عام ونصف العام وما زال الجنين لم يكتمل.. لا يرغب فى المجىء، بينما تقف الجموع فى الخارج بانتظاره، تتشوق لرؤية وجهه المصرى الجديد، وتتلهف لصرخته التى ستملأ الدنيا ضجيجاً مبهجاً.. الجنين القادم هو أول جنين للثورة الذى من أجل أن يأتى دفعَت العائلة المصرية كلها فاتورة باهظة جدا وتحمَّلت كل آلام المخاض كى ترى فى النهاية طفلها الوليد مبتسماً عفياً.. بذلت العائلة الطيبة الفقيرة كل ما فى وسعها وادّخرت من قوتها الكثير حتى انتهى المطاف بها واقفة بالملايين على باب غرفة العمليات تنتظر بالساعات والليالى والشهور. تسبّبَ الطبيب، الذى كان يُعلق لافتة كبيرة فوق عيادته الفخمة والذى لم يكن مُتمرساً فى مهنته، فى حدوث النزيف المتوالى وإراقة الدماء فى كل الميادين بينما كان كل فريق العمل بالداخل يتعمّد إجهاض الجنين فى الخفاء.. فجأة اكتشفت العائلة المصرية حجم الجريمة وراحت تلهثُ باحثة عن الروشتة القديمة علها تنقذ الجنين فى اللحظات الأخيرة، فوجدت أولى التعليمات والنصائح التى كتبها طبيب الثورة منذ عام مضى أن تهتف العائلة فى كل مكان فى صوت واحد: الشعب يريد إسقاط النظام.. الشعب يريد إسقاط النظام. وعلى وقع الهتاف كانت تتردد فى الأجواء صرخات الجنين قادمة من بعيد.