* يسأل علي عبدالباسط من الشرقية عن سبب إثارة الشائعات ومفهوم الشائعات وهل تفيد الأمة أم تضرها؟ ** يجيب د. علي جمعة مفتي الجمهورية: يقول الرسول صلي الله عليه وسلم "كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" وعلم التوثيق عند المسلمين لعب دوراً كبيراً في حياتهم. وثقوا النص القرآني حتي وصل إلينا علي مستوي الأداء الصوتي.. فأنا أقرأ علي الشيخ وأقول: "والضحي" فيقول: "والضحي" بالترقيق وثقوا السنة النبوية توثيقا لافتا للنظر. ووضعوا لها علوما تربو علي عشرين علما من أجل التوثيق.. فالمسلم وهو يؤصل هذه المسألة هو يؤصل لعقلية الواقع. لعقلية الحق والحقيقة. ويقول: إن الكذب هش لا تبني عليه الحضارات. عقلية الكذب. التي يدعو إليها كثير من الناس. والتي تميزت بالسطحية. وتميزت بالغوغائية. ينهي عنها الإسلام. وهي فادحة فيه.. ولذلك أخرج مالك في الموطأ ان رجلا سأل النبي - صلي الله عليه وسلم - أيسرق المؤمن؟ قال: "نعم" لأنه ربما يحتاج إلي شيء - قال: أيزني المؤمن؟ قال: "نعم" فمن الممكن ان يقع في الخطيئة بدافع الشهوة وينسي نفسه فيقع في الخطيئة والخطأ. فقال: ايكذب المؤمن؟ قال: "لا". إذن قد بعد بنا عن الكذب ومنهج الكذب. حتي قال: "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وقمة الكذب. أن تكذب في التشريع.. فإن كذب علي جهة فهي بسيطة. ولكن هي كبيرة في بناء العقل. هي بسيطة في حق الإنسان. ولكنها كبيرة في بناء العقل. وكلمة الكذب في لغة قريش تطلق كذلك علي الخطأ. فالخطأ غير المتعمد يسمونه كذباً فعندما دخل سعد مكة يوم الفتح. وهو في نشوة الانتصار. قال: اليوم يوم الملحمة. فبلغ ذلك - رسول الله صلي الله عليه وسلم - فقال: "اليوم يوم المرحمة كذب سعد" وعزل سعدا من قيادة الفيلق الذي سيدخل بجانبه وعين ابنه قيس بن سعد مكانه من أجل هذه الكذبة.. فسعد هنا لم يكذب. وكان فرحان. يستنفر قواته. ولكن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لما كان ذلك مخالفا للواقع سماه كذباً وهي لغة قريش. أن يسمي الخطأ كذباً. إذن نحن أمام مشكلة منهجية. وتكوين للعقل المسلم.. العقل المسلم لا يستجيب للشائعات.. العقل المسلم عليه ان يتلقي الأمر ويفهمه.. العقل المسلم في التراث الإسلامي كان عقلا فارقا. يفرق بين الموضوعات. ويفرق بين السبب والمسبب. ويفرق بين البذرة والشجرة والثمرة.. ويعرف أن هناك فارقا بين هذا وذاك. وهذا الحديث يوجه بصفة خاصة إلي الإعلاميين والصحافة. فالصحافة هي السلطة الرابعة. في دستورنا ان الصحافة هي السلطة الرابعة وان اعترض بعض القانونيين والإعلام والصحافة بيده ان يحل مشكلات الأمة.. اجندتنا ليست في هذا الغثاء. الذي فيه انه لم يجد موضوعا نكتب في هذا الموضوع. مشكلتنا في محو الأمية.. مشكلتنا في القضاء علي البطالة.. مشكلتنا في رفع من هو تحت مستوي الكفاف ثم الكفاية ثم الكفاءة. الحقيقة. نحن أمامنا كنز. يجب علينا ان نفهمه. وأن نحوله إلي اجراءات نهتم بمواجعنا.. أنا عندي أمية. أنا عندي بطالة. أنا عندي مشكلة في البيئة. وعندي تنمية بشرية. انا عندي زيادة سكنية. أنا عندي إنتاج وأريد ان أدخل في مرحلة الانتاج الوفير.. أنا عندي عصر يحتاج إلي استيعابي للتكنولوجيا. أنا لي أجندتي. وهذه الأجندة ملخصة في قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في حديث ابن حبان: "من حكمة آل داود أن يكون المؤمن مدركا لشأنه. عالماً بزمانه" فيجب ان ندرك شأننا ويجب ان نعلم زماننا. لابد ان ندخل في هذا العصر.. وليس ذلك بأن نقلد الآخرين في صحافة الاثارة.. تلك الصحافة التي ظهرت في أمريكا سنة 1830م.. ولكن عندي أوضاعي التي لو استعملت الصحافة والإعلام للقضاء عليها سننجح نجاحاً كبيراً في بناء العقلية. في بناء المهمة. في بناء الإنسان المنتج. في بناء الإنسان الذي يعمر الأرض. الذي يزكي النفس. فالحقيقة أنني ابني إنساناً وبناء الإنسان قبل بناء البنيان والساجد قبل المساجد. لأن هذا الساجد هو الذي سيعبد ربنا. وهو الذي سيعمر الأرض. وهو الذي من الممكن ان يفسد فيها أيضاً.