بالقرب من الكنيسة المعلقة فى مصر القديمة، وإلى جوار مركز «درب 1718» الثقافى، لوحة كبيرة على واجهة إحدى الورش كُتب عليها «النافذة»، وهى بالفعل نافذة صغيرة لعالم مختلف، فالورشة التى يتكون قوام عامليها من النساء، تقوم بصناعة الورق يدوياً باستخدام قش الأرز دون الاستعانة بأدوات صناعية حديثة، وهى بالأساس مشروع تنموى يقوم على مبدأ «لنستفد من قش الأرز بدلاً من حرقه». ألوان زاهية تحيط جميع جدران الورشة الكبيرة، فهنا طاولة كبيرة يجلس عليها أكثر من 7 سيدات يعملن فى صمت بين مئات من القطع الورقية ذات الملمس المختلف بحكم طبيعة صناعتها، والألوان المبهرة التى تعبر عن ذوقهن الرفيع، وهناك خلف الحجرة التى توجد بها الطاولة المرحلة الأولى من صناعة الورق يدوياً، وهو عبارة عن مغطس صغير يتم نقع قش الأرز فيه لمدة يومين، وبعدها مرحلة ما يطلق عليه «تسويته» أى غليه فى مياه ساخنة، لطحنه ثم إعادة غسله بالماء مرة أخرى، ثم وضعه فى قوالب خشبية و«نشر» الورق على الجدران ليجف. فاطمة أحمد - 28 عاماً - واحدة من أقدم العاملات فى مشروع النافذة، ترتدى «كازالك»، وما يشبه «الأفرول» وتعمل فى شراء «بالات» قش الأرز من أحد التجار لتقوم بعملية تصنيعه يدوياً: «بتضايق لما بشوف قش الرز بيتحرق وبيلوث البيئة، أنا نفسى كلنا نستخدمه فى حاجات مفيدة بدل ما نحرقه والناس تتعب من ريحته»، فاطمة بالأساس خريجة معهد كمبيوتر، لكنها منذ وطئت قدماها «النافذة» عام 2005 وهى تعشق هذا العمل، حيث تقوم بتصنيع عبوات الهدايا والكراسات والبراويز الملونة من الورق بشكل فنى لا يتكرر: «أغلب زبائننا من الأجانب المقيمين فى مصر الذين يقدرون هذا الفن، لكن يوجد أيضاً بعض الزبائن من المصريين الذى يستخدمون ورق قش الأرز لصناعة أفكار جديدة، فأحياناً يتم استخدام هذا الورق فى عمل دعوات الأفراح».