قالوا فى المأثورات: «إنّ الحماقة أعيت من يداويها»! وصلنا إذن إلى ممارسة «العصيان المدنى»؛ تلك الجريمة التى أوحى بها البعض تهديدا ثم زحفا وتحقيقا بدعوى «الإنقاذ» ولو بشرب السم للتجربة! كلٌ يريد لدى البلاد «زعامة» ولو بقتلك يابلادى؛ يتسلّطون عليك بكل ما يملكون من غباء وجهالة زاعمين الحب والإخلاص وهم يطعنون ويمزّقون ويعوّقون ويهدّمون ويزوّرون التاريخ ويحرفون الوقائع؛ حتى يسود الباطل ناطقا، بالكذب، مفردات الخير بلا هوادة، لا يرعون فيك إلاّ ولا ذمّة، يكذبون على الأجيال متصوّرين، وَهْما، أن الشهود قد ماتوا! منذ البداية قال قائل منهم: «ذهبت السّكرة وجاءت الفكرة!» وانتشرت المقولة واجترّتها الأشداق ولاكتها الألسن من دون وعى، أو بوعى هادف للتربص؛ كانت «السّكرة» فى مضمون قوله يعنى بها «ثورة الشعب المصرى 25 يناير 2011»، وكانت «الفكرة» التى عناها هى وجوب قفز الذئب لالتهامها! ولم تتردد السيّدة، التى ورثت أهم وثائق مصر وجعلتها تحت يدها للاستغلال الخاص من دون أى وجه حق، لم تتردد فى نعت ثورة شعبك الصادق يابلادى ب«التمرّد»، ذلك وهى تختار لك الضابط الذى تمنّت أن يحكمك بالنار والحديد؛ رأت السيّدة الضرورة فى «شرب السم للتجربة»، بعد أن تأكّدت من جدوى «التجربة»، لأن منهاج القتل والاغتيالات الخفية المتبادلة بين العُصْبة: ميراثها ومرابع طفولتها التى تربت عليها وتنشّأت فى أجوائها! كيف ورثت السيّدة الوثائق؟ نذكر أنه فور تخرجها تم تعيينها وزوجها لإدارة سكرتارية والدها رئيس الجمهورية، نعم نعم هكذا على «كيف كيفها»، كما يقول شعبنا عن المدللين! كل أسرار البلد وملفّاته تحت ناظرى حضرتها وزوجها وبعض المُعاونين ل«التكويش» من ذوى الحظوة المسبحين الحامدين الشاكرين الساجدين للسيد الرئيس والفارحين بنجاته «يوم المنشية»، ولا أدرى متى دلفت أختها إلى السطوة الرئاسية لتشاركها «الأعباء» ومعها زوجها «القمّور»، على حد وصفها له، الذى ذاعت شهرته بعد ذلك بامتلاك إمبراطورية معلومات ووثائق هائلة ساعدت كثيرا فى تعميم مبدأ «شرب السم للتجربة». منذ البداية كانت الاستهانة بالحشد الشعبى الذى هرع إلى الميدان يؤازر الثورة؛ قالت فلولهم، وهم يتأسفون للقتلة واللصوص، «وماذا تعنى هذه الملايين؟ نستطيع أن نأتى بمثلها»! كان التربص، بعد أن باغتتهم الملايين الشعبية الصادقة بالثورة الحقّة، حتى تمكنوا، بحصاد الأخطاء التى تناثرت على الساحات، من التقدم لاستعادة توازنهم؛ أنزلوا ثعابينهم وقد جاءت الفرصة لإنجاز «فكرتهم»، وتحرّكت معهم الخلايا النائمة لحزب الطليعة السّرى، (الذى صاغته عقلية الستينات الاستبدادية، وما أدراك ما الستينات، للتجسس على أنفاس الشعب المصرى وشل إرادته الحرّة)، وشمرت كوادرها عن سواعدها لتعيد، عبر القول الإعلامى والفعل «الجَبَهَاتى»، الآلية الشريرة، التى عرفناها حق المعرفة وعانينا منها فى المرحلة الواقعة بين 1954 و1970، القادرة على تحريك الجموع المنتحلة لصفة «الشعب يريد» وفقا لأغراضها ومصالحها؛ إن مقاطعة للانتخابات أو شحذا لتوسيع رقعة جريمة العصيان المدنى. ماذا أقول لك يا بلادى سوى أننى، رغم تفاؤلى، موجوعة بارتفاع الضغط ومعدّلات القلق والخوف؟