تسابق الإعلام المصرى بمقدميه من مختلف أنواعه سواء كان مسموعاً أو مقروءاً أو مكتوباً للاحتفال «بكدبة أبريل» والكل احتفل بطريقته الخاصة، وتبارت البرامج فى «الكدب» حتى تسابقت فيما بينها للحصول على جائزة أفضل «كدبة» لشهر أبريل هذا الموسم. والغريب أن العادة هذا العام انتقلت إلى المواطن العادى وتفشت ظاهرة «الكدب» بين المواطنين الأسبوع الماضى بشكل كبير ما بين رسائل وإيميل وأخبار مغلوطة، ولكن إحقاقا للحق الجميع فى نهاية اليوم اعترف بأنهم يكذبون والجميع اعترف بالكذب، وهذا ما جعلنى أندهش للغاية لأننا أتقنا الكذب يوميا ويتعامل معظمنا كذبا دون أن يعترف فنحن نكذب طول العام ولا نعترف أصلا بأننا نكذب، حتى أصبح الصدق لغة نادرة وسط «حواديت» الأساطير والخيال والكذب اليومى، وتمنيت أن يكون العام كله «كدبة أبريل» لأن فى هذا اليوم الكل يعلن أنه كذب، عكس باقى الأيام، فإذا كانت لدينا الشجاعة أن نعترف بأننا نكذب، فلماذا لا نعترف إلا فى بداية أبريل من كل عام؟ ولماذا نكذب كل يوم دون أن نعترف؟ ومن الذى حولنا جميعا إلى «كذابين».. نقول ما لا نفعل حتى ضاقت الحياة علينا؟ والغريب أننا نقارن أنفسنا بالغرب، الذين يحتفلون «بكدبة أبريل» بطقوس خاصة ونتمسح فيهم ونقلدهم ونقول إن هذا احتفال عالمى وإن هذه العادة قديمة فى مثل هذا اليوم، ولكنى أقول لكل من يحاول أن يؤكد أننا نقلد الغرب إن الشعوب الغربية لا يوجد فى قاموسها كلمة كذب، واشتياقا لهذا المعنى صنعوا هذا اليوم لتبادل «الكذب» لأنهم لا يكذبون على مدار 365 يوما، فكان هذا اليوم ليخرجوا ما بأنفسهم من كذب، أما نحن فنكذب 365 يوما على عكس العالم أجمع ونصدق فى يوم واحد فقط هو يوم «كدبة أبريل». فإذا رجعنا لحديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام مع أحد الصحابة، عندما سأله: أيقتل المؤمن يا رسول الله؟ قال: نعم، أيسرق يا رسول الله؟ قال: نعم، أيزنى يا رسول الله؟ قال: نعم، أيكذب يا رسول الله، قال: لا. وهناك تأكيد على خطورة الكذب، فربما يقتل المؤمن أو يزنى المؤمن أو يسرق ويتوب عليه الله ولكن الكذب أخطر من كل ذلك، ولا أحد يعلم ما حقيقة هذا اليوم المزعوم للاحتفال بالكذب، إلا أن العلماء توصلوا إلى سنة 1564 ميلادية وبالأخص فى فرنسا، وفى عهد شارل التاسع الذى ألغى الاحتفال برأس السنة من يوم 21 مارس وينتهى فى الأول من أبريل وهى عادة قديمة وجعله فى أول يناير، ظل بعض الناس يحتفلون به فى أول أبريل كعادتهم ومن هنا بدأت «كدبة أبريل» فضلا عن أن بعض المؤرخين أكدوا أن «كدبة أبريل» بدأت فى الهند فى عيد «هولى» الذى يحتفل به الهندوس يوم 31 مارس وهو عيد للبسطاء والفقراء يقومون فى هذا اليوم بالكذب على أنفسهم وتخيل أشياء لا يمكن تحقيقها. وهذه هى أصول هذا اليوم، وانتقلت الاحتفالات إلى العالم أجمع ليكون الشعبان الإنجليزى والإيطالى الأكثر كذبا فى هذا اليوم، أما إسبانياوألمانيا فهما على عكس دول العالم لا تحتفلان بمثل هذه العادة لأن فى إسبانيا يوم 1 أبريل هو يوم مقدس دينيا أما فى ألمانيا فهو يوافق يوم عيد ميلاد «بسمارك» الزعيم الألمانى المعروف. وبين مؤيد ومعارض للاحتفال بهذا اليوم تظهر أنواع الكذب التى لا نراها إلا لدينا فقط.. البعض يقول «كدبة بيضاء» و«كدبة سوداء» ولكنه فى النهاية كذب، ولا شك أن أكثر من يكذب فى وسائل الإعلام المختلفة هم الرياضيون على كافة مستوياتهم سواء كانوا فى إدارات الاتحادات الرياضية أو إدارات الأندية لإخفاء الأسرار حتى لا يتم فضحهم، والأجهزة الفنية للفرق التى تكذب يوميا بمعلومات غير حقيقية لوسائل الإعلام بدعوى الحرص على مصلحة الفريق، أما الكذبة الكبرى فهى أن بعض اللاعبين احترفوا فى الآونة الأخيرة الكذب بعدم التوقيع لأندية أخرى والظهور فى وسائل الإعلام والتأكيد على بقائهم فى بيتهم لأنهم لا يكذبون لأن بداية الموسم الجديد تأتى ويظهر كذبهم، فتعالوا نعترف بالخطأ والكذب كل يوم إذا أخطأنا ولنبدأ من 1 أبريل لنغير تاريخ الكذب لأننا فعلا نكذب طول العام ونصدق فى هذا اليوم فقط بدعوى أن العالم كله يكذب.. وما حدش أحسن من حد.