مصر بل والعالم العربي والأوروبي في تصنيع الأثاث والموبيليا.. بالطبع هي مدينة الخشب والحرفيين والورش.. تلك التي يطلقون عليها أكبر ورشة في العالم.. مدينة دمياط. أخذنا الفضول إلي دمياط التي اشتهرت منذ قديم الأزل بحرفة الموبيليا نتيجة لوجود ميناء دمياط القديمة واقترابها من بلاد الشام وتركيا, ومن هنا ازدهرت صناعة السفن الخشبية والمشربيات والكنب الاسطنبولي, ومع الحرب العالمية الثانية التي أدت لإغلاق الطرق البحرية ازدهرت حرفة الموبيليا وتطورت خاصة وقد أغلقت الأبواب في وجه فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا توردان لنا الأخشاب, فوجدت دمياط نفسها أمام الموبيليات المحلية التي تفوقت في صناعتها, ولكن رغم تلك الشهرة التي أخذتها تلك المدينة وبالتالي جمهورية مصر العربية في مجال صناعة الأثاث إلا أنه كما يقولون دوام الحال من المحال!! وأن هناك خللا ما حدث فوقعت الواقعة وتراجعت الصناعة وأصبحت هناك حالة من حالات الركود في هذا المجال والسؤال.. لماذا حدث هذا التراجع ولماذا أصيبت صناعة الأثاث في مصر بحالة من الإنكسار والشتات بعد أن عاشت زمنا ذهبيا جميلا؟.. أيكون حالها من حال صناعات كثيرة كانت جيدة وسرعان ما فقدت رونقها أم أن الزمن الذي نعيشه والذي أصبح متميزا بالانكسارات وفقدان الدهشة لكل ما حولنا قد انعكس هو الآخر علي كل ما هو جميل فأضفي لونا باهتا علي كل مانعيشه. خطوط عريضة من الأسئلة وعلامات الاستفهام كانت تسيطر علي ذهني طوال الطريق من القاهرة إلي دمياط والذي قطعناه فيما يقرب من ساعتين ونصف الساعة.. والحق فقد كان شغلي الشاغل ليست الأسئلة فحسب ولكن كيفية الإجابة عنها بشكل صادق وموضوعي بعيدا عن المبالغة أو التهليل. إذا فأمامي طريقان.. الأول أن أهبط بالبراشوت علي أصحاب معارض الموبيليا التقال في دمياط والحق فهم موجوودن وبكثرة كما يقولون( أكتر من الهم علي القلب). أجلس معهم وأمامي حاجة ساقعة.. أستمتع بالتكييف الباور العالمي وأنصت جيدا, وأسجل كل حرف يقولونه عن مهنة صناعة الموبيليا التي أراها متشطبة مزينة بالزخارف والذهب, وقد تزغلل عيني تلك الموديلات العديدة ما بين القديم والجديد التي تقف شامخة في انتظار فلوس العرايس والعرسان.. والحق فإن هذا الطريق سهل ويسير وقد يجيب عن بعض من تساؤلاتي ولكني لا أعرف لماذا روادني احساس بأنه لن يكون الأصح أو الأصوب وبالتالي الأصدق.. لم أر وراء واجهات المحلات والمعارض الفخمة نقاط العرق وخشونة اليد وتشققات الجلد لم أشم رائحة نشارة الخشب وجردل الغراء.. لم تسمع أذناي صوت المكن والدقدقة والمناشير التي تنعم الخشب وتساويه.. لم يأخذني فضولي لفتح بوابات المعارض الزجاجية والدخول إلي أصحابها. لا أعرف لماذا أحسست بأن هناك ضبابا كثيفا وراء الزجاج.. لن يجعلني أنقل بصدق تفاصيل وخبايا وأسرار الموبيليا والأثاث في مصر, لذلك وقع الاختيار علي الطريق الأصعب والأشق ولكني علي يقين بأنه الأصدق. ماذا لو اصطحبتك معي في رحلة إلي حواري دمياط وشوارعها الضيقة القديمة, لتقف معي وسط الورش الصغيرة المتناثرة في كل مكان تري بعينيك وترصد بعقلك كيف تكون تلك التلال الخشبية الملقاة في المخازن أنتريه تجلس عليه الأسرة أو غرفة نوم لابنتك التي تقوم بتجهيزها بصعوبة بالغة.. القرش علي القرش.. والجنيه علي الجنيه! ماذا لو وقفت تراقب مهندس مهنة الموبيليا الذي نطلق عليه النجار.. رأيته يشق الخشب ويلحمه ويلسنه ويدقه ويغريه ويصنفره.. ماذا لو سمعت الإويمجي وهو يقوم بالتخبيط في ماكينة التخبيط ورأيته يمسك أزميله الصغير يحفر وينحت في قطعة صغيرة من الخشب لتفاجأ إنها في النهاية ذراع لكرسي صالون أو قدم لمنضدة سفرة. ماذا لو دخلت تلك التجربة معي.. ووقفت أمام المذهباتي وهو يذهب الأنتريهات والصالونات وتعرفت علي المراحل التي يمر بها الخشب بدءا من نزوله من علي ظهر المراكب الآتية من رومانيا وتركيا وحتي خروجه من تحت أيدي حرفجية المهنة إلي أصحاب المعارض الذين يبيعونه علي الجاهز وتأخذه أنت منهم بعد أن تدفع دم قلبك وبالتأكيد يكون أضعاف ثمنه الحقيقي. إذا كنت تنوي السفر إلي مدينة دمياط عن قريب لشراء جهاز ابنتك أو ابنك حاذر من السماسرة.. تجدهم مبدورين علي الكورنيش.. منتظرينك أمام محطة القطار أو موقف سيارات البيجو أو الأتوبيس. إحنا عارفين طلبك يا بيه بس قولي مهرك كام؟.. تلك هي عبارتهم الشهيرة ما حكاية سمسار الموبيليا في دمياط وما مصلحته في أن يدلك علي أحد المعارض ليدلك علي شراء طلبك منهم وما حكاية راجلهم الكبير الحاج زمبة ولا تقع في المطب.. جرب أن تقف ربع ساعة فقط وسط العمال والإستورجية.. وبالتأكيد ستندم!! الإستورجي هو الذي يلمع الموبيليا بعد تشطيبها.. وآه من التلميع وآه من مادة الرش اللي بتلمع حاجة اسمها البليستر والبلوريتان.. رائحة قد تطيقها ثواني معدودة بعدها تنتابك حالة من الاحتقان في الزور وتجد صدرك قد اشتعل وقد دخل في نوبة من الكحة. ما حكاية مادة الرش.. وهل صحيح أنها تسبب سرطان الرئة وماذا يفعل آلاف العمال في مستشفيات الصدر في دمياط والمنصورة؟ يقولون هناك جمعية في دمياط تعرف بجمعية الدفاع عن صناعة وصناع الأثاث في دمياط. ماذا لو أعطيت أذنك معي لرئيسها علي زهران الرجل المهموم بالأثاث وقضاياه وتطويره. عم علي الذي عمل في مهنة صناعة الموبيليا أكثر من أربعين عاما تراه ماذا يقول وهل يجيب عن علامات استفهام؟.. قال لي أحدهم بيتهوفن لو في مدينة دمياط هيبقي نجار أو استورجي.. لم أفهم إلا بعد أن قابلت محمد مختار وحلمي يس.. الأول نجار والثاني اويمجي.. لم يكملا دراستهما ولكنك تفاجأ بأنك أمام اثنين من المثقفين الواعدين.. حدثاني عن يوسف ادريس والحكيم والعقاد وماركيز وحنا مينا وبهاء طاهر وصلاح عبدالصبور وديستوفسكي.. ما الذي أتي بتلك الأسماء في ورش النجارة والأويمة؟.. ما حكاية هذين الشابين اللذين تفاجأ بأنهما كتيبة ولهما مجموعاتهما القصصية التي نشرت بالفعل.. اليس من حقهما علينا أن نسمعهما؟!, نطل اطلالة ولو من بعيد علي هؤلاء البشر!! وما هي أيضا قصة المواصفات القياسية الجديدة للألبان والتي أثارت القلق والقلاقل في أنحاء دمياط؟!! وحكاية العمالة الصينية التي اخترقت مملكة صناعة الأخشاب؟؟! أسئلة وعلامات استفهام تحاصرك الآن, كما حاصرتني أثناء اعداد هذا الملف الخاص بمدينة دمياط العريقة.. تري هل سننجح في وضع اجابات أمامك هل سنضيف شيئا جديدا؟.. هل تنجح أنت في شراء جهاز ابنتك دون أن يضحك عليك أحد؟!!, أسئلة قد تجد لها اجابات عبر هذا الملف.. فهل ننجح؟! وبدأت رحلة تاكسي دمياط إذ تنقلنا من موقف الاتوبيس الي حواري وأزقة دمياط.. وتحديدا الي ورش النجارة هذا ما نريده.. الحارة الضيقة.. الورش الصغيرة. الايدي الخشنة التي التهمت الماكينات اصابعها.. صوت الدقدقة.. رائحة الخشب المتغري المنشار اللي طالع واكل نازل واكل في قطعة خشب صغيرة.. الازميل اللي عمال يحفر وينحت اشكالا مبدعة في كراسي الصالون وترابيزة السفرة.. نقاط العرق التي تبلل نشارة الخشب الموقعة علي الارض.. هذا ما نريده.. ان ندخل كار صناعة الموبيليا في مصر. البداية كانت عندما طلبت من مرافقنا.. ألا يحدثنا نظريا عن مهنة صناعة الموبيليا, وألا يعطيني أية معلومة اكاديمية إلا أثناء جولتنا العملية علي الورش لأتعرف وتتعرفوا معنا علي مراحل تلك المهنة بدءا بالنجار وحتي التشطيب ونقل المنتج سواء كان انتريها أو صالونا أو غرفة نوم أو أي شيء من هذا القبيل. عندما قلت المراحل التي أريد أن اراها لعم علي.. صحح لي عبارتي قائلا بأن أول مرحلة من مراحل صناعة الموبيليا لاتبدأ من عند النجار بل من عند تاجر الخشب. قال لي عبارته ونحن في الطريق لاكبر ورشة خشب في دمياط.. هالني المشهد لدرجة انني احسست للحظة ان العالم من حولي قد أصبح خشبا في خشب.. عربات كارو محملة بأطنان من الكتل الخشبية واخري ملقاة علي الارض وثالثة واقفة داخل المصنع.. لا اعرف لماذا أصبت بحالة من السكوت.. لم اسأل, فقط اعطيت اذني لمرافقي الذي بدأ الحديث قائلا.. انواع الخشب كثيرة, ولو تحدثنا عنها قد لايكفي النهار بطوله ولكن لدينا اكثر من150 نوعا من الخشب البلجيكي والماهوجني والارو الأمريكي وخشب شجرة الصباح, ولكننا لانستعمل سوي اصناف معدودة من الخشب الزان.. مثلا نستورده من رومانيا ويوغوسلافيا.. والبياض من الدول الاسكندنافية.. والأبلاكاش من كوبا.. الأرو من فرنسا وبلجيكا. وهل ما نستورده من اخشاب يعد افضل او اجود انواعها؟ سؤالك هذا جاء كما يقولون علي الجرح أو في الصميم.. مبدئيا يجب ان تعرفي أن الخشب عالي الجودة يعني ان تكون نسبة الرطوبة فيه من(14:7) هذا النوع من الخشب لايجعل من الموبيليا تفلق. في مصر نحن نستخدم نوعية من الخشب تصل فيها نسبة الرطوبة الي40% والمتر الواحد منه نقوم بتجفيفه ب250 جنيها. قلت لي منذ قليل ان سؤالي السابق جاء علي الجرح.. الحق لم افهم موطن الجرح هذا فهل يمكن ان توضح لي؟ حرفة الاثاث في مصر تعتمد بنسبة90% علي الخامات التي نستوردها, ولذلك إذا لم يتم استيرادها واستخدامها بشكل جيد ستؤثر بشكل ملحوظ علي المنتج النهائي, في الفترة الاخيرة يتم إدخال اخشاب زان رديئة من رومانيا ويوغسلافيا واليونان وفرنسا, تخرج هذه الاخشاب بلا أي معالجة كيميائية ويتم التصريح لها بالخروج من هذه البلدان علي انها للحريق وللتدفئة, بعض المستوردين يدخلون بهذه الشحنات من الخشب بدعوي انها مستلزمات انتاج لعمل طاولات السمك والباليتان والتي تستخدم في ارضيات السيراميك وبعد ان ينجحوا في إدخالها يقومون بتوزيعها ويبدأ العمل فيها لتكون غرف نوم وسفرة وانتريهات. ولكن هذا نصب وسرقة وغش.. كيف لايكون هناك رادع لمثل هذه الامور؟ ادرك الرجل انفعالي الشديد فحاول تهدئتي قائلا.. نعم غش تجاري علني ولكن نجحنا بالفعل بعد تعاون المحافظة معنا, وقمنا بمنع دخول هذه النوعية من الاخشاب من ميناء دمياط ولكننا علي علم تماما بانها تدخل من ميناء الاسكندرية ولا احد يسمع, وقد يسمعون ولكنهم يضعون قطنا يسد اذانهم واربطة تغمي عيونهم. شردت بذهني والحق فقدت تركيزي مع الرجل.. لم يعد يهم اي كلام.. إذ ما فائدته والفساد ينتشر يوما بعد يوم وكل الاصوات تخفض تدريجيا ليحل السكوت ويعلو صوت الفلوس حتي لو كان علي حساب البشر.. تصور أبا ينحت في الصخر ويجوع اياما ويكد شهورا ويضع الجنيه علي الجنيه, ليقوم بتجهيز ابنته ليشتري عفشا يفرح به.. جميلا وجديدا ومذهبا.. وقبل ان يمر شهران أو ثلاثة ويمكن قبل ما تدخل العروسة بيتها تفاجأان العفش تحول لعشة فراخ, خشب مشقق مجعد.. تزول البوية.. شوية شوية.. وتظهر الحقيقة واضحة باننا نعيش في عصر انعدام الضمائر والسرقة والنصب والغش. من المسئول عن إدخال هذه النوعيات من الخشب الي مصر؟.. لمن نوجه النداء بتشديد الرقابة علي الواردات من الخشب وكذلك الصادرات فمن يعلم بالتأكيد هناك طلبيات جاهزة تذهب للدول العربية والاوروبية وتكون من هذه النوعية من الخشب ومن المسئول إذن عن سمعة المنتج المصري خارجها وداخلها. سؤال يحتاج لإجابة والحق لا اعرف من يجيب ولكن بالتأكيد هناك من لديه اجابة فهل يجيب؟ افقت من شرودي فوجدتني اقف وسط احدي الورش وسمعت صوت مرافقنا حلمي يس قائلا تلك هي أول مرحلة بعد ان يشتري النجار الخشب.. يضعه في ماكينة الشق لكي يتمسح ويتغري ويتعمل طبالي ثم يقوم بتسويته بالمنشار ليأخذ الشكل المطلوب سواء ارجل أو اجنابا أو ظهر فوتيه, والنجار هو مهندس المهنة.. هو الفنان الذي يصمم الموديل وبالمناسبة كل قطعة من الاثاث لها نجار متخصص فيها.. مثلا هناك نجار خاص بالصالون, وآخر بغرف النوم, واخر للتسريحة, حتي الانتيكات لها نجار خاص بها, مثلا نجار الانتريه مهمته ان يلسن القوائم ويبردها ثم يقوم بتغريتها. وبعد مرحلة الأويمة يظهر دور المذهباتي الذي يعطي الصالون علي سبيل المثال اللون المذهب, وفي هذا يستخدم نوعية من الذهب الانجليزي الباكو منه باربعين جنيها أما الذهب الفرنساوي الذي نطلق عليه فينو فالباكو منه ب900 جنيه فهذا النوع اية واقرب للذهب الحقيقي وبعد ذلك تأتي مرحلة الاستورجي اي المرحلة التشطيبية والمقصود بها تلميع الموبيليا ويقوم بصنفرة ومعجنة الخشب وتنعيمه ثم عملية رشه اكثر من مرة حسب اللون المطلوب, وبعد الاستورجي يخرج للتنجيد ومنه لوضع الزجاج أو البنور علي حسب موديلات الغرف ومنها الي المعارض الكبري ثم الي يد الزبون. من خلال جولتنا داخل الورش ساد الاعتقاد باننا من مصلحة الضرائب هذه هي الوهلة الأولي.. لهذه الدرجة تشكل الضرائب رعبا لاصحاب الورش الصغيرة؟ ضريبة المبيعات كارثة من الكوارث التي تهدد بانقراض وخراب صناعة الاثاث في دمياط والحق بسناد فرض الضرائب علي المشاريع الكبيرة ولكن الذي يحدث امر عجيب في مهنتنا, ضريبة المبيعات مفروضة علي كل حرفي أو أي شخص يتعلق عمله بالمهنة من المستورد والتاجر والنجار حتي الاويمجي والمدهباتي والاستورجي والمنجد وبتاع الزجاج والبنور وهذا بالطبع يقوم بتعجيز اصحاب الورش الصغيرة المكونة من صبي وعامل ومعلم. والمشكلة الآخري الكبيرة ايضا هي عدم وجود اي ضوابط علي الاستيراد او التصدير فأي شخص يمكنه ان يصدر أو يستورد عشوائيا, وتنتهي مثل هذه العشوائية في وقوع بعض الحرفيين غير المتعلمين في مشاكل كبيرة تهدد مشروعاتهم خاصة مع وجود طلبيات من دول الغرب تشترط وضع ستيكر صنع في امريكا أو اسرائيل مثلا وبالطبع تمر هذه الطلبيات المزيفة الصنع مرور الكرام. أما احدث واهم واكبر المشاكل فهي العمالة الصينية, فقلعة الخشب في دمياط استهدفت بجحافل من العمال الصينيين في الفترة السابقة وقد نجحت هذه العمالة في حجز مكان كبير من سوق العمل لما يميزها من تدني المرتبات بالمقارنة بالحرفي المصري ولكن جودة العمل اقل بكثير لدرجة ان بعضهم يأتي دون ان يعرف اي شيء عن المهنة وهو ما هدد العمالة المصرية بالتشريد والتسريح, وفي الشهور الماضية اكتشفنا سر هذا الزحف الصيني للعمالة فقد اكتسب هؤلاء العاملون الخبرة المصرية في الصناعة والموديلات والتعامل مع المادة الخام وعادوا مرة أخري لبلادهم ليبثوا فيها ما تعلموه في دمياط والادهي انهم يقلدون موديلاتنا ويقومون بزيارات دورية لتصوير اخر ما نقوم به.