ورد إلى دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الإلكتروني، سؤالا حول فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، وأجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بقول الله تعالي: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: 1-2]، حيث ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الليالي هي العشر من ذي الحجة، والتي يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل، ومنها أنها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه. وأضاف أن العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ". أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.
المقصود بصيام العشر من ذي الحجة
أشارت الإفتاء إلى أن المقصود بصيام العشر من ذي الحجة هو التسع الأُوَل، السبعة الأولى منها، ويوم التروية، ويوم عرفة، موضحة أن الشرع الشريف عبر بالعشر على جهة التغليب؛ لأن صيامَ العاشر مُحَرَّمٌ إجماعًا.
حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة
يستحب صيامها ليس لأن صومها سُنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوم هذه الأيام بخصوصها، ولا الحث على الصيام بخصوصه في هذه الأيام، وإنما هو من جملة العمل الصالح الذي حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في هذه الأيام كما مر في حديث ابن عباس.
حكم صيام يوم عرفة
أما اليوم التاسع من ذي الحجة فهو يوم عرفة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث، وهو سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما حث عليها في كلامه الصحيح المرفوع، فقد روى أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ".. أخرجه مسلم، فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج.
حكم صيام يوم العاشر من ذي الحجة
وتابعت الإفتاء أنه يحرم باتفاقٍ صيام يوم العاشر من ذي الحجة؛ لأنه يوم عيد الأضحى، فيحرم صوم يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق، وهي 3 أيام بعد يوم النحر؛ وذلك لأن هذه الأيام منع صومها، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ" رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
الآداب الواردة في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية
وأوضحت الإفتاء أنه من الآداب في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية: ألا يمس شعره ولا بشرته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا".. أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أم سلمة رضي الله عنها.
حكم الجمع بين صيام العشر من ذي الحجة وقضاء رمضان
أيضًا أوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز للمسلم أن ينوي نية صوم النافلة مع نية صوم الفرض، ويحصل المسلم بذلك على الأجرين. قال الحافظ السيوطي في كتاب "الأشباه والنظائر"، (ص22) عند حديثه عن التشريك في النية: [صام في يوم عرفة مثلًا قضاءً، أو نذرًا، أو كفارةً، ونوى معه الصوم عن عرفة، فأفتى البارزي بالصحة والحصول عنهما، قال: وكذا إن أطلق -أي أطلق نية صوم الفرض- فألحقه بمسألة التحية].
أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة
وفي هذا الشأن قالت الإفتاء من خلال مقطع فيديو لها عبر قناتها الرسمية على يوتيوب، إن أفضل الأعمال هي إطعام الطعام، وصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وترك الخصام، والصيام، وتلاوة القرآن، وصدقة ولو بالقليل.