لا يترك محفلاً أو مناسبة رسمية أو غير رسمية إلا ويؤكد خلالها أنه خلع عباءة الإخوان المسلمين، وأنه «وزير كل المصريين»، لكن على النقيض من ادعاءاته فإن جماعته دائماً ما تؤكد أنها لم تخرجه من عباءتها، فيهلل أفرادها (أفراد الإخوان) فى تحركاته داخل وزارته، وزارة التنمية المحلية، التى ستحقق للجماعة منافع كثيرة، من بينها التمكين للجماعة فى أنحاء القطر المصرى؛ فهو إحدى الورقات الرابحة التى حازها مكتب الإرشاد. لم يكن من المستغرَب أن تزداد الصفحات الموالية لجماعة الإخوان المسلمين تهليلاً للترويج باقتراب الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية، من مقعد رئيس الحكومة خلفاً للحالى هشام قنديل؛ فى حالة حدوث التعديل الوزارى المحدود المزمع الإعلان عنه قريباً. تصعيد الجماعة ل«بشر» والاحتفاء به رئيساً مرتقباً للحكومة لم يكن من قبيل الصدفة فهو المعروف بين رجال الجماعة بأخلاقه الدمثة وهدوئه المحمود والتزامه بمبدأ السمع والطاعة وهو الرجل الغامض الذى تولى مناصبه الرسمية دون أن يشعر أحد به، لأنه يحافظ «باستماتة» على أسرار الجماعة ومخططاتها، ولم تبهره أضواء الكاميرات التى سُلطت عليه على مدار خمسة أشهر كمحافظ للمنوفية، وفشلت فى استدراجه للإدلاء بتصريحات صحفية أو استضافته فى أى برنامج فضائى، وإن حدث فلا يصدر منه سوى النفى أو التبرير لبعض السياسات التى تتخذها جماعته أو يتخذها هو فى محافظة المنوفية التى كان يتولى حينها منصب المحافظ فيها. نجح «بشر» فى أن يصل بالجماعة إلى مبتغاها فى السيطرة على مفاصل الدولة بمحافظة المنوفية، واستطاع بأساليبه أن يجذب عدداً كبيراً من الأصوات للموافقة على مسوّدة الدستور حتى قلّص فارق أصوات الاستفتاء على الدستور فى ديسمبر الماضى إلى 22 ألف صوت، وإن كانت لصالح المعارضة، إلا أن الجماعة اعتبرته إنجازاً ضخماً، بالمقارنة بما حدث من انتكاسة ل«مرسى» فى انتخابات الرئاسة التى اكتسحه فيها منافسه أحمد شفيق بفارق أصوات تجاوز نصف المليون فى محافظةٍ الغالبية العظمى من أهلها لا يرفضون الأخونة فقط، وإنما كل ما يمت للإخوان بصلة. وبعد إقرار مسودة الدستور كانت حقيبة التنمية المحلية مكافأة ل«بشر» حتى يستكمل مخطط التمكين والسيطرة على المحليات. والآن الجماعة تسعى جاهدة لأن تدفع بالرجل ليكون رئيساً للوزراء، خلفاً للحالى الدكتور هشام قنديل، بعدما أثبت «بشر» صلاحيته فى المناصب التى أُوكلت إليه دون أن يورّط الجماعة فى تصريحات وقع فيها أقرانه من الجماعة الذين يتولون حقائب وزارية وكراسى فى محافظات القطر المصرى. تشير التوقّعات بقوة إلى «بشر» على أنه سيتولى حقيبة رئيس الحكومة المقبل؛ وإن كانت هناك إشارات وتوقعات فى السابق إلى كثيرين من أبناء جماعة الإخوان المسلمين لتولى الحكومة خلفاً ل«الجنزورى» رئيس الحكومة السابق، كان على رأسهم المهندس خيرت الشاطر.