تقول القصة على الإنترنت إن عالم التشريح الفرنسى (فلان الفلانى) كان يعمل على مومياء رمسيس الثانى لاكتشاف أسرارها.. فوجد أن السبب الأساسى لوفاته أنه غرق.. ولكن المصريين القدماء حنطوه بعدما استعادوا جثته من البحر.. ثم جاءه من يهمس إليه أن المسلمين يتحدثون عن غرق هذا الفرعون.. وعن إنقاذ جسده وحفظه من أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان. يصرخ العالم الفذ ويقول إن هذا مستحيل.. فمنذ أربعة عشر قرناً كانت اللغة الهيروغليفية لغة ميتة، ولم تكن هناك وسائل العلم الحديثة التى تجعل البشر وقتها يعرفون كيف مات هذا الفرعون أو غيره. وهنا يبرز من يقرأ له آية فى القرآن تثبت له أن القرآن تحدث عن هذا الموضوع، بل وذكر أن إرادة الله أن يتم حفظ جسد هذا الفرعون ليكون عبرة للبشر. وهكذا.. أعلن عالم التشريح إسلامه.. وألف كتاباً هز أرجاء أوروبا.. عن «اليهودية والمسيحية والإسلام والعلم». القصة بحذافيرها تنتقل من اسم إلى اسم.. ومن علم إلى علم.. بنفس الطريقة ونفس الدراما ونفس المفردات. عالم فى تخصص معين أفنى عمره باحثاً فى هذا التخصص.. يكتشف شيئاً جديداً فى تخصصه.. فيجد من يقول له إن هذا الأمر مكتوب فى القرآن.. كتاب المسلمين من أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان.. فلا يصدق.. فيأتون له بالقرآن.. ويتلون عليه الآية التى تحدثت من قرون عما توصل هو إليه منذ ساعات.. فلا يملك إلا أن ينطق الشهادتين ويتحول إلى داعية إسلامى! الخطورة فى هذه القصة بالتحديد أنها افترضت أن رمسيس الثانى هو فرعون موسى.. وهكذا فهى تتعامل مع القرآن الكريم (كلام الله سبحانه وتعالى) على أنه كتاب تاريخ.. وكلنا يعلم أن التاريخ علم له وسائله البشرية فى البحث والتنقيب وتحليل التربة وطبقاتها وتحليل الآثار بالأدوات العلمية لكتابة ما أغفل التاريخ ذكره.. أو ما عجز التاريخ المكتوب عن الوصول إلى حقائقه.. أو لكشف غموض بعض الوقائع التى انمحت تفاصيلها بفعل الزمن. وكل هذه الوسائل البشرية والشواهد التاريخية التى تم بحثها لم تصل إلى أن رمسيس الثانى هو فرعون موسى الذى ذكر القرآن أنه مات غرقاً. كما أن القرآن الكريم لم يصرح بذلك، فقد اهتم القرآن بقصة النبى موسى كجزء من قصص الأنبياء الملىء بالعبر والدروس للبشر فى كل زمان ومكان دون أن يهتم بذكر تفاصيل تتعلق بالتأريخ لهذه القصص. والآن.. ماذا لو أثبت علم التاريخ أن فرعون موسى هو فرعون آخر غير رمسيس الثانى.. ماذا سيكون موقع هذه القصة؟ وهل يعنى هذا أن العالم الفرنسى (الذى تقول الرواية إنه أسلم).. كان مخطئاً لأنه بنى إسلامه على فرضية تاريخية لم يتم إثباتها بعد؟! هذا وجه الخطورة الأول.. أما الأخطر بمراحل من مثل هذه الروايات فهو ما سيكون موضوع مقال قادم بإذن الله تعالى. جمال بخيت