في الوقت الذي باتت فيه السحابة السوداء ضيفًا موسميًا علي سماء القاهرة الكبري ومحافظات الوجه البحري بسبب قيام المزارعين بحرق قش الأرز والذي أدي إلي ارتفاع نسبة الحوادث علي الطرق وزيادة الاختناقات بالإضافة إلي زيادة نسبة الإصابة بأمراض الصدر والالتهاب الرئوي لجأ مزارعو قري طوسون والضبعية وغين غصين بالإسماعيلية إلي طريقة مبتكرة للاستفادة من قش الأرز في زراعة الخضروات عن طريق تحويله إلي بالات تستغل كتربة بديلة للأراضي غير الصالحة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الأملاح بها. «روزاليوسف» تجولت بين أرجاء القري الثلاث للتعرف علي طرق استغلال قش الأرز ومدي نجاحها في زراعة أنواع الخضر المختلفة. يقول عادل عبدالمقصود «مزارع» إن استغلال قش الأرز كتربة يساهم في توفير المبالغ الكبيرة التي كان ينفقها المزارعون علي تحسين تربة الأراضي غير الصالحة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الأملاح بها عن طريق شراء كميات كبيرة من الأسمدة. وأنه بدأ في استغلال القش بعد حضوره دورات عقدت بمركز الإرشاد الزراعي في القرية لتوعية المزارعين بطرق الاستفادة من قش الأرز عن طريق استخدامه كعلف للماشية أو تربة صالحة لزراعة جميع أنواع الخضروات بعد تجميعه في «بالات». ويشير محمد الزناتي «مزارع» إلي أنه كان يعاني في بداية تنفيذه لتجربة تحويل قش الأرز إلي تربة بسبب فشله في شراء كميات مناسبة من القش حتي اتفق مع عدد من مزارعي الأرز علي شراء هذه الكميات فور حصادها للمحصول لافتًا إلي أن المبالغ التي ينفقها علي شراء القش تقل بكثير عن تكاليف تسميد التربة حتي تكون صالحة للزراعة مما ساهم في توفيره لمبالغ كبيرة. ويوضح نوح إبراهيم أحد المزارعين أن قيام زارعي الأرز برفع الأسعار أدي إلي عدم تنفيذه للتجربة هذا العام مشيرًا إلي أنه سيبدأ في تخزين «البالات» مع بداية الموسم القادم بعد أن لاقت التجربة نجاحًا كبيرًا وساهمت في توفير مبالغ طائلة كان ينفقها المزارعون علي شراء الأسمدة والمبيدات. ويضيف عيد فياض «مزارع» أن دورات مركز الإرشاد الزراعي في القري كانت وراء بدء المزارعين في تنفيذ التجربة والاستفادة من قش الأرز في إنتاج محاصيل خالية من التأثيرات السلبية للمبيدات. ويلفت سيد دسوقي «موظف» إلي أنه لا يمتلك أرضا زراعية وبالرغم من ذلك قام بتنفيذ التجربة عن طريق شراء البالات وزراعتها فوق سطح منزله مما ساهم في توفير احتياجاته من الخضروات. ويؤكد نور حسن مدير مركز الإرشاد الزراعي بقرية طوسون أن التجربة ساهمت في القضاء علي عمليات حرق قش الأرز بالقري التي نفذت فيها خاصة في ظل حرص المزارعين علي بيع القش فور جنيهم للمحاصيل لزملائهم الذين يقومون بتحويله إلي بالات واستغلاله كتربة لزراعة الخضروات. ويضيف حسن أنه تم البدء في التجربة منذ عامين بعد عقد مراكز الإرشاد الزراعي بالقري ندوات بهدف توعية المزارعين بسبل استغلال قش الأرز عن طريق تجميعه في بالات بداخل صوب تصل مساحتها إلي 90 مترًا وغمر هذه البالات بالمياه لمدة 15 يومًا ثم نشر البذور لتبدأ في النمو. ويوضح مدير المركز أن إجمالي المساحات المنزرعة بالخضر في القرية يصل إلي 4 آلاف فدان منها 30% منزرعة ببالات قش الأرز مشيرًا إلي أن مديرية الزراعة أعدت خطة للتوسع في تنفيذ التجربة بباقي قري المحافظة. وأيضا يمكن أن تنتج الأعلاف غير التقليدية من مخلفات قش الأرز، لتقليل استيراد الذرة الصفراء والأعلاف المركزة، وتوفير العملة الصعبة، وتتم عن طريق المعاملة باليوريا حيث يتم معاملة المخلفات الزراعية «قش الأرز - تبن القمح - الحطب» بمحلول اليوريا بنسبة 4% من حجم القش لزيادة المحتوي الأزوتي لهذه المخلفات، وارتفاع القيمة الغذائية لهذه المخلفات. وبالرغم من ذلك يقوم 60% من المزارعين بحرقه والباقون يقومون ببيعه أو إعادة تدويره وتؤكد الدراسات الاقتصادية أن الاقتصاد المصري يخسر 10 مليارات دولار سنويا بسبب السحابة السوداء. وتقول الدكتورة حنان المرزوقي استاذ مساعد أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة قناة السويس إن استخدام بالات الأرز كتربة يضمن عدم إصابة المحاصيل بالفطريات التي قد تضر بصحة الإنسان خاصة في ظل عدم امكانية انتقال مرض النياموتودا إلي هذه التربة بالاضافة إلي دور التجربة في الحد من عملية حرق القش والسحابة السوداء التي تنتج عنه. وتضيف المرزوقي أن قش الأرز لا يحتاج إلي اضافة الأسمدة لانتاج المحاصيل بالاضافة إلي استحالة نمو الحشائش علي التربة التي تتكون من بالاته موضحة أن القش يمكن أن يستخدم في الزراعة لمدة عامين متتاليين علي الأقل فضلا عن أن تكرار اضافة قش الأرز أثناء هذه المدة يساهم في تحسين خواص التربة وزيادة خصوبتها. وأكدت جهود القوات المسلحة للحفاظ علي البيئة والحد من ظاهرة حرق القش المسبب الرئيسي للسحابة السوداء، حيث بدأت إجراءات تنفيذ بيان عملي لمنظومة العمل الآلي لجمع وكبس القش الناتج عن محصول الأرز والمعدات المستخدمة بها في قري كثيرة بجميع محافظات مصر، والقيام بحملات توعية للمزارعين بالمخاطر الناجمة عن حرق قش الأرز، وتحفيزهم للاستفادة من الخدمات التي يقدمها المشروع، مع وضع خطة زمنية لحصاد المساحات المزروعة وجمع القش الناتج باستخدام الطرق والوسائل الحديثة، وإعادة استخدامه كعلف للماشية أو تحويله إلي سماد، وذلك بمصانع السماد العضوي. يشارك في المشروع أكثر من 1540 فردا من خارج الوعاء التجنيدي للقوات المسلحة، بعد تأهيلهم وتدريبهم علي استخدام أحدث معدات الحصاد وجمع و كبس قش الأرز وصيانتها علي أيدي الخبراء والمتخصصين كما يشارك في موسم الحصاد هذا العام أكثر من 692 معدة موزعة ما بين المكابس المتطورة بأنواعها المختلفة، والتي انضمت حديثا باجمالي 189 مكبسا و229 جرارا متنوعا و20 لمامة و20 كومباين و16 عربة جاك تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة وجهاز شئون البيئة. أضاف طارق سلامة خبير باحدي شركات تدوير المخلفات الزراعية ان مشكلة حرق قش الارز وعدم الاستفادة من تدوير المخلفات الزراعية يرجع الي ان الدولة عند طرح المناقصات تأخذ علي كل طن 40قرشا زيادة علي السعر الاصلي فيضطر المستثمر ان يقلل الكمية فالدولة تقوم بتطبيق نظام ادفع اكثر تأخذ اكتر فمن الضروري ان تقوم الدولة بإعطاء المستثمر الكمية المراد تدويرها عن طريق نظام حق الانتفاع والتعاون مع القطاع الخاص لمدة 20سنة علي الاقل لتحويلها الي صناعة وليست مجرد حل للمشكلة ايضا توعية الفلاح بأهمية صناعات قش الارز فهناك الكثير من الصناعات التي يمكن ان تستخرج منه كصناعة الخشب والاسمدة والغاز الطبيعي والكهرباء وعلف للحيوانات وزراعة الخضراوات فلا يجب ان يتم معاملة قش الارز علي انه يسبب السحابة السوداء فقط ويجب التخلص منه ولكن يجب التعامل معه علي انه ثروة يجب الاستفادة منها. ويذكر ان هناك فريقاً بحثيا بقسم النشاط الميكروبي بمعهد بحوث الأراضي والمياه بمصر لجأ إلي ابتكار أسلوب جديد متكامل لوير المخلفات الزراعية, واستغلالها لتوفير الأعلاف الخضراء علي مدار العام دون الحاجة لوجود تربة الصالحة للزراعة، خاصة أن هناك عجزا في الاحتياجات الفعلية من الأعلاف المصنعة في سائر الدول العربية، تقدره الدراسات بحوالي 3.5 مليون طن سنويا في مصر وحدها. وتعتمد التكنولوجيا الجديدة علي تجميع المخلفات الزراعية، واستخدامها كوسيط لإنبات حبوب الشعير التي تتميز بارتفاع قيمتها الغذائية، وارتفاع محتواها البروتيني، وقصر دورتها الزراعية، وانخفاض تكاليف إنتاجها، وقلة احتياجها للمياه، وسهولة زراعتها. وتعتمد الفكرة علي الاستفادة من قدرة المخلفات الزراعية علي الاحتفاظ بالماء بما يسمح بنمو "البادرات" في دورة إنبات سريعة تستغرق من 7 إلي 10 أيام, ليمكن بعدها استخدام الوسط بالكامل بما يحويه من سيليلوز وجذور وبادرات خضراء كعلف جيد للحيوان, حيث تؤدي هذه الطريقة إلي رفع القيمة الغذائية لمخلفات قش الأرز وتبن القمح وحطب الذرة، عن طريق استخدامها كمرقد لإنبات حبوب الشعير عليها, وذلك عبر إعداد وحدات صغيرة المساحة، علي شكل صوبة أو تعريشة أو حجرة. وتحتاج الوحدة إلي عامل واحد لتشغيلها, وتبلغ قدرة الوحدة الإنتاجية 200 كيلوجرام للدورة الواحدة من الأعلاف ذات المحتوي العالي من البروتين الخام، التي تصل إلي أكثر من 12% والمحتوي المرتفع من الطاقة. ويؤكد أحد المختصين علي صلاحية "بادرات" الشعير المنتجة بهذه التكنولوجيا، لتغذية الماشية وكافة الحيوانات والطيور الحقلية، كما تستخدم المخلفات الناتجة عن إنتاج الأعلاف الخضراء، بهذه الوسيلة، كسماد عضوي للأرض, بحيث لا يهدر أي جزء منها، ويمكن الاستزراع بهذه الطريقة علي مساحات الفضاء غير المستخدمة في الزراعة والأراضي البور وأسطح المنازل وزرائب الحيوان، وهو ما يوفر الأعلاف الخضراء دون الحاجة لزراعتها في الأراضي الزراعية. وقد أظهرت التجارب التي أجريت لتغذية الأرانب بالعلف الناتج بهذه الوسيلة، بنسب استبدال 50% من العلف المركز، نتائج ممتازة، كما أعطت مؤشرات إيجابية عن صلاحية إحلال هذا المنتج بنسبة 100% محل نسبة كبيرة من الأعلاف المصنعة، وهو ما يساعد علي توافر العلف الأخضر علي مدار العام. وتؤكد أيضا أن هذه التكنولوجيا مطبقة بنجاح في محطات التدريب التابعة لوزارة الزراعة بمحافظة القليوبية، وقد أقبل عليها أهالي القرية، وأنها آخذة في الانتشار، وإن كان ينقصها الإعلام الجيد المكثف لتعميمها. من ناحية أخري قام بعض طلاب كليتي الهندسة والتجارة بجامعة عين شمس بتبني فكرة تحويل قش الأرز بدلا من حرقه إلي ورق باستخدام آلة مبتكرة نجحوا في تصنيعها محليا لتحويله إلي منتجات ورقية متنوعة لها فرص تسويقية واعدة محليا ودوليا. وكانت فكرة المشروع ضمن المشروعات السبعة الأولي التي فازت في إطار المسابقة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة «EYE» التي نظمها نموذج محاكاة Als بالاشتراك مع كلية الهندسة جامعة عين شمس. من ناحية أخري قام بعض طلاب كليتي الهندسة والتجارة بجامعة عين شمس بتبني فكرة تحويل قش الأرز بدلا من حرقه إلي ورق باستخدام آلة مبتكرة نجحوا في تصنيعها محليا لتحويله إلي منتجات ورقية لها فرص تسويقية واعدة محليا ودوليا. وكانت فكرة المشروع ضمن المشروعات السبعة الأولي التي فازت في إطار المسابقة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة «EYE» التي نظمها نموذج محاكاة als بالاشتراك مع كلية الهندسة جامعة عين شمس.