يمكن أن يحاكَم الرئيس مرسى بتهمة القتل فى حالة سقوط نظامه؛ لأن نائبه الخاص لن يسمح بعكس ذلك، بعد أن سالت دماء الشهداء على سور قصره وفى أماكن أخرى.. لكن التهمة الأخطر التى سيوجهها التاريخ ل«مرسى»، سواء استمر حكمه أو سقط، أنه قتل الأمل والحلم لدى جموع المصريين (باستثناء أعضاء جماعة الإخوان المسلمين)؛ فأبناء الشعب أصبحوا يخافون من الحاضر ولا يبحثون عن المستقبل المشرق. لقد مرت مصر بعد الثورة بمرحلة اضطراب كبيرة، اعتقد الكثيرون أنها ستنتهى بوجود رئيس منتخب، وليتذكر الجميع أن أجمل أيام الفترة الانتقالية كانت خلال شهرى فبراير ومارس 2011؛ حيث اتحد الشعب كما لم يحدث من قبل وتفاءلوا حتى بمن لم يكونوا متحمسين للثورة فيهم؛ لأن الجميع كان يعلم أن مصر تمر بمرحلة تغيير كبيرة للأفضل، وبدأ الجميع يحلم على المستوى الشخصى وعلى المستوى العام أيضاً؛ فالكل كان يطمح إلى «التغيير»، لكن تدهورت الأوضاع، وظل الأمل مرتبطاً بوصول رئيس منتخب للبلاد، لكن الجميع اكتشف أن الأوضاع متدهورة كما هى؛ فمات عندهم الأمل والحلم، وبدلاً من الجدل حول مستوى الأحلام أصبح الحديث الآن داخل أسر كثيرة حول الهروب إلى الخارج، بعد أن «عمَّ» الإحباط ربوع الوطن؛ فلقد كان المصريون يحلمون بإنهاء التبعية لأمريكا فأصبح البلد الآن يتبع قطر وتركيا، بالإضافة إلى أمريكا بالطبع، وكانوا يحلمون بإنهاء ظاهرة «ترزية القوانين»، فظهر لهم «ترزية الدساتير» وبكفاءة أقل بكثير من رموز النظام السابق.. وكانوا يبحثون عن بلد يُدار بالمشاركة وفقاً لمبدأ الكفاءة، فأصبح يدار بفصيل واحد ومبدأ المكافأة.. كما تفاءل المصريون بأن يكون القضاء مستقلاً فأصبح مقيداً ومحاصراً بنائب عام تكون المسافة شاسعة بينه وبين الحاكم، لكن للأسف تلاشت المسافات لدرجة التصاق المؤسستين، كما كان يحلم الشعب بحكم يتسم بالشفافية والوضوح، فأصبح يدار بنفس منهج الإخوان المسلمين السرى، وبدلاً من إجبار الجماعة على تقنين أوضاعها لتصبح «جماعة علنية» تم تقنين وضع مصر لتبقى كلها «سرية». قامت الثورة وامتدت أحلام المصريين إلى رئيس يشعر بهم ويحاورهم ويستجيب لطلباتهم ووزارة داخلية تركز فى العمل الجنائى وليس السياسى وشرطة تحميهم وإعلام مستقل يعبر عن مشاكلهم، فوجدوا رئيساً يقسم البلاد ويدعم الداخلية لتحميه ويطوع إعلام دافعى الضرائب لتسويق قراراته الفاشلة ولا يشعر بأى مواطن قط.. باستثناء خيرت الشاطر وإخوانه. * قامت الثورة وحلم المصريون بتكرار نموذجى ماليزيا والنمور الآسيوية وأن نناطح أمريكا وأوروبا فى التعلم والبحث العلمى؛ فوصلنا بعد 7 أشهر من حكم الدكتور مرسى (قاتل الأمل) إلى أن يخاف المصريون من الغد ويقضوا أوقاتاً كثيرة فى الدعاء ألا تصل مصر إلى سيناريو «غزة» أو العراق أو الجزائر.. ربنا يسامحك يا «مرسى».