سادت حاله من الغليان والغضب الشديدين بين صفوف المئات من أصحاب مصانع الغزل والنسيج الخاصة بمدينة المحلة الكبرى، بمحافظة الغربية، استمرار لتجاهل الحكومة تقديم أي عروض لدعم الصناعة الوطنية وتجاهلها تخفيض أسعار الغزول الموردة من الشركة القابضة للصناعات الغزل والنسيج. وأثار ارتفاع سعر الغزول حفيظة أصحاب المصانع ودفعهم إلى إجراء سلسلة من المفاوضات العاجلة مع وزير قطاع الأعمال العام ورئيس الشركة القابضة للصناعات الغزل والنسيج واللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، وأعضاء مجلس النواب واللجنة الصناعية، سعيا في فحص الأزمة وإيجاد حلول واقعية لها قبل المخاطر التي تهدد بتشريد الألاف من عمال المصانع في حالة توقفها اضطراريا، لعدم توافر سيولة مالية واستمرار سيناريو التخسير في الفترة القادمة. وكان أعضاء الجمعية العمومية برابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج قد أجرت اجتماعا موسعا، مساء أمس، استغرق انعقاده لأكثر من ست ساعات متواصلة، بحضور المئات من أصحاب المصانع وممثلي القوى العاملة وأعضاء من لجان الغرفة التجارية واتحاد الصناعات النسيجية، بمقر قاعة المؤتمرات بجمعية "بيع الغزول" بالمنطقة الصناعية، والتي تحوي أكثر من 950 مصنع في قلب المدينة العمالية. وتناول اللقاء سلسلة من الحوارات الجادة بين أصحاب المصانع الذين أعلنوا عن دعمهم للدولة في السنوات الماضية فى ظل الظروف الاقتصادية العصيبة، عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وأشار بعض من أصحاب المصانع، أثناء الكلمات التي ألقوها ضمن الجمعية العمومية، إلى ضرورة أن تنظر رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وعدد من أعضاء اللجنة الصناعية والاستثمارية التي تضم وزراء الصناعة والقوى العاملة والمالية والتجارة والاستثمار والتخطيط وقطاع الأعمال العام، لوضع حدود واقعية للمشكلات التي تواجه قطاع الغزل النسيج بسبب ارتفاع أسعار الغزول تأثراً بارتفاع سعر الدولار، وتعرض عدد من المصانع للتوقف وتخلي الحكومة عن مسؤوليتها تجاه ذلك القطاع الكبير، الذي يمثل الصناعة الوطنية، ويعد عصب الاقتصاد المصري متأصل طوال أكثر من 50 سنة. وانتهى اللقاء على موافقة أعضاء الجمعية العمومية على تشكيل لجنة سباعية هدفها هو لقاء رئيس مجلس الوزراء، لعرض المشكلات والعوائق التي تهدد مصانع الغزل والنسيج، بغرض الاندثار والانهيار التام، وإرسال فاكسات من أصحاب المصانع الخاصة إلى مجلس إدارة الرابطة ورفعها إلى مسؤولي الشركة القابضة، للإعلان عن المقاطعة الرسمية لشراء الغزول منها نظرا لغلائها والاعتماد على شراء الغزول السورية والأفريقية كونها أقل سعرا وأعلى جودة بصورة مؤقته لحين ثبات تداول أسعار الدولار عالميا. من جانبه، قال المهندس أحمد أبوعمو، رئيس مجلس إدارة رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج، أنه لا صحة لما أشيع حول نية أصحاب مصانع الغزل والنسيج للتظاهر أمام ديوان مجلس المدينة، موضحا: "ليس لدينا نية للتظاهر وعمالنا وطنيين وكلنا وراء الدولة وعلى الحكومة مساندتنا خشية التوقف اضطراريا". وأضاف "أبوعمو" أن الجمعية العمومية لأصحاب المصانع طالبت الحكومة بإعادة هيكلة قطاع صناعة الغزل والنسيج والعمل على تدشين وإعادة الدورة الزراعية مرة أخرى وزراعة القطن متوسط وطويل التيلة وتوفير الدعم اللازم ومكافحة ظاهرة تهريب الملابس والأقمشة من الخارج، عبر المنافذ الجمركية في صورة تهريب دون وجود رقابة حقيقية من الدولة. وأشار رئيس رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج أن مسلسل التخسير والوضع الاقتصادي الأليم بدأ يطل بظلاله على أصحاب المصانع واحدا تلو الأخر وهو ما يهدد بإغلاق ما يقرب من 450 مصنع حتى 800 من أكبر مصانع الغزل والنسيج المسجلة بالمدينة بخلاف المصانع الصغيرة العشوائية، التي تستوعب الآلاف من العمال بسبب تعثر أصحابها وتراكم الديون عليهم بشكل تدريجي في الأونة الأخيرة. في المقابل أضاف حسن بلحة، رئيس مجلس إدارة جمعية الغزل: "لدينا مخزون من الغزول يكفينا لمدة 10 أيام وسنشتري الغزول السورية كونها أرخص سعر وأعلي جودة وصلاحية"، مشيرا أن مجلس إدارة الجمعية لم يقوم بشراء أي كميات غزول جديدة من القابضة نظرا لغلاء أسعارها مشيرا إلى أنه بالفعل مخازن الجمعية تحوي أطنان من الغزول تكفي حاجة التصنيع داخل مصانع الملابس الجاهزة والمنسوجات والوبريات طوال الأسابيع القادمة. كما أوضح "بلحة" أن دور اللجنة السباعية التي أوصي بها أعضاء الجمعية العمومية هو العمل على التحدث والتواصل مع المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، باسم أصحاب المصانع واتخاذ القرارات المناسبة لصالح الجميع بموجب توقيعاتهم مع تحديد موعد مع رئيس الوزراء لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج وسرعة الاستجابة للمطالب، بموجب العمل على فك الحظر عن الحصيلة الدولارية من التصدير، حلاً للأزمة، حتى تدور عجلة الإنتاج مرة أخري، على حد قوله. في ذات السياق، أعلن محمود البلقيني، أحد أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحلة، أن تجاهل الدولة لتلك الأزمة سيتسبب في تشريد الألاف من العمال بسبب إغلاق المصانع بشكل تدريجي اضطراريا وهو ما سيكون عائق كبير في المجتمع وعلى أفراد أسرة كل عامل مضار من الفصل، أو التشريد، مشيرا إلى ضرورة تحرك المسؤولين بالحكومة لعلاج الأزمة. في المقابل، كشفت مصادر داخل مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغزل والنسيج، والتي يرأسها الدكتور أحمد مصطفى، أن الشركة قد تكبدت خسائر مالية تجاوزت الملايين من الجنيهات بسبب توقف حركة بيع وشراء الغزول عن معدل الطبيعي خلال الأشهر الستة الماضية، وهو ما يعد ناقوس خطر كبير يهدد الشركات الصناعية الخاضعة للإشراف القابضة وعلى رأسهم شركة مصر الغزل والنسيج والوبريات سمنود وكفر الدوار وشبين الكوم وغيرهم.