لحوم طازجة بأسعار مخفضة في جنوب سيناء.. طرح 7 عجول بفروع "دلتا ماركت"    أمريكا تطالب بفتح تحقيق عاجل بعد مقتل أحد مواطنيها في سوريا    سندخل دمشق في نصف ساعة.. نتنياهو يوجه تهديدا للنظام السوري    ماكرون: فرنسا سوف تعترف بفلسطين كدولة    مجزرة جديدة في حي الشيخ رضوان واستشهاد طفلة جوعًا يعمق مأساة غزة    قيادي بمستقبل وطن: مواقف القيادة السياسية تجاه فلسطين تؤكد دعم القضية الفلسطينية    يواصل التمرد.. حامد حمدان يغيب عن مباراة بتروجيت الودية أمام وي    "قابلته وعمري 12 سنة".. تركي آل الشيخ يكشف عن أول لقاء مع الراحل هولك هوجان    موعد نتيجة الثانوية الأزهريّة 2025    مصطفى كامل: "هذا ما سيحدث لو راغب علامة مجاش النقابة"    تخفيض أسعار تذاكر صيف الأوبرا 2025 في إستاد الأسكندرية احتفالاً بالعيد القومي للمحافظة    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض "المدينة المنورة للكتاب"    مي عمر تخطف الأنظار بإطلالة ناعمة    ثقافة الفيوم تحتفل بذكرى ثورة يوليو بفعاليات متنوعة تعزز الهوية الوطنية.. صور    إيران تُعلن استعدادها لمحادثات نووية مع واشنطن بشرط استعادة الثقة    تسمموا بمبيد حشري لا ترياق له.. سبب وفاة الأطفال الستة بالمنيا يكشفه لأول مرة أستاذ السموم المختص بالواقعة - فيديو    مصرع شخصين إثر حادث تصادم أعلى الطريق الإقليمي في الشرقية    وزير الطيران: تطوبر مبنى الركاب رقم 4 بمطار القاهرة لرفع الطاقة الاستيعابية إلى 60 مليون مسافر سنويا    مقتل 12 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    مران الزمالك - فيريرا يكثف التدريبات الخططية قبل مواجهة دجلة وديا    وزير الرياضة يكلف بتشكيل لجنة قانونية بعد استقالتين في اتحاد تنس الطاولة    بايرن ميونخ يجهز عرضا جديد من أجل دياز    اجتماع موسع بمستشفيات قنا الجامعية لبحث تعزيز الجودة ومكافحة العدوى    الأمن يضبط 4 ملايين جنيه من تجار العملة    أول صورة للزوجة ضحية الميراث في الفيوم.. شقيق ينهي حياة أخيه وزوجته    "كان نفسي أقرأ في المصحف".. سيدة أسوانية تودع الأمية في ال 76 من عمرها    "ابن أصول".. الغندور يعلق على رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    موعد انطلاق المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    "المشاط" تدعو الشركات السويسرية لاستكشاف الإصلاحات وزيادة استثماراتها في مصر    بعد فتحها مجانًا.. إقبال على المواقع الأثرية في عيد الإسكندرية (صور)    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    ما كفارة التهرب من دفع تذكرة القطار أو المترو؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    رفع 36 مركبة متروكة ومتهالكة في شوارع القاهرة والجيزة    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي ال17 لمناظير المخ والعمود الفقري (INC 2025)    للعام الثالث.. صحة الشرقية تتصدر الجمهورية في خدمات القوافل الطبية    «هجرة» و«ملكة القطن» و«رقية».. ثلاثة أفلام عربية تشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته ال82    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: «التأمين الصحى» تبحث تطبيق المنظومة.. و40 طريقة صوفية تحيي الليلة الختامية ل«المرسى أبوالعباس»    رفع 50 طن نواتج تطهير من ترع صنصفط والحامول بمنوف    إبراهيم عادل: أبو تريكة قدوتي.. وهدفي في باراجواي اللحظة الأسعد بمسيرتي    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    وزير الخارجية يتوجه إلى السنغال في المحطة الخامسة والأخيرة من جولته في غرب إفريقيا    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    وزيرة التضامن تثمن جهود النيابة العامة وزياراتها لدور الرعاية بالجمهورية    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    عروض فنية وفلكلورية في استقبال الباخرة السياحية «AROYA» بميناء الإسكندرية    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكتب .. مرسى يواصل إبداعاته.. ولعنة «النائب العام» تعكنن حياته
نشر في الوطن يوم 29 - 03 - 2013

رحلة الرئيس إلى قطر، وجنوب أفريقيا، مليئة بالمفاجآت، قال كلاماً عجباً، إنه امتداد لمصطلحات من عيّنة «اللى هيحط صباعه فى مصر هقطعه، أنا شايف صباعين تلاتة بيتمدوا لجوه»، فى هذه المرة جلس الرئيس يتصدر مقعد مصر فى القمة العربية، لم يغضب كونه واحداً من الرؤساء والقادة القلائل الذين لم يستقبلهم أمير قطر فى المطار، كما فعل مع آخرين، لم يثر، ولم يعترض، وكيف يبدى الغضب أمام ولىّ النعم، ومهندس العلاقة، وجسر التواصل بينه وبين آخرين، يعرفهم الرئيس ونعرفهم نحن، خاصة أن بيزنس الشاطر - قطر يتلألأ فى سماء المحروسة، كما أن زيارات مدير المخابرات القطرية إلى القاهرة ذهاباً وإياباً لا يمكن نسيان فضائلها!!
فى كلمته أمام القمة، كرر الرئيس حديث «الصباع»، كأنه يشير إلى دولة الإمارات، الرئيس أرادها «خناقة»، لكن وفد الإمارات فوّت الفرصة، امتعض محمد بن راشد، ورفض أن يصطف مع المصطفين لالتقاط صورة تذكارية احتجاجاً.
أبدع الرئيس «الأممى» فى كلمته أمام القمة، تحدث عن الجميع، إلا مصر، الكلمات عابرة، لكن أجندة التنظيم الدولى كانت حاضرة، احترنا فى الأمر، نريد رئيساً مصرياً يا عالم، يتحدث عن مصر، يدافع عنها، يتبنى قضاياها، يُعلى صوتها فى المحافل، غابت وغُيِّبت، لذلك لا تندهش عندما يقول لك المصريون فى الداخل والخارج «وحشتنا مصر»!!
انتهت أعمال القمة، كانت التعليمات لأهل العشيرة والأحباب، التحضير والدعوة إلى لقاء مع الجالية المصرية، كانت الدعوة محددة، دور السفارة فيها دور هامشى، هناك أيادٍ تتحرك علانية ومن خلف ستار، إنها السفارة الشعبية الإخوانية، هى التى تختار وتدعو، تهلل وتؤيد، تعلن من هناك أن المصريين يقفون صفاً واحداً خلف «كايدهم»!!
جلس الرئيس على كرسى «العرش»، بينما احتشد الجمع فى المواجهة.. كان خفيف الظل كعادته، كرر حكاية «الإصبع» العابث للمرة الثالثة، أشار بإصبعه هذه المرة، وكأنه يوجهه إلى دولة مجاورة «تعرفونها جيداً بالقطع»، قال: «أعداء مصر معروفون، ولن يستطيع أحد تعويق مسيرتنا، فمصر توليفة فريدة من 90 مليون مسلم ومسيحى - لكن أعداءهم ينسون نهضتهم»، كنت أتمنى من الرئيس أن يشير «بإصبعه» ليوضح من هم أعداؤنا بالضبط، وبالقطع هم ليسوا أمريكا وإسرائيل، باعتبارهما أصبحتا الآن من حلفاء الرئيس وجماعته!!
قال الرئيس بلغة حاسمة: نحن نسير على الشوك، وأقدامنا تخر دماء «يا ساتر يا رب»، وأضاف -لا فض فوه: «يقولون إن مصر ستفلس، هذا كلام فارغ، نحن شعب غنى، وحكومة فقيرة».
هل رأيتم أكثر من ذلك إبداعاً «شعب غنى وحكومة فقيرة»، ربنا يفتحها عليك يا ريس، مصطلحات لم يصل إليها لا عبدالناصر ولا السادات ولا مبارك نفسه، لقد أراد الرئيس أن يقول بصراحة ووضوح: «حكومتنا غلبانة وشعبنا لئيم، يكتنز الأموال تحت البلاطة ويترك حكومته تتضور جوعاً»!!
الرئيس عوّدنا دائماً على المفاجآت، والبحث خلف الكلمات، ولذلك أظن أنه يقصد القول «إنه حان الوقت لإلزام الشعب الغنى بدفع الزكاة للحكومة الفقيرة، وإن هناك إجراءات سوف يجرى اتخاذها لتحقيق العدل الاجتماعى بين حكومة فقيرة، وشعب غنى»، فأبشروا أيها المصريون، ضرائب الجمارك هى البداية، والرئيس عازم على كشف الودائع المستخبية، ليدفع كل مصرى حق الدولة، لتتحقق أهداف الثورة، ألم يقل الرئيس «ثوار، أحرار، هنكمل المشوار»، ها نحن قد بدأنا!!
كان الرئيس يخلط بين الهزل والجد، غير أنه أراد كشف المخطط بكل أبعاده، ليعرف الشعب حقيقة الأمور، لقد قال الرئيس بناءً على المعلومات الموثقة، والتحريات الواسعة: «إن كل معارضيه لا يزيدون على 10 أو 15 «فردة» كاوتش تحرق فى الشوارع»، هذه هى المرة الأولى التى أسمع فيها أن المعارض هو مجرد «فردة كاوتش»، كان السادات يسميهم بالحاقدين، ويسمى هيكل ب«صديق الرؤساء»، ويطلق على فؤاد سراج الدين «لويس التاسع عشر»، وكان مبارك يصفهم بفاقدى الشعبية، وخلّيهم يتسلوا، لكن -والحق يقال- هذه هى المرة الأولى التى أعرف فيها أن المعارض هو مجرد «فردة كاوتش محروقة»، فماذا يساوى ال10 أو 15 فردة كاوتش بين ال90 مليوناً؟!
كان الكلام كثيراً، وقف أحد المشاركين وقال: «خلّيهم ينبحوا يا ريس»، ابتسم الرئيس واستكمل سيمفونيته وإبداعاته، وأطلق المزيد من المصطلحات.
شعر الرئيس أن الكلام ربما لم يعجب القلة الحاقدة التى تسللت إلى اللقاء، قال محاولاً الرد على شكوكهم قبل أن ينطقوا بكلمة واحدة: «إوعوا تفتكروا إن كل ما ترونه بالتليفزيون صحيح، لأ، هذه صورة مكبرة عشرات المرات للمظاهرات التى تشاهدونها»، نظر الحاضرون فى دهشة، فالرئيس على حد علمهم لا علاقة له بحركة الكاميرات، هم يعرفون عنه فقط حركة «الإصبع»، لكنه على الفور راح يوضح بالقول: «كل 10 أو 15 شخصاً يخرجون للشارع تصحبهم 10 أو 15 كاميرا، ويصرخون: «الحق مصر بتولّع.. الحق مصر بتولع» أى على طريقة «امسك حرامى»!!
أدرك الرئيس أن حواره هو من طرف واحد، إنه يؤمن بالمشاركة المجتمعية، قرر أن يلعب «قافية» مع الحاضرين قال لهم: «جراب الحاوى مليان.. بيمد إيده.. مرة يطلّع حمامة، وفى المرة الجاية.. هييه.. يطلّع إيه؟».. فرد أبناء العشيرة «يطلّع تعبان» ابتسم وقال «هو ده الكلام»!!
استكمل مرسى حديثه وقد أعجبه هذا الحوار الديمقراطى الخلاق، قال متسائلاً وقد أعجبه حديث القافية: «طيب لو مات القرد، القرداتى يشتغل إيه؟»، كان السؤال صعباً ومفاجئاً يا ريس، لقد أفحم الحاضرين، ابتسم وقال، واصفاً حديث الذين لا يملون من الكلام عن إفلاس الدولة وأخونتها بأن حديثهم هو «زن ناموس»!! لم يشرح المصطلح، ولم يوضح مضمونه، تعامل بمنطق «الحق أبلج، والباطل لجلج»، وترك الحاضرين يضربون أخماساً فى أسداس عن ماهية «زن الناموس»!!
توالت المصطلحات تباعاً، أطلق الرئيس المزيد منها، ثم أراد أن يختتم اللقاء بحسن الحديث، وطيب الذكر، فدعا المغتربين إلى الادخار فى مصر، وقال: «أدعوكم للادخار وأنتم مطمئنون، لا تصدقوا من يقول إن البنوك ستفلس ومصر ستقع»، ثم نظر إلى الحاضرين نظرة لا تخلو من دلالة وقال بلغة حاسمة: «وقعة فى ركبكم كلكم».[Image_2]
تحسس الحاضرون ركبهم، هناك من ظن أن الرئيس يقصدهم، لأنه تحدث بصيغة مباشرة إليهم، وهناك من قال إن الرئيس يقصد الركب غير الإخوانية من الحاضرين، إلا أنه وللحقيقة فإن الرئيس كان يقصد رُكب ال10 أو 15 «فردة كاوتش» الذين يحدثون القلاقل فى مصر.
وبهذه العبارة الرائعة أنهى الرئيس حديثه، مع ال600 مصرى الذين قيل إنهم يمثلون الجالية المصرية فى قطر، وتولى فرع «الجماعة» فى قطر دعوتهم إلى حضور لقاء الرئيس، الذى تميز بالشفافية والصراحة والدعاء على المعارضين بوجع «الركبة، والمفاصل»!!
والغريب أن الرئيس نسى فى غمرة هذا اللقاء، أن يصدر بياناً يرد فيه على ما نسبه إليه المهندس أبوالعلا ماضى من أنه قال له: «إن المخابرات العامة المصرية تركت عملها -فى مقاومة التجسس والتآمر على مصر- وأنشأت تنظيماً من البلطجية يصل تعداده إلى 300 ألف بلطجى، سلمته للمباحث الجنائية ومنها إلى أمن الدولة، التى أطلقته على قصر الاتحادية لمحاصرته وإحراقه»..
كان أمراً تافهاً، ولذلك لم يتطرق الرئيس إليه، لأنه فيما يبدو أنه قال هذا الكلام -حقاً- للمهندس أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط، وهو لا يستطيع أن يكذّبه، بل ربما اتفق معه على إذاعته، ولذلك لم يكن صدفة أن يسرّب موقع الإخوان المسلمين خبراً يقول «إن مكتب إرشاد الجماعة يبحث تعيين د.محمد البلتاجى رئيساً للمخابرات العامة»، باعتبار أن البلد أصبحت «ضَيْعة» للمرشد وإخوانه.. ولذلك مضى الأمر دون أن يتطرق إليه الرئيس أو يتطرق إليه الحاضرون لهذا اللقاء التاريخى الخطير.
ورفض الرئيس مرسى أيضاًً أن يرد على رئيس وزراء قطر، الذى اتهم الإعلام المصرى بأنه إعلام مرتشٍ وفاسد ويتلقى أموالاً من الخارج للهجوم على قطر، باعتبار أن الرئيس لا يختلف كثيراً مع رئيس وزراء قطر فى اتهامه للإعلام المصرى، فهذا يحرّض وذاك يحرّض، وهذا يتهم والآخر يتحدث عن الإعلاميين من عينة «الواد أبوشعر» يقصد وائل الإبراشى، وفضائيات الفلول وغير ذلك، ولهذا أطلق عليهم جميعاً ميليشيات تحاصرهم فى مدينة الإنتاج وتؤدبهم باعتبارهم «فِرَد كاوتش» لا يتم التعامل معها إلا بحرقها..
بعد هذا الحوار الخلاق، كان طبيعياً أن يسافر الرئيس إلى جنوب أفريقيا للمشاركة فى قمتى «بريكس، والنيباد» ومن هناك طلب من متحدثه الرسمى أن ينفى ما أثير حول قيام الحكومة القطرية بإنشاء مقر للجامعة العربية فى قطر، باعتبار أن انتشار الشائعة من شأنه أن يسىء إلى قطر الشقيقة، لكنه بالقطع لم يكن معنياً بما يثار حول المخابرات العامة المصرية والتحريض السافر ضدها وضد الإعلاميين والصحفيين المصريين.
كانت المفاجأة هناك فى تلقيه خبراً صادماً؛ لقد أصدرت دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة حكماً تاريخياً يتضمن إلغاء القرار الجمهورى رقم «386» الصادر بتعيين المستشار طلعت عبدالله، نائباً عاماً، واعتباره كأن لم يكن، وما يترتب عليه من آثار!!
أدرك الرئيس أن «لعنة» المستشار عبدالمجيد محمود ستظل تطارده أبد الدهر، داخل البلاد وخارجها، بالضبط كلعنة «الفاتيكان» التى تبقى بلا سفير، وكلعنة «المنوفية» التى لا تزال بلا محافظ منذ تعيين محافظها السابق د.محمد على بشر، وزيراً للتنمية المحلية، ولم يعثر الرئيس حتى الآن على سفير يقبل الذهاب إلى الفاتيكان، ولا محافظ يتربع على عرش المنوفية!!
ثار مرسى وغضب عندما سمع بحكم المحكمة، تساءل: إيه الحكاية، من الذى يلعب «بإصبعه» فى القضاء؟ لقد ظن أن الأمر قد حُسم، لكنه فوجئ بأن «الفلول» فى كل مكان، كان يظن أن المحكمة الدستورية قد تم تطهيرها بعد إبعاد المستشارة «تهانى الجبالى»، لكنه أدرك أن الأزمة فى كل أعضائها، وها هو المشهد يتكرر فى محكمة استئناف القاهرة، بالضبط كما حدث فى محكمة القضاء الإدارى التى حكمت بإحالة قانون انتخابات البرلمان إلى المحكمة الدستورية لوجود شبهة بطلان فيه.. إنه «النحس» يطارده فى كل مكان.
ترك الرئيس كل شىء، وراح يبحث الأمر مع مستشاريه، بينما طلب من ابن أخته «أسعد الشيخة»، نائب رئيس الديوان، أن يتواصل مع مكتب الإرشاد لأخذ الرأى السديد فى هذا الحكم العتيد!!
مسكين هذا الرئيس، لقد حاصرته الأزمات من كل اتجاه، لكن أزمة المستشار عبدالمجيد محمود تلازمه منذ صدور قراره فى 11 أكتوبر بتعيينه سفيراً لمصر فى الفاتيكان، كحل لإبعاده عن منصب النائب العام..
يومها قال الرئيس كلاماً، ثم عدل عنه بعد أن أعلن المستشار عبدالمجيد محمود رفضه لقرار إقالته، هناك فى القصر الرئاسى استمع إليه، شعر أنه أخطأ، قال إن المعلومات التى نُقلت إليه دفعته إلى إصدار هذا القرار، لكنه مضطر إلى التراجع عنه..
لقد خرج المستشار مرتضى منصور على إحدى الفضائيات ليحكى رواية فى منتهى الخطورة، لم تكذّبها الرئاسة أو ترد عليها، لقد قال مرتضى منصور: «إن الرئيس انتحى يومها بالنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود جانباً، وطلب منه عدم التطرق إلى بعض القضايا والبلاغات المقدمة إليه والتى تخص جماعة الإخوان، وموقعة الجمل، فى مقابل بقائه فى منصبه، إلا أن المستشار عبدالمجيد محمود رفض ذلك».
يومها شككت فى رواية المستشار مرتضى منصور، وانتظرت تكذيب الرئاسة، إلا أن ذلك لم يحدث.
وعندما عاد النائب العام إلى دار القضاء العالى، وصعد إلى مكتبه استقبله المئات من أعضاء نادى القضاة بهالة من الترحيب والدعم والتأييد، وكان الرجل يظن أن القضية قد انتهت، وأن المشكلة قد حُسمت وأن الرئيس أغلق الملف، بعد أن أثنى عليه، وأكد احترامه للقضاء والقضاة.
فى هذا الوقت اعتبرت جماعة الإخوان أن الرئيس قد رضخ، واستجاب، وكان عليه أن يرفض ويعاند ويكابر، لذلك كان القرار الملزم، لا بد من إبعاد عبدالمجيد محمود عن منصب النائب العام، والإتيان بنائب عام جديد، يكون مستعداً للاستجابة، وهكذا جاء السيناريو الجديد..
كان الأمر مباغتاً، فوجئ المستشار عبدالمجيد محمود، قرر أن يلملم أوراقه بمجرد أن وصلته المعلومات التى أشارت إلى قرب صدور إعلان دستورى يوم 22 نوفمبر، يجرى بمقتضاه عزله من وظيفته..
فى هذا اليوم احتشد الأنصار والمرابطون أمام دار القضاء العالى حتى قبل أن يصدر القرار، لقد كانت التعليمات لهم جميعاً: ازحفوا إلى دار القضاء العالى، هناك قرارات حاسمة تحتاج إلى دعمكم..
كانت الأنباء قد أشارت فى هذا الوقت إلى أن النائب العام الجديد المستشار طلعت إبراهيم، قد أدى القسم أمام الرئيس فى التو واللحظة، وأن التعليمات صدرت إليه بأن يتسلم مكتبه فى اليوم ذاته، حتى يقطع الطريق أمام المستشار عبدالمجيد محمود، وبالفعل وصل الرجل إلى مكتبه بعد منتصف ليل اليوم ذاته، وأدلى ببيان تليفزيونى من مكتبه فى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، بصورة أثارت حسرة الكثيرين!!
لقد أقنعوا الرئيس فى هذا الوقت بضرورة الإسراع، كان هناك من يرى الانتظار لحين إصدار الدستور الجديد، والذى بمقتضاه يجرى عزل النائب العام بطريقة معقولة، وإذا اعترض البعض يقال لهم إن الدستور جاء باستفتاء من الشعب، إلا أن الجماعة والرئيس رأوا أن الأمر يجب أن يحسم فوراً، مهما كانت النتائج..
لقد قالوا للرئيس فى هذا الوقت، إن المحكمة الدستورية العليا المقرر انعقادها فى 2 ديسمبر للنظر فى بطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية قد تصدر حكماً يحل المجلس ويبطل الجمعية، وإنه من الأفضل تحصين قراراته والتصدى لحكم المحكمة المتوقع، بل وترك العشيرة وحلفائها يحاصرون المحكمة الدستورية، ولذلك يتوجب إصدار الإعلان الدستورى للتخلص من النائب العام وحكم الدستورية المتوقع على السواء!!
وفعلها الرئيس، وأثار الدنيا من حوله، لكنه لم يكترث، حتى وقعت الفاجعة، بصدور الحكم التاريخى الذى بموجبه يتوجب عزل النائب العام، المستشار طلعت عبدالله، وإلغاء قرار الرئيس بتعيينه.
السؤال: ماذا سيفعل الرئيس؟!
دعنا من أحاديث أساتذة القانون أو القضاة، القضية الأهم ماذا عن رأى مكتب الإرشاد؟!
حزب الحرية والعدالة -«الإصبع» السياسية للإخوان- أصدر بياناً اكتشف فيه أن الحكم الصادر بعودة عبدالمجيد محمود حكم ابتدائى، قابل للطعن، كما أن الحزب ليس طرفاً فى النزاع القضائى وهو -قال إيه- لا يعلّق على أحكام القضاء..
والأغرب من كل ذلك أن المتحدث الرسمى، السيد مراد على، قال: «نحن نحترم أحكام القضاء، ولا يسعنا إلا أن نؤكد على القاعدة التى لا تحتمل الجدل، وهى أن الشعب هو مصدر السلطات، وأنه لا كلمة تعلو فوق كلمة الشعب، وقد أقر الشعب المصرى العظيم بغالبية الثلثين فى دستوره الدائم أن منصب النائب العام بطبيعته محصّن ولا يجوز عزله».
إذن هذا هو الموقف الحاسم، دعنا من حديث المستشار الزند أو المستشار البشرى أو غيرهما ممن تحدثوا عن أن الحكم واجب النفاذ فوراً، فكل هذا لا قيمة له فى عرف الجماعة والرئيس..
لكل ذلك جاءت مبادرة جبهة الإنقاذ استباقية وحملت هذه المرة عنوان «مبنتهددش» على وزن «ميحكمش»، وقررت الزحف إلى مبنى دار القضاء العالى صباح اليوم الجمعة، وهى رسالة حاسمة تحوى رداً مفحماً على مقولة الرئيس من الإصبع إلى الكاوتش، وعلى تهديدات النائب العام والتحقيق مع النشطاء بعد موقعة «أُحد 2» فى المقطم، والتى اعتلى فيها الإخوان الهضبة، بينما بقى النشطاء فى ميدان النافورة، فإذا بمن هم أسفل الهضبة يزحفون إلى أعلاها، فيحدثون انقلاباً فى كل النظريات العسكرية بعد أن حققوا نجاحاً مبهراً فى مطاردة من هم أعلى الهضبة مع أن العكس كان يجب أن يحدث!!
من هنا كان طبيعياً أن يجتمع مكتب الإرشاد برئاسة المرشد فى مبنى الجماعة -أقصد الجمعية- بالمقطم، ليناقش أموراً سياسية رغم أنه ضد قانون الجمعيات الأهلية، ثم يبدأ فى وضع خطط مواجهة المتظاهرين والنشطاء والمحرضين، لتهذيبهم، وتأديبهم وسجنهم وتجريسهم.
ألم يقل الرئيس مرسى منذ أيام إنه سيلجأ إلى سجن المعارضين، وإذا لم يحدث ذلك، فسوف يشير إليهم بالبنان «ليحاسبهم الشعب على فعلتهم، باعتبارهم يعوقون المسيرة»..
لا تنزعجوا أيها المصريون، لا تقلقوا، طالما أن الرئيس مطمئن، فكلنا مطمئنون، الوطن يتقدم رغم مؤامرة ال15 «فردة كاوتش» مصر فى أمان رغم «الصوابع» اللى بتحاول تلعب، حقاً «جراب الحاوى مليان، يمد إيده، مرة يطلع «حمامة» ومرة يطلع «إخوان»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.