الساعة لم تتجاوز الخامسة فجرا، وقع الأقدام يعلو على سلالم العقار المكون من 4 طوابق، وشوش ملثمة بأقنعة تخفي ملامح من يرتدونها، أصوات الطَرق على باب الشقة تدوي في ظل حالة السكون المسيطرة على شارع عيسوي أحمد ببولاق الدكرور، حيث يسكن عبد الرحمن محسن الشهير ب "مانو". لم يتجاوز عبد الرحمن عامه ال 20 بعد، يدرس في المعهد الفني التابع للقوات المسلحة، كان موهوبا في الرسم منذ أن كان طفلا كما قالت والدته، فأراد أن يخدم الثورة بموهبته، فشارك في الكثير من المظاهرات لرسم الجرافيتي، وكان آخر ما شارك به مظاهرات المحلة، فتم القبض عليه فجر اليوم بتهمة انضمامه ل "بلاك بلوك". يروي المهندس محسن رزق، والد عبد الرحمن، ما حدث فجر اليوم، "سمعت طرق بشدة على الباب وناس بتقول أفتح يا ابن كذا...."، فطلب من زوجته أن تسرع لطلب الشرطة عندما صرخت "دول هما البوليس"، لم يكن أحدهم يرتدى الزي الميري بل كانوا يرتدون زيا أسود تماما. بدأ الجنود في محاولة تكسير باب الشقة، ففتح المهندس محسن لهم تجنبا أن يكسروا الباب، "أول ما دخلوا قعدوا يزعقوا فين عبد الرحمن قلتلهم طب عمل إيه طيب أنتوا مين"، وبعد تفتيش دقيق للشقة المكونة من غرفتين للنوم وصالة لم يجدوا عبد الرحمن، فأكد لهم والده إنه ليس هنا وإنه مقيم منذ 20 يوم في منزل جدته بنفس الشارع. "روح يا ابني انده أخوك" طلب الأب ذلك من ابنه الصغير فذهبت معه نصف قوات الشرطة إلى منزل جدته، وقاموا بإلقاء القبض على عبد الرحمن، استمر الأب في السؤال عن سبب القبض على ابنه الأكبر فما كان من ضابط الشرطة إلا أن قال له "أنا معرفش مقبوض عليه ليه أنا عندي أوامر أقبض عليه ومستني أوامر أعمل إيه بعد كده". وتحركت القوات بعد أن تم إلقاء القبض على عبد الرحمن إلى قسم شرطة بولاق الدكرور، "فضلنا مستنيين الأوامر هتودي ابني على فين"، وفي الساعة الثانية ظهرا خرج عبد الرحمن لترحيله إلى مديرية أمن الجيزة قلتلهم "طب أنا أبوه اقبضوا عليا وكلبشوني معاه عشان ابقى مطمن عليه"، لكن سيارة الترحيلات لم تتجه إلى مديرية الجيزة بل اتجهت إلى التجمع الخامس، وهكذا انقطعت أخبار عبد الرحمن عن والده. أما فاطمة، والدة عبد الرحمن، تبدأ تذكرها لما حدث فجر اليوم، فبعد انتهائها من أداء صلاة الفجر عادت للنوم فسمعت أصوات على السلالم تلاها "رزع على الباب"، فتوجهت للشباك المطل على سلم العقار لترى مجموعة من الوجوه الملثمة، "مكنتش أعرف أنهم بوليس افتكرت حرامية لحد ما قالوا بوليس". "دخلوا البيت لقوا سجادة الصلاة على الأرض قالوا لأبني الصغير شيل سجادة الصلاة دي من على الأرض"، ثم بدأوا في السؤال عن عبد الرحمن، حتى أكد لهم والده إنه في منزل جدته، كانت والدة عبد الرحمن معارضة لنزوله المظاهرات لكنها أصبحت الآن مؤيدة له بعد أن رأت الطريقة الهمجية التي تعامل بها ضباط الشرطة معهم واقتحامهم للمنزل. توجهت قوات الشرطة لمنزل جدة عبد الرحمن، وسارعت والدته إلى النافذة لترى 4 عربات أمن مركزي والكثير من القوات تقف على صفي الشارع للقبض على عبد الرحمن، وبدأ أهالي عبد الرحمن في التجمع "رشوا سيلف ديفنس في وشنا عشان يفرقونا". قالت الأم المفزوعة على ابنها "أنا مش عارفة ابني فين دلوقتي، ومش هستنى لحد ما الاقي جثته تحت أي كوبري ويقولوا لقيناه"، وأضافت والدة عبد الرحمن إنه لم يرتكب أي تهمة سوى إنه يرسم الجرافيتي. أما هدى، خالة عبد الرحمن، "صحيت على صرخة الحقوني" فهي تسكن في نفس الشارع الذي تعيش فيه شقيقتها، وركضت هدى بعد هذه الصرخة إلى الشارع مع زوجها ووالدتها لترى ما يحدث لتفاجأ بابن أختها والشرطة تسحبه إلى إحدى المصفحات. وحاولت هدى أن تعترض على ما حدث لابن شقيقتها فما كان من رجال الشرطة إلا أن أطلقوا رذاذ ال"سيلف ديفنس" في وجهها، كما وجهوه إلى أعين والدتها، فصرخت "حرام عليكوا دي ست كبيرة"، وسط صراخ والدتها في وجه العساكر "حرام عليك يا ابني دا أنا بدعلكوا وبدعي لمرسي، حرام عليكوا دا أنتوا أسخم من أمن الدولة". وسنوافيكم بالفيديو بعد قليل..