قدَّم كل من ديفيد شينكر المستشار السابق لوزارة الدفاع الأمريكية ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وإيريك تريجر الباحث بالمعهد نفسه، تحليلًا تحت عنوان "الأحكام الصادمة في مصر" عن التداعيات المحتملة لحكمي المحكمة الدستورية العليا، أشارا فيه إلى أن الاضطرابات المحتملة عقب صدور الأحكام تصب في مصلحة المجلس العسكري، وأن هذه الخطوة المفاجئة تدفع بمرحلة الانتقال السياسي في البلاد إلى مزيد من الاضطرابات". وأضاف الكاتبان أن "إلغاء نتائج الانتخابات على ثلث مقاعد البرلمان (166 عضوا) له أساس قانوني، لكن الملفت أن الجيش أعلن عقب الحكم عن حل البرلمان، مستعيدا سلطة التشريع مرة أخرى، والواقع أن توقيت قرار المحكمة -قبل يومين فقط من الجولة النهائية للانتخابات الرئاسية- جعل عديدا من المراقبين يعتبرونه انقلابا ناعما يتيح للعسكريين الاحتفاظ بمفاتيح السلطة الرئيسية، وهو ما يعني أن الأحكام تقوض مصداقية الانتخابات القادمة، وتعرض سمعة السلطة القضائية التي تتمتع باحترام في مصر للخطر، وتزيد احتمالات البدء في جولة جديدة من المظاهرات الحاشدة.. والخاسر الأكبر من الأحكام هو جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها للرئاسة محمد مرسي، الذي حذرت الجماعة منذ ترشيحه في مارس الماضي أن المجلس العسكري سيدبر تزوير الانتخابات لصالح أحد مسؤولي النظام السابق، وعلى ما يبدو أن قرارات المحكمة تؤيد صحة هذه المخاوف". وتابع الكاتبان أن رد الفعل الأوَّلي لجماعة الإخوان كان متباينًا، فمن ناحية أشار المتحدث باسمها أنها ستقبل القرار بشأن عدم استبعاد شفيق من الانتخابات، وفي الوقت نفسه، أشارت الجماعة إلى رفضها حل البرلمان، وأنها ستدخل مصر في "نفق مظلم"، ولا شك أن الأحكام ستدفع بعض المصريين للخروج إلى الشوارع، لكن السؤال الرئيسي هو كيف سيكون رد الإخوان، فرغم أنهم تظاهروا بأعداد كبيرة في أيام الجمع خلال الأسابيع الماضية، ربما يتجنبون وضع المواجهة مع المجلس العسكري، حسبما أشارت تقارير صحفية إلى أن قيادات في الجماعة اجتمعوا مع جنرالات المجلس، وأن مناقشات تمت في وقت سابق هذا الأسبوع بين نائب المرشد خيرت الشاطر ورئيس الأركان سامي عنان، بما يشير إلى أن صفقة تتم بينهما، ربما تشمل منصب رئاسة الوزراء للجماعة في ظل فوز شفيق بالرئاسة. وأضاف تحليل معهد واشنطن إلى أن الجماعة -حتى في ظل عدم التوصل إلى صفقة- ستتصرف بحذر لأسباب أخرى، ففي يوم الأربعاء تجاهل وزير العدل الذي عينه المجلس العسكري إلغاء قانون الطوارئ وأعلن تفويض ضباط المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية سلطة اعتقال المدنيين، ونشرت صحف مصرية صورا لتشكيلات الشرطة العسكرية ضمن قوات مكافحة الشغب، وإذا أقدمت جماعة الإخوان على الخروج بالقوة ضد الأحكام القضائية سيعني ذلك تحديا للمجلس العسكري، وهو ما سيؤدي إلى اندلاع العنف، وحتى بدون جماعة الإخوان، ستكون بعض الاشتباكات بين المتظاهرين الليبراليين والجيش أمرا لا مفر منه، ولكن حتى الآن، لم يظهر القادة العسكريون استعدادا لإصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين- ربما لأن مثل هذه الأوامر قد لا تنفذ". واختتم الكاتبان بالقول إن "الاحتمال الأرجح أنه ستحدث احتجاجات واسعة، والجيش سيتراجع كما فعل في معظم الأحوال عند المواجهة مع الإخوان، ولعل أفضل مثالين على هذه التنازلات ما حدث في أبريل 2011، عندما رضخ المجلس العسكري في مواجهة المظاهرات الحاشدة التي طالبت بمحاكمة مبارك، وألقى القبض عليه، وفي نوفمبر 2011 عندما أجبرت المسيرات الحاشدة المجلس على إعلان جدول زمني لانسحابه رسميا من السلطة. وبالنسبة لواشنطن يمثل استمرار الأوضاع غير المستقرة في مصر مصدر قلق شديد، والأسوأ هو مدى ما تؤدي إليه التطورات قبيل الانتخابات الرئاسية من تقويض "المؤسسات السياسية وشرعية قيادتها" في هذه اللحظة الحاسمة، فالأحكام القضائية تزيد من تفاقم الانفلات الأمني والمشاكل الاقتصادية، وتطيل أمد عملية التحول المضطربة في المستقبل المنظور".