سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قبر «بلعيد» فى حماية الجيش التونسى.. والزائرون: «مطارد حياً وميتاً» سلفيون هددوا بنبش القبر بحجة أنه كان ملحداً ولا يجوز دفنه مع المسلمين.. وزائرة: لا نثق فى التحقيقات التى يديرها الإسلاميون
اضطر الجيش التونسى، لأن يوفر حماية خاصة لقبر «شكرى بلعيد» القيادى الليبرالى الذى قُتل مؤخراً برصاص متشددين، من خلال مدرعة و6 مجندين، وهى الحماية التى لم يحظ بها «بلعيد» أثناء حياته، وذلك بعد أن خرجت دعوات لنبش القبر بحجة أنه «ملحد ولا يجوز دفنه بمقابر المسلمين تارة»، أو بحجة أنه لا يجوز دفنه بجوار زعماء عظام قادوا تونس للتحرر تارة أخرى. ويقول رياض عبدالسلام، المهندس الذى قطع أكثر من 20 كيلو هو وزوجته ليقرأ الفاتحة على قبر «بلعيد»: «مطارد حياً وميتاً»، ورغم أنه ليس من أقاربه، فإنه أكد أنه مؤمن بأفكاره ومقتنع بكل ما كان ينادى به، وقال: «بالنسبة لنا بلعيد رمز كبير ضحى بحياته من أجل تونس والتونسيون، لذا آتى أنا والمئات من التونسيين لقراءة الفاتحة له». وأضاف: «العشرات من الأسر والأطفال والشباب يأتون إلى مقبرة الشهداء لقراءة الفاتحة على بلعيد، وتحولت المقبرة إلى مزار، وكأنهم جاءوا ليردوا الجميل لبلعيد الذى ظلم حياً وميتاً، ظلم حياً بتهديده واغتياله، وميتاً بمحاولات خسيسة لنبش قبره، نعرف أن السلفيين لا يحبونه لكن أن تصل الأمور لحد التهديد بنبش القبر وإخراجه منه، فهذا كثير وغير مقبول، لقد واجههم بلعيد طوال حياته وما زال يواجههم فى قبره، لقد استكثر عليه البعض أن يدفن هنا فى مقبرة الزعماء بجوار مناضلين حاربوا لسنوات لمنح الاستقلال لتونس، وأعتقد أنه لم يقل عنهم هو أيضاً ناضل من أجل رفع الرأس التونسى عالياً». «الوطن»، رصدت الحاج إبراهيم مغنى وهو يصعد السلالم القليلة لمنطقة مقبرة الشهداء متعكزاً على حفيده الصغير مرتدياً «الكبوس الأحمر»، على رأسه - غطاء الرأس التونسى الأشبه بالطربوش- وقرأ الفاتحة، ثم همس لحفيده بمعلومات عن صاحب القبر قائلاً: «لم أكن أعرفه لكنه رجل طيب». ويضيف: «جئت إلى هنا ومعى حفيدى ليعرف من هو شكرى بلعيد، ولماذا اغتيل غدراً»، وبعد أن ألقى نظرة سريعة على القبر المغطى بالورود، أضاف: «الجمعة الماضى كنت أصلى فى مسجد فى مدينة منوبة يبعد عن هنا حوالى 15 كيلو وإذا بى أجد أمامى شكرى مبتسماً طالباً الاطمئنان على بناته كان يبدو سعيداً مرتاحاً، لذلك علمت أنه كان رجلاً طيباً فجئت اليوم ربما ألقى أحداً من أسرته فأبلغه ما رأيت، وحتى يتعلم حفيدى مَن هذا الرجل». مشهد آخر بدا غريباً.. سيدة مسنة سمراء تبدو على وجهها علامات السنين وآلام الحزن دخلت بصحبة شاب، وقفت للحظات أمام القبر تتضرع فى خشوع كبير لله أن يتغمد الشهيد برحمته، لحظات وانصرفت رافضة الحديث مع أى شخص، وبينما كانت دموعها تجف من على سطح القبر الرخامى، كانت دموع «نجاة» التى تعمل فى مجال التجميل تنهمر فى صمت جاءت ومعها زوجها نزار لقراءة الفاتحة قالت: «لا نثق فى التحقيقات الجارية، حركة النهضة هى المتهمة وهى الحكم فى نفس الوقت، لقد غدروا به ويريدون تدمير كل الأدلة»، مسحت دموعها ثم أضافت: «لقد قتلوا الشعب كله معه، ونزعوا الأمن والأمان، نحن الآن خائفون من موجة جديدة من الاغتيالات وهناك قائمة تضم إعلاميين وسياسيين ومثقفين روجها الإسلاميون، ولا أعرف ماذا يريدون، كنا نعيش فى أمن، لم يكن أحد يسأل الآخر عما يفعل، من كان يريد أن يذهب للمسجد يذهب ومن كان يصلى يصلى ومن كان يرقص يرقص، لم يكن أحد يتدخل فى حياة الآخر، الآن هم يتدخلون فى كل شىء».